الجزائر: البرلمان يبحث قانون المحروقات رغم الرفض الشعبي

05 نوفمبر 2019
الحكومة تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية للقطاع النفطي(جاك بورلو/Getty)
+ الخط -

 

يبدأ البرلمان الجزائري اليوم الثلاثاء، مناقشة مشروع قانون المحروقات الجديد، وسط رفض شعبي وحزبي ومطالب بتجميده، في وقت تتمسك الحكومة المؤقتة بإقراره، بحجة تحريك الاستثمارات في مجال النفط، وجذب الأموال الأجنبية.

وأنهت لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الجزائري، دراسة مشروع قانون المحروقات المثير للجدل، تمهيداً لمناقشة النواب له. وعشية عرض مشروع قانون المحروقات الجديد، كشفت رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والتجارة والتخطيط في البرلمان الجزائري، النائبة خديجة ريغي، أن اللجنة أنهت صياغة التقرير التمهيدي المتعلق بمشروع القانون والذي سيتم عرضه على النواب في جلسة علنية.

وأضافت ريغي في تصريحات لـ"العربي الجديد": "في الحقيقة لم نعدل أي شيء في مشروع القانون، وذلك بعدما استمعنا لوزير الطاقة محمد عرقاب، والمدير العام لشركة سوناطراك رشيد حشيشي، لمدة 8 ساعات، قدما لنا أسباب صياغة القانون الجديد مع تقديم ضمانات حول مستقبل ثروات البلاد الباطنية".

وتابعت النائبة أن اللجنة لا تملك صلاحية تأجيل أو تجميد مشروع القانون، هي تعاملت مع الوثيقة كأي مشروع قانون جديد، ويبقى النواب أحرارا وأصحاب القرار، ويمكن أن يسقطوا مشروع القانون أو يطالبوا بتجميده يوم التصويت، بكل استقلالية.

واستمعت لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الجزائري، طيلة أسبوع من الزمن، لكل من وزير الطاقة الجزائري الذي قدم مشروع القانون المثير للجدل، بالإضافة إلى المدير العام لمجمع سوناطراك النفطي، ومجموعة من الخبراء الجزائريين، وذلك من أجل صياغة تقرير يرفع للنواب، في جلسة علنية يحضرها وزير الطاقة.

ودفع شح الموارد المالية الذي فرضه تهاوي مداخيل النفط، بالإضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية، الحكومة المؤقتة، إلى تقديم إغراءات للشركات الأجنبية في مشروع القانون الجديد تتمثل في تسهيل بيع حصصها في المشاريع المقامة ومنحها إعفاءات جمركية وضريبية، بينما ترى نقابات مهنية أن التسهيلات المقدمة تعد "تسليما لثروات البلاد للأجانب".

وتعاني الحكومة من صعوبة في جمع الأموال، في ظل تراجع الإيرادات وارتفاع الإنفاق الذي رفع حجم الموازنة إلى 64 مليار دولار سنة 2019. وكانت احتياطات النقد الأجنبي في الجزائر قد تراجعت إلى 72.6 مليار دولار مع نهاية إبريل/نيسان 2019، مقابل 79.88 مليار دولار في نهاية سنة 2018، أي بانخفاض قدره 7.28 مليارات دولار في أربعة أشهر، حسب أرقام وزارة المالية.

ووفق مشروع القانون، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، فإن الحكومة قدمت حوافز ضريبية، حيث أعفت نشاط المنبع (البحث والاستكشاف والتنقيب) من الرسم على القيم المضافة، بما فيها عمليات استيراد السلع والخدمات المرتبطة مباشرة بهذا النشاط، بالإضافة إلى إعفاء الشركات من الرسوم المفروضة على النشاط المهني. ورفعت الحكومة آجال تراخيص البحث والاستكشاف من عامين إلى 7 أعوام، يمكن تمديدها لعامين إضافيين، على أن تكون المدة القصوى لاستغلال حقول النفط والغاز 32 عاماً.

وفي ما يتعلق بحالات بيع وتنازل الشركات الأجنبية عن حصصها في المشاريع المقامة، فقد أعطى مشروع القانون الجديد الأولوية لشركة سوناطراك الجزائرية في الحصول على الحصص ضمن ما يعرف بحق "الشفعة"، حيث يمنحها الحق في تقديم عرض الشراء خلال فترة لا تتجاوز 60 يوماً منذ تاريخ إخطارها من طرف وكالة تثمين موارد المحروقات الجزائرية.

وضغطت الحكومة المؤقتة على البرلمان الجزائري، من أجل تمرير مشروع القانون في أسرع وقت ممكن، متجاهلة الغضب الشعبي، وتعالي أصوات تطالب بتأجيل تمرير القانون إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وكان آلاف الجزائريين، نظموا احتجاجات حاشدة في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي للاحتجاج على مشروع قانون المحروقات، عقب تصديق رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح عليه، وحاصر المحتجون آنذاك مبنى البرلمان في شارع زيغود يوسف بالجزائر العاصمة، لإسقاط القانون المثير للجدل، رافضين ما سمّوه "بيع ثروات البلاد للشركات الأجنبية متعددة الجنسيات".

إلى ذلك، كشف النائب موسى عمار عن حركة مجتمع السلم (التيار الإسلامي)، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية، أن هناك حرصا شديدا من أجل تمرير مشروع قانون المحروقات في نفس التوقيت مع مشروع موازنة 2020، فرئاسة البرلمان حريصة على أن تكون جلسة التصويت على القانونين في نفس اليوم، أي في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، لتفادي غياب النواب في جلسة التصويت على مشروع قانون المحروقات، في ظل الجدل الكبير المثار حوله.

وأضاف عمار لـ"العربي الجديد" أن البرلمان يريد أن يمرر المشروع قبل بداية الحملة الانتخابية لرئاسيات 12 ديسمبر/ كانون الأول القادم، حتى يتمكن النواب من المشاركة في الاستحقاق القادم بشكل جيد، فالحكومة تعلم أن البرلمان مع نهاية الشهر الحالي سيدخل في عطلة غير رسمية، وقد يحله الرئيس الجديد المنتخب، وبالتالي قد يؤجل الأمر حتى منتصف السنة القادمة إذا لم يمرر القانون خلال الفترة الحالية".

المساهمون