ورفض قاضي الحكم، شعايشية لخضر، طلب هيئة الدفاع عن المتهمين تأجيل المحاكمة، وأصرّ على افتتاحها.
وبرّر عدد من محامي هيئة الدفاع طلب التأجيل بما اعتبروه فوضى وعدم توافر الظروف غير المناسبة لمحاكمة بهذا الحجم. وتقصد هيئة الدفاع بالظروف السياسية، حسب المحامي عبد المجيد سيليني، وهو رئيس اتحاد المحامين، وقوع المحاكمة عشية الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، واحتمال تأثيرات التوترات السياسية الراهنة على المحاكمة وعلى القرارات التي ستصدرها، داعياً إلى تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات، وحيث تكون الأوضاع أكثر هدوءاً.
أبرز المتهمين
وتتعلق المحاكمة بكل من أحمد أويحي وعبد المالك سلال بصفتهما رئيسي حكومة سابقَين، وبدة محجوب ويوسف يوسفي، كوزيري صناعة أسبقين، وعبد الغني زعلان، بصفته وزيراً سابقاً للنقل والأشغال العامة، بالإضافة إلى رجال الأعمال علي حداد زعيم الكارتل المالي في عهد بوتفليقة، ومازوز أحمد، مالك علامة شيري الصينية لتجميع السيارات، وبعيري محمد، مالك مصنع تجميع شاحنات لعلامة "إيفيكو" الإيطالية، بالإضافة إلى حسان عرباوي، مالك مصنع "كيا" لتجميع السيارات.
كذلك يحاكم في ملف "مصانع تجميع السيارات" علوان محمد، رئيس دراسات في المديرية العامة للتنمية الصناعية والتكنولوجية بوزارة الصناعة والمناجم، وفارس سلال، ابن عبد المالك سلال وشريك معزوز أحمد، بالإضافة إلى حاج سعيد مالك، رئيس ديوان مجمع علي حداد للأشغال العامة، وأورون أحمد، محاسب رئيسي في بنك الجزائر، وعبود عاشور، المدير العام للبنك الوطني الجزائري.
وقرر قاضي الحكم دمج ملفات رجال الأعمال وملاك مصانع تجميع السيارات في ملف واحد، لكونهم يتابعون بذات التهم، على أن يكون ملفا الوزراء وعلي حداد منفصلين، وهو ما رفضه محامو المتهمين، لكون التهم، وإن كانت هي نفسها، فإن الأفعال تختلف من رجل أعمال إلى آخر.
ووجهت المحكمة إلى رئيسي الحكومة السابقين اتهامات بـ"منح امتيازات للغير، وتبديد أموال عمومية، وتلقي الرشوة وعمولات مالية، وسوء التسيير والتصرف". ووجهت إلى رجال الأعمال تهم "الحصول على امتيازات غير قانونية، وتحريض موظفين عموميين على استغلال نفوذهم للحصول على مزايا، وتبييض الأموال، والتمويل الخفي للحملات الانتخابية، وتحويل الممتلكات الناتجة من عائدات إجرامية".
وطالب أويحيى وسلال بتطبيق المادة 177 من الدستور التي تلزم بمحاكمة الوزراء أمام محاكم عليا خاصة، لكونهم يتمتعون بحق الامتياز في التقاضي، الذي يحصر استجواب إطارات الدولة المدنيين ومحاكمتهم أمام محاكم عليا تستحدث حسب الملفات، وهو الطلب الذي رفضه القاضي ووكيل الجمهورية.
ورفض أويحيى لدى مواجهته من طرف القاضي بالتهم الموجهة إليه، الاعتراف بها، عكس أقواله السابقة لدى الاستماع إليه من طرف القاضي المحقق لدى المحكمة العليا الجزائرية، حيث قال للقاضي في ما يتعلق بحصر قائمة المستفيدين من رخص تجميع السيارات في 5 رخص: "لقد تعاملنا مع مؤسسات، وليس مع أشخاص، نحن في الحكومة دورنا خلق الاستثمار، لا يمكنني أن أتعامل بالمحاباة".
وفي ما يتعلق بعدم التصريح ببعض ممتلكاته وحساب بنكي فيه ما يعادل 7 ملايين دولار من العملة الجزائرية، صبّت في حسابه بين سنتي 2017 و2018، ردّ أويحيى بأنه "حصيلة حياة طويلة في خدمة الوطن"، قبل أن يقاطعه القاضي: "سنوات أم سنتان فقط؟"، في تلميح إلى مدة ترؤسه الحكومة بين 2017 و2019.
وتشير تقارير إلى أن الجزائر تكبدت خسائر بنحو 60 مليار دولار أميركي بسبب فساد تجميع السيارات، الذي تضمن تهريب العملة واستنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، عبر تضخيم فواتير الواردات من المصانع وقطع السيارات ولواحقها.
وبحسب وزير العدل بلقاسم زغماتي في تصريحات أطلقها الخميس الماضي، فإن قضية الفساد المتعلقة بمصانع تركيب السيارات، تتضمن حقائق مرعبة ومفزعة جرى التوصل اليها من خلال التحقيقات، وهو ما اعتبرته هيئة الدفاع الأحد الماضي تصريحات غير مناسبة وتحمل حكماً مسبقاً ومحاولة سياسية لتوجيه القضية.
وينتظر أن تستمر المحاكمة لعدة أيام بالنظر إلى عدد المتهمين في الملف، وشهدت المحاكمة إقبالاً كبيراً للمواطنين الذين اصطفوا أمام المحكمة منذ الساعة السادسة صباحاً، حيث سمحت الشرطة الجزائرية لبعض المواطنين بالدخول برفقة الصحافة الجزائرية، فيما وُضعَت شاشات في بهو المحكمة لمتابعة أطوار المحاكمة.