الجزائر تعسكر حدودها مع ليبيا

06 ديسمبر 2014
واصل الجيش الجزائري انتشاره الحدودي (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -
وضعت الجزائر وحداتها العسكرية المرابطة على الحدود مع ليبيا، في حالة تأهب برسم مواجهة التهديدات الآتية من الجار الشرقي، في ظلّ تدهور الأوضاع الأمنية واقتراب المواجهات بين الجيش وقوات "فجر ليبيا" إلى الحدود الجزائرية والتونسية على حد سواء.

وتفقّد قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق قايد صالح، يوم الخميس، الوحدات العسكرية المكلّفة حماية المنشآت النفطية في منطقة ورقلة، وحثّها على مزيد من اليقظة، لرصد وردّ أي تهديد قد يستهدف المنشآت النفطية والحيوية للبلاد.

وناقش قائد أركان الجيش الجزائري مع القيادات الميدانية للجيش، الوضع الأمني في منطقة الجنوب، وفي المناطق الحدودية القريبة من ليبيا، وحثّها على إبقاء حالة التأهب واليقظة لدى الوحدات العسكرية المرابطة في المنطقة.

فقد نقلت القيادة العسكرية أكثر من ثمانية آلاف عسكري إلى الحدود الشرقية مع ليبيا وتونس، ونحو خمسة آلاف عسكري لمراقبة الحدود مع مالي، كما وُضعت القوات الجوية في حالة استعداد دائم، وتقوم بطلعات جوية لتمشيط المناطق الحدودية، ورصد أية تحركات للمجموعات المسلّحة أو شبكات تهريب السلاح والأشخاص والمخدرات.

وزاد إعلان قيادة الجيش الأميركي وجود معسكرات تدريب لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في منطقة درنة، شرقي ليبيا، وإعلان قيادة الجيش الليبي، نقل متطرفين لشحنات من غاز الخردل إلى مناطق غربي ليبيا، القريبة من الحدود مع الجزائر، من مخاوف الجزائر الأمنية بشأن إمكانية استهداف مجموعات متصلة بـ "داعش" للمنشآت الحيوية والنفطية، الواقعة جنوبي البلاد.

وللمخاوف الجزائرية أسبابها، عشية الذكرى الثانية للاعتداء على منشأة الغاز، تيقنتورين، في منطقة عين أميناس، بولاية اليزي في 16 يناير/كانون الثاني 2013. ففي ذلك التاريخ، هاجمت مجموعة إرهابية مسلّحة كانت تضمّ 33 مسلحاً، قدموا من ليبيا، وتسلّلوا عبر الحدود، واحتجزت المجموعة 700 شخص من العمال الأجانب، قبل أن ينجح الجيش الجزائري في تحريرهم. وتدخّلت القوات الخاصة للجيش الجزائري من أجل تحرير الرهائن.

وانتهت العملية بمقتل 37 رهينة أجنبية وجزائريا واحدا، فيما تم القضاء على 30 مسلّحاً ينتمون إلى 11 جنسية مختلفة، وأُلقي القبض على ثلاثة مسلّحين، بينهم تونسي. وتأتي تحذيرات قيادة أركان الجيش الجزائري، بعد أيام فقط من تحذير سابق وجّهه قائد أركان الجيش قايد صالح، خلال زيارته المنطقة العسكرية الثالثة في بشار، جنوبي البلاد.

وكانت قيادة الجيش قد أطلقت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي "عملية اجتثاث الإرهاب"، دعت فيها أفراد وضباط القوات المسلّحة إلى "الاستعداد لاجتثاث الإرهاب واقتلاع هذه الآفة من جذورها، وإحباط كل محاولات إعادة بعثه"، في إشارة إلى محاولة تنظيم "جند الخلافة" المنشق عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" منذ سبتمبر/أيلول الماضي، الاستفادة من الزخم الإعلامي لتنظيم "داعش".

ولا تبدو الجزائر مطمئنة إلى الهدوء النسبي الذي تشهده حدودها مع ليبيا في الوقت الحالي، ذلك لأن المخاوف من أي عمليات إرهابية تأتي من عمق التراب الليبي، ومرده بحسب المراقبين والمحليين، إلى وجود عدد من عناصر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وقيادات المجموعات المسلحة في ليبيا.

فقد نجح هؤلاء في الانسحاب من مناطق شمال مالي، عقب العملية العسكرية الفرنسية "سرفال" في يوليو/تموز الماضي. وتترصد الاستخبارات الجزائرية تحرّكات العناصر، في ظلّ تقارير تشير إلى إمكانية محاولة المجموعات استغلال حالة التوتر الاجتماعي، التي تشهدها مناطق عدة في الجنوب الجزائري كورقلة واليزي وغرداية وتمنراست، بسبب الاحتجاجات الشعبية، المطالبة بتأمين المسكن والعمل والخدمات، وانشغال قوى الأمن بها، من أجل التسلل وتوجيه ضربة إلى الحزام الأمني في المنطقة.

وهي الظروف نفسها التي نجحت المجموعات في استغلالها في مناسبات سابقة، على غرار تفجير مقر الدرك في ورقلة وتمنراست قبل سنتين. لكن المخاوف الجزائرية لا تتعلّق فقط بوجود عدد من المسلحين الجزائريين وقيادات في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" كمختار بلمختار في ليبيا، بل يتعلّق أيضاً بطبيعة الأسلحة التي تكون المجموعات المسلحة قد حصلت عليها من ليبيا.

وكشف وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، عن نوعية الأسلحة، وهي قاذفات من نوع "آر بي جي 7" وقاذفات من نوع "سام 7". كما لفت إلى "وجود 12 طائرة مفقودة في ليبيا، قد تستخدمها المجموعات المسلّحة في هجوم استعراضي ضد منشآت حيوية في تونس أو الجزائر". وهي معلومات أخذتها الجزائر على محمل الجدّ، ونصبت بطاريات صواريخ مضادة للطائرات قبالة الحدود الليبية، وأقدمت على إغلاق مجالها الجوي مع ليبيا، كما أوقفت قبل أشهر الرحلات الجوية من وإلى ليبيا.

ولا ينتهي هاجس الجزائر من الإرهاب، مع تفجّر الأوضاع في ليبيا، وهشاشة حالة السلم في منطقة شمال مالي، والتوتر اللافت في منطقة جبل الشعانبي التونسية، فقط، بل يزداد مع ازدياد التوترات الاجتماعية الراهنة، جنوبي البلاد، ما دفع قيادة الجيش إلى إرسال رسائل تحذير لأكثر من طرف، في شأن إمكانية تدخل الجيش، لوضع حد لأي فوضى أو حالة إثارة للشغب أو مساس باستقرار البلاد. وذكرت الرسائل نموذجاً متمثلاً بمنطقة غرداية، التي وضعت تحت تصرّف الجيش، لإنهاء المواجهات العرقية والمذهبية فيها، بين العرب والأمازيغ (البربر).

المساهمون