عادت حركة "20 فبراير" في المغرب إلى الإعلان عن نفسها من جديد، بعد أشهر من الاختفاء، من خلال التظاهر يوم أمس الأحد في شوارع عدد من المدن المغربية، للمطالبة "بتوزيع عادل للثروة والقضاء على الامتيازات والفوارق الاجتماعية الحادة بين المغاربة".
وشهدت الحركة المغربية زخماً احتجاجياً واهتماماً إعلامياً واسعاً خلال فترة الحراك السياسي في بعض بلدان المنطقة العربية، إذ كانت تنفّذ وقفات ومسيرات احتجاجية بشكل منتظم في العديد من مناطق المغرب، للمطالبة بمحاربة "الفساد والاستبداد".
ولكن بعد سنة 2011 التي أشّرت الى انطلاقة قوية لحركة "20 فبراير" الاحتجاجية، خفتت ديناميتها خصوصاً بعد انسحاب جماعة "العدل والإحسان"، أقوى التنظيمات الإسلامية المعارضة في البلاد، لتتراجع القوة الاحتجاجية والعددية لمتظاهري الحركة في شوارع المملكة.
وعادت حركة "20 فبراير" لتنفض عنها الغبار من خلال رفع شعار يتعلق بالثروة التي تزخر بها البلاد، مطالبة بتوزيع عادل لها بين جميع الفئات الاجتماعية، والحد من مظاهر الفساد في بعض المؤسسات.
وتتلاقى الشعارات الجديدة للحركة مع مضمون خطاب الملك المغربي محمد السادس الذي ألقاه بمناسبة "عيد العرش" الأخير، ولاقى اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية، إذ تساءل عن الثروة الوطنية، ولماذا لا يستفيد منها كل فقراء البلد.
وحاولت "20 فبراير" الإجابة عن السؤال العريض حول ثروة البلد، والذي شكل الحدث السياسي في المغرب في الآونة الأخيرة، من خلال التنديد بما سمته "استفحال لهيب الأسعار، والمس بحقوق المحالين على التقاعد، ما يفضي إلى زيادة الفقر في المجتمع".
ويقول الناشط في الحركة فؤاد بلعاشير لـ"العربي الجديد" إن عودة الحركة للتظاهر من جديد يأتي في سياق مستجدات سياسية عرفتها المملكة، علاوة على المساهمة بآرائها في "النقاش الوطني حول الثروة".
ويشير الى أن الحركة كانت سبّاقة بلفت الانتباه إلى موضوع "نزيف الثروات" التي تذهب إلى جيوب وحسابات الأغنياء والنافذين على حساب الفقراء الذين يزدادون فقراً، جراء السياسات الحكومية التي تراعي الميسورين وتستهدف المساكين.
ويأتي خروج حركة "20 فبراير" الى الشارع في سياق نداء أطلقته شخصيات إسلامية ويسارية حول نقاش الثروة، اعتبرت من خلاله أن "توزيع الثروات المنتجة يعتريه سوء كبير، فغالبيتها محتكر من الأغنياء وذوي النفوذ، ما يوسع انتشار الفوارق بين المواطنين".
وطالبت هذه الشخصيات الفاعلة في المجالات السياسية والحقوقية والإعلامية، بضرورة توضيح المسؤوليات المؤسساتية والسياسية عن الاختيارات الإستراتيجية للدولة، وتدقيق الارتباط بين السلطة والمسؤولية والمحاسبة، وفق ما ورد في النداء.
كما دعت لتبني استراتيجية حقيقية لمحاربة الرشوة وكل أشكال الفساد، ووضع حد للإفلات من العقاب في هذا المجال، وإعادة الاعتبار إلى قيمة العمل وثقافة الاستحقاق، واعتماد مبدأ المسؤولية والمساءلة.
لكن القيادي في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم عبد العزيز أفتاتي، رأى أن النقاش حول الثروة، وخروج حركة "20 فبراير" للتنديد بنزيف الثروات، ليس وليد اليوم، بل كان مطروحاً من قبل في المغرب، غير أن الجديد هو خطاب الملك الذي أعاد النقاش للواجهة.
وأكد أفتاتي أن الحكومة الحالية تعمل على تقليص الفوارق الاجتماعية الموجودة في البلاد، وتحاول ترجمة نقاش الثروة إلى مبادرات وقرارات على أرض الواقع.