الجزائر..عمال البلديات يبدأون إضراباً عن العمل

21 اغسطس 2016
مخاوف لدى المواطنين من تعطل مصالحهم (فرانس برس)
+ الخط -

من المنتظر أن تدخل بلديات الجزائر في شلل تام ابتداء من اليوم (الإثنين) وحتى الأربعاء، بعدما قرر أكثر من نصف مليون عامل في هذه الهيئات، ترجمة تهديداتهم السابقة على أرض الواقع، حيث قرروا الدخول في إضراب لثلاثة أيام متجددة أسبوعيا.
وجاء الإضراب، الذي دعت إليه الفيدرالية الوطنية لعمال البلديات، التي يقترب عددها من 1541، تنضوي كلها تحت عباءة النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية (أكبر تكتل نقابي يضم 10 نقابات تمثل 2.3 مليوني عامل)، للضغط على وزارة الداخلية الجزائرية، التي رفضت فتح قنوات الحوار مع ممثلي عمال البلديات، بشأن مطالب إدارية وأخرى مالية.

ويؤكد رئيس الفيدرالية الجزائرية لعمال البلديات، كمال بحات، لـ "العربي الجديد"، أن "اللجوء إلى شن الإضراب الوطني جاء بعدما تأكدنا من تعنت وزارة الداخلية في عدم الاستماع إلينا ومواصلتها تطبيق سياسة (الهروب إلى الأمام)، التي اعتادت عليها".
وقال بحات إن الحركة الاحتجاجية هذه تنقسم إلى مرحلتين، "الأولى يكون فيها إضراب وطني لثلاثة أيام، وإذا لم تكن هناك استجابة لمطالبنا سننظم مسيرة كبيرة في السابع والعشرين من الشهر الجاري".
وحول اختيارهم هذه التواريخ، يؤكد بحات أن "اختيار هذا التوقيت جاء من أجل الضغط على وزارة الداخلية، قبل دخول السنة الدراسية والجامعية، وهي الفترة التي تكثر فيها طلبات استخراج الوثائق الإدارية".



وجددت النقابة الممثلة لعمال البلديات مطالبتها وزارة الداخلية الجزائرية، والتي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، وتتضمن "مراجعة القانون العام للوظيفة العمومية، وصرف المنح والتعويضات لأعوان الحالة المدنية، التي تشمل منحتي الشباك والتفويض بأثر رجعي ابتداء من يناير/كانون الثاني 2008، وفق المادة المرسوم التنفيذي الذي صدر في سبتمبر/أيلول2011".
كما تضمنت لائحة المطالب أيضا إدماج كل المتعاقدين والمؤقتين دون استثناء، لا سيما عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية، وهي صيغة استحدثتها الحكومة الجزائرية ويتم من خلالها توظيف خريجي الجامعات بعقود مؤقتة وبراتب موحد يقدر بـ 15 ألف دينار (131 دولاراً) شهريا، تدفعها الحكومة من الخزينة.

كما أبلغت فيدرالية عمال البلديات في الجزائر الحكومة رفضها القاطع لمشروع قانون العمل الجديد، كونه غير مطابق لاتفاقيات منظمة العمل الدولية، حسب الفيدرالية، والإبقاء على صيغة التقاعد دون شرط السن، وهو الشرط الذي قررت الحكومة إلغاءه نهائيا، بحجة عجز صندوق التقاعد عن تغطية طلبات الإحالة على التقاعد في البلاد، مع احترام الحقوق النقابية، وفي مقدمتها الحق في إنشاء النقابات والحق في شن الإضرابات.

وتأتي هذه الحركة الاحتجاجية قبل أيام من دخول السنة الدراسية الجديدة، أو ما يعرف في الجزائر إعلاميا بـ "الدخول الاجتماعي" المقرر في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل، وهي الفترة التي يكثر فيها الإقبال على شبابيك البلديات، من أجل استخراج وثائق الحالة المدنية (شهادة الميلاد، شهادة الإقامة، شهادة عدم العمل)، وهي الخطوة التي أدخلت الخوف لدى المواطنين.
ويقول جمال بندبكة، وهو أب لطفلين يدرسان في المرحلة الابتدائية، إنه اضطر إلى التغيب عن العمل حتى يستخرج الوثائق اللازمة لتسجيل ابنيه في المدرسة.
وأضاف المتحدث ذاته، لـ "العربي الجديد"، "في العادة أيام الراحة الخاصة بي هي الثلاثاء والأربعاء، ومع الإضراب أنا مضطر إلى الغياب عن العمل حتى لا أنتظر الأسبوع القادم، وهو آخر أسبوع قبل العودة من المدرسة تكثر فيه الطوابير".

وأثار خبر شل البلديات من طرف العمال، حفيظة البعض، الذين لم يترددوا في انتقاد هذه الخطوة، حيث تقول سعاد بلنعمان، وهي طبيبة بشرية، لـ "العربي الجديد": "من حقهم كعمال أن ينظموا إضرابا، لكن من واجبهم الإشعار بالإضراب قبل أسبوع على الأقل، ومن واجبهم أيضا ضمان الحد الأدنى من الخدمات، وفق ما يشترطه قانون العمل، خاصة ونحن في فترة تتميز بكثرة طلبات استخراج الوثائق الإدارية. للأسف هذه أسمى آيات البيروقراطية وعدم المسؤولية في البلاد".
إضراب عمال البلديات لم يخلط حسابات المواطنين فقط، بل حتى رؤساء البلديات وجدوا أنفسهم أمام معضلة كبيرة، حسب ما يؤكد زبير بلكردون، رئيس بلدية عشعاشة، التابعة لمحافظة مستغانم (غربي العاصمة)، الذي قال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إنه "سيضطر إلى العمل هو وفريقه في المجلس المُسير للبلدية في الشبابيك، لضمان الحد الأدنى من الخدمات، فمن حق العمال تنظيم الإضرابات ومن حق المواطنين استخراج الوثائق".