ويدفع هذا الخوف من ارتفاع العنف ووصوله إلى ما كان عليه أيام العنف الطائفي الذي ضرب البلاد، سابقاً، الكثير من العائلات إلى تغيير سكنها أو ترحيل أبنائها إلى مناطق أخرى، حفاظاً على حياتهم، مؤكدين أن العنف الطائفي يستهدف الشباب بشكل أكبر.
ويقول مصدر طبي في وزارة الصحة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "عشرات الجثث تفد يومياً إلى دوائر الطب العدلي"، مؤكداً أن المستشفيات تستقبل كل يوم حالات خطرة، تعرضت لعملية قتل. ويضيف المصدر أن "دائرة الطب العدلي في بغداد تستلم كل يوم عشرات الجثث بعضها مجهول الهوية، يتم الاحتفاظ بها بعد تصويرها"، لافتاً إلى أن "هناك الكثير من الأشخاص يقصدون المستشفيات ودوائر الطب العدلي للسؤال عن أقارب لهم فقدوا من دون أن يعرفوا مصيرهم".
ويلفت المصدر ذاته إلى أن ما يحصل هو مشابه لما كان يجري في وقت العنف الطائفي الذي ضرب البلاد قبل نحو عشرة أعوام. وشهد العراقيون فترة عنف طائفي في البلاد، تركز بشكل أساسي في العاصمة بغداد، استمر لنحو 3 أعوام بدءاً من العام 2006، على إثر تفجير استهدف مزار ديني في مدينة سامراء، شمال بغداد. وكانت عملية تفجير منظّمة، في فبراير/شباط 2006، استهدفت ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، شمال بغداد، وأدت إلى اشتعال الفتنة بين الشيعة والسنة في العراق.
الحاج فاضل النداوي لم يجد أثراً لولده أحمد منذ العاشر من يوليو/تموز الحالي، يقول إنه خرج في سيارته لقضاء عمل خاص، إذ يملك ولده مكتباً للعقارات، لكنه لم يعد. ويتوقع النداوي أن ولده قتل، وأن جثته رميت في مكان ما، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "لا أثر له في المستشفيات ومراكز الشرطة. كنت نصحته كثيراً أن يسافر. توضحت الصورة، اليوم، جيداً، فتح الأشرار الباب على مصراعيه لعودة الطائفية مرة أخرى".
وكان في فقدان ابن الحاج النداوي تحذير رآه جاره نصيف الحياني، بوضوح، ليشجع أولاده على ترك المدينة والهرب نحو إقليم كردستان، شمال العراق. الحياني وهو رجل سبعيني، يقول لـ"العربي الجديد" إن "كل شيء صار واضحاً، هناك عودة للعنف الطائفي، واليوم القوة كلها بيد المليشيات، وليس أمامنا سوى الهرب. يكفينا ما خسرنا سابقاً. قُتل أخي وثلاثة من أولاده على يد المليشيات عام 2007. لن أجازف ببقاء أولادي قربي، فالشباب مستهدفون".
ويرى الحياني أن ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية من عنف ضرب مناطق مهمة بالعراق، بينها تفجير الكرادة ببغداد، وتفجير مرقد "سيد محمد" شمال العاصمة، "نذير شؤم بقدوم العنف الطائفي. إنها نفس الطريقة التي فتحت الباب لنشوب الطائفية قبل عشرة أعوام" بحسب قوله.
وعُدّ تفجير حي الكرادة في بغداد في 3 يوليو/تموز الحالي، الأكثر دموية، إذ أوقع أكثر من 400 ضحية بين قتيل وجريح ومفقود، بسبب الحريق الهائل الذي نجم عن التفجير وطاول مجمعات تجارية، ثم تلاه تفجير مرقد السيد محمد، ويعد أحد المزارات الشيعية المهمة، ويقع في ناحية بلد، شمال بغداد. ونفذ تفجير المرقد في 8 يوليو/تموز الحالي من خلال ثلاثة انتحاريين بأحزمة ناسفة، وراح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح. وعلى إثر ذلك، ظهر زعماء وقادة المليشيات يهددون ويتوعدون بأخذ الثأر، والانتقام للضحايا، مرددين عبارات طائفية.