الثورات لنا.. والمستقبل أيضاً لنا

02 يوليو 2015
الثورات لنا.. والمستقبل أيضاً لنا (Getty)
+ الخط -
المستقبل والشباب متلازمان، لا يكون أحدهما حتى يوجد الآخر بالتزامن والتفاعل والقوة والحيوية، فالشباب هو المستقبل المستمر والمتجددّ، والمستقبل لا يكون بدون هؤلاء الشباب ولا يُخلق في أساس الأمر.

فلا يمكن أن تبني الأجيال المتحجرة مستقبل الأمة وتطوره وتُبدع في استمراريته وتُقصي الشباب منه، كما لا يمكن أن تُسقط أنظمة -أو تُحاول إسقاطها- بعد أن تحجرا سوياً وأصبحا حائط صدٍ أمام مواكبة العصر وتطوراته المتسارعة، وعنفوان شبابه وثوريته. 
فالأرض لنا والمستقبل لنا.. ليست شعاراً ضد محتلٍ مغتصب، بقدر ما هي ضد أجيال توقف بها الزمن، اغتصبت زماننا ومستقبلنا واحتلت التوقيت الثوري وسرقته من صدورنا وأنفاسنا، وشرعت تُقننّ الأسوار لحريتنا وكرامتنا، وتعمد للفتك بحلمنا أزليّ الطابع عزيز المنشأ والتكوين.

إن حلمنا الشبابي المتجسّد في ثورات الربيع العربي يقاوم منذ الأزل نكران الأجيال المتحجرة له وسخريتها من قدراته واستهانتها بحقه، فهو يسكن تارة ويفور تارات، وينجح برهةً ويبوء بالفشل برهات عديدة، لكنه لا يموت.

ربما تمرّ بِنَا انتكاسات تُثقل كواهلنا، تُحطّم آمالنا إلى شظايا، تُعربد باليأس في أكناف نفوسنا، تملؤنا خزيٌ وقهر، تنال من عزيمتنا وعزتنا، ربما تطول لبعض الوقت فنحسبها دهراً، لكنها مجرد انتكاسات ليست مستمرة، كبوات متسارعة وليست أبدية، وتبقى الأحلام حية وليست موءودة، وتظل الهتافات: الثورة مستمرة.. حتى تعود الأرض حرة.


فتضحيات الشباب في أوطاننا هي الوقود المتجدد لطاقة الثورات، هي الفتيل المؤجج لجذوتها، لا يُعقل أن تمرّ المقتلات والمجازر والاعتقالات والاختطافات القسرية والترويع والتعذيب هدراً من دون حساب أو عقاب وإن كان مستقبلياً، ولا يُعقل أن تضيع جهود الشباب من أجل إنجاح ثوراته هباء منثوراً، فليس ذلك من العدالة في شيء، وليست هذه سنن الله في كونه.

لا مكان للأنظمة القمعية الدموية في قاموس الشباب، لا يمكن أن توجد مع الحلم ومع المستقبل، مع التطور والإبداع، لا مكان لها على خريطة الثورات أو فروع أشجار الربيع العربي الباسقة، لا مستقبل لها في ظل نداءات الحرية والكرامة والعدالة، لا حياة لها بعد هذه الأثمان باهظة التكلفة التي دفعها الوطن.

إن المستقبل له مرادفات كثيرة أهمها التغيير قريب المدى وبعيده، ولأن الأنظمة قمعية الطابع تتحجّر في كراسيها عشرات العقود، تعتقد اعتقاداً بالغاً واهماً بأنها بعيدة عن مرمى سهام التغيير وأنها باقية في مكانها، أبدية في زمانها، ورغم ما تواجهنا به من آلات دموية لتُعوّق تحقيق التغيير الذي ننشده والعقبات التي تضعها في طرقنا وحجم العنف والترويع الذي تمارسه ضدنا حتى نُقلع عن أحلامنا وأهدافنا، إلا أننا سنصنع تغييرنا ومستقبلنا وسترضخ تلك الأنظمة لإرادة شعوبها وعلى رأسها شبابها شاء مَن شاء وأبى مَن أبى.

ولأننا ذقنا طعم نجاح التغيير الذي صنعناه -وإن كان قصيراً- مرة فإننا لن نيأس أن نعيده ونكرره مراراً ومراراً حتى يحدث حقاً ونعيشه وتعيشه الشعوب قاطبةً.

فكيف للشيخوخة أن تحلّ محلّ الفُتّوة والشباب، وكيف للماضي أن يزاحم المستقبل في وجوده، وكيف للعبودية أن تعتقل الحرية، وكيف للخضوع والامتهان أن يئدا الثورات، وكيف لكراسي السلطة الغاشمة أن تصدّ التغيير وسهامه، وكيف للأنظمة القمعية أن تظن انتصارها أبدياً في ظل سنن الله الكونية؟!

راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk
المساهمون