قفزت أسعار العديد من الموادّ الغذائية المستوردة في أسواق الجزائر، بمعدل تخطى 100 في المائة خلال الأيام الأخيرة، وصاحب ذلك تراجع حركة الشراء في ظل ضعف القدرات المالية للكثير من المواطنين.
ويؤكد محمد بورطاف، رئيس شعبة الموادّ الغذائية بالغرفة التجارية في العاصمة الجزائرية، أن "هناك حالة من الركود التي تضرب الأسواق بسبب ارتفاع الأسعار".
ويضيف لـ "العربي الجديد"، أن "غالبية التجار لم يتمكنوا من تصريف أكثر من 30 في المائة من جملة مشترياتهم، على الرغم من مرور شهر رمضان، الذي يرتفع خلاله الإقبال على الكثير من السلع مثل المكسرات والفواكه المجففة والأجبان وغيرها من المنتجات".
ويرجع أسباب ارتفاع الأسعار إلى عدة عوامل، منها "زيادة التعريفة الجمركية على هذه النوعية من السلع باعتبارها سلعاً كمالية"، لافتاً إلى أن "هناك أيضاً سبباً غير مباشر، فعند ارتفاع الأسعار يضطر التاجر إلى تقليل حجم مشترياته، ما يعني ارتفاع التكاليف الثابتة، التي تنعكس بدورها على سعر المستهلك في النهاية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النقل التي أثرت بشكل مباشر في أسعار كافة السلع في الجزائر ومنها أسعار المكسرات".
ويقول جمال الدين حمزة، تاجر في شارع "المنظر الجميل" المشهور ببيع الموادّ الغذائية لـ "العربي الجديد"، إن "حجم المبيعات في تراجع عن العام الماضي بمعدل 40 إلى 50 في المائة، بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية".
واعتاد شفيق كوابي، وهو موظف بإحدى الشركات العمومية، منذ سنوات شراء المكسرات وغيرها من المواد الغذائية الثانوية، لكن انخفاض قدرته الشرائية دفعه إلى تقليل الكميات التي كان يشتريها عادة.
ويقول إن "الدخل لا يكفي الآن لشراء مثل هذه الكماليات، إذ خرجت المكسرات والشوكولاتة وبعض الأجبان من القائمة بعد ارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى بعض أنواع العصائر الصناعية المستوردة".
وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت رفع التجميد عن العديد من الموادّ المستوردة مطلع السنة الحالية، على غرار المنتجات الغذائية والزراعية، الفواكه، إضافة للعصائر والمشروبات وموادّ التجميل والرخام والسيراميك والموادّ البلاستيكية.
وفرضت الحكومة على استيراد هذه السلع وغيرها أعباءً جمركية تحت مسمى "الرسم الجمركي الوقائي المؤقت"، يتراوح ما بين 30 إلى 200 في المائة، ما اضطر المستوردين وتجّار الجملة لرفع أسعار المنتجات، لضمان هامش ربح جيد مع تطبيق الإجراءات الجديدة.
ويرى باكير الحاج علي تاجر تجزئة، أن "حالة من الركود ضربت تجارته بـ 50 في المائة نتيجة ارتفاع الأسعار، مع عدم تمكن الناس من الشراء، وخاصة أن المكسرات والأجبان تعتبر من الكماليات"، على حد قوله.
وأبدت الجمعية الجزائرية للتجّار والحرفيين، تحفظاً على الرسوم المرتفعة والعالية التي مسّت الموادّ المستوردة، ورأت أن هذه الرسوم فتحت المجال للاحتكار وأدت إلى ارتفاع الأسعار، ما أثر سلباً على القدرة الشرائية وخاصّة إذا لم تستطع المؤسسات الجزائرية والمنتجون المحليون رفع التحدي بزيادة الإنتاج كمّاً ونوعاً.
وإلى ذلك، يرى رئيس الجمعية طاهر بولنوار أن "الحكومة مطالبة بمراجعة هذه الرسوم، التي جاءت مرتفعة على بعض الموادّ، فمثلاً مادّة اللوز واسعة الاستهلاك طاولها رسم جمركي إضافي بأربعين في المائة، يضاف إليه الرسم الجمركي الأصلي بخمسة وعشرين في المائة، أي إن سعر هذه المادّة ارتفع بأكثر من 70 في المائة إذا احتسبنا هامش ربح المستورد، دون احتساب هوامش ربح التجّار".
ويضيف بولنوار في حديثه مع "العربي الجديد"، أن نفس السيناريو طبق على الكاكاو والشوكولاتة، التي تعدى رسمها الجمركي الإضافي 50 في المائة، "أي إننا أمام عملية رفع للأسعار بطريقة مقنّعة ورسمية".
ومعروف أنه منذ سنة 2016، حاولت الحكومة الجزائرية وبطرق عديدة الحدّ من فاتورة الواردات لمواجهة تآكل احتياطي النقد الأجنبي، بداية من إخضاع عمليات الاستيراد لرخص إدارية مسبقة ثم تجميد كليّ للاستيراد.
غير أن تلك الطرق كلها لم تؤدِ إلى النتائج المتوقعة، فقد بقيت فاتورة الواردات عند مستويات مرتفعة، ولا سيما ما يتعلق بالمعدّات الصناعية والموادّ الخام، وكذا السلع الواسعة الاستهلاك.