الثورة والفنّ: والسياسة إبداع

أصبحت الثورة هي الرابط الأقوى بين شعوب العالم عموما وبين مكوّنات الشعب العربي خصوصا. وكلّ منّا اختار طريقته الخاصّة بتسجيل تاريخ هذه الثورات. مازن السيّد من لبنان وطارق أبو كويك من فلسطين وهاني سوّاح من سورية شباب عبّروا عن الثورة من خلال أعمالهم الغنائية التي تندرج تحت عنوان "موسيقى الراب العربي". ومنهم من عبّر عن غضب الشارع عبر موسيقى "الروك العربي" مثل فرقة "طنجرة ضغط" من سورية وفرقة "مسار إجباري" من مصر وبديعة بوحريزي من تونس. وحتّى هناك من عبّر عن آرائه من خلال الموسيقى الصوفية أمثال المنشدة نوال من دولة جزر القمر. ومنهم من رسم فساد الدولة على جدران المدينة مثل آية طارق من مصر، وفريق "أشكمان" من لبنان.

"العربي الجديد" قابلت معظمهم وحاورتهم. فرقة "طنجرة ضغط" مثلا تقدّم "الروك العربي" من سورية منذ 2010، مؤلفة من خالد عمران، طارق خلقي وداني شكري. يقول الأخير إنّ "الانتقال إلى بيروت في 2012 سببه صعوبة متابعة أعمالنا في سورية. لكنّ تواجدنا خارج وطننا لم يمنعنا من غناء وتلحين أزمات شعبنا الاجتماعية والسياسية". 

أما طارق أبو كويك/الفرعي، فهو صوت فلسطيني ثائر على كلّ ما حوله من "تنميط سياسي واجتماعي". مغنّي راب مشغول بفلسطين وبالفساد في العالم العربي. لقبه "الفرع متحدر من جذور فكرة التوسّع والانخراط، وكسر كلّ ما هو نمطي أو يحجز البشر داخل مساحة أو معتقد أو تقليد". ويضيف لـ"العربي الجديد": "ربّما كلماتي تزعج السلطات العربية، لكن أؤمن أنّ هذا النوع من الموسيقى سيحسّن المجتمع ويشجّع على التغيير".
ومثلهم تغنّي بديعة بوحريزي الحبّ والثورة، مستخدمة اللغة العربية الفصحى، واللهجة التونسية العامية. تركّز كلماتها على السياسة والمجتمع، في تونس والعالم. وتشدّد على أنّ "الحبّ هو المعركة الأولى والأخيرة" وقامت مؤخرا بإنتاج ألبوم بعنوان "إنوجاد" ومعناه، كما تشرح لـ"العربي الجديد": "الانتقال من حضور مجرّد إلى حضور تفاعلي".
وفي لبنان فإنّ التغيير السياسي الاجتماعي، بقلم، بريشة وبطسّاسة ألوان، بعيداً عن السلاح، يعني محمد وعمر قبّاني، المعروفَيْن بلقب "أشكمان"، كمدافعين عن الحريّة، بـ"جريمة" الجرافيتي: "قرّرنا أن نكون عصاميين، فأنتجنا أغنياتنا من بيع أعمالنا الفنية المختصة بالطباعة على الألبسة"، يقولان لـ"العربي الجديد". وهما لم يكتفيا بالغرافيتي فقط، بل غنّيا الراب والهيب هوب.
ومن جزر القمر تنحدر نوال من عائلة متصوّفة لجهة أبيها. تحمل جمال الخشوع والإيمان في صوتها الدافئ: "أحاول جاهدة أن أنقل صورة الإسلام إلى العالم بشكل جميل"، تقول لـ"العربي الجديد.