التهم السورية المرعبة

29 سبتمبر 2018
تلك التهم من موروثات النظام السوري (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -


يعيش سكان منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة المنضوية ضمن عملية غصن الزيتون، خطر اتهامهم بالانتماء أو التعاون مع مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية، الجناح العسكري لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، لدرجة أصبحت هذه التهمة كابوساً يلاحق كل مواطن من سكان المنطقة، كونها التهمة الأخطر. وتحولت إلى تهمة جاهزة، كفيلة بتغييب المتهم في المعتقلات لمجرد توجيه إصبع الاتهام له بسبب خلاف ما، لا علاقة له بتلك المليشيا، ومنهم من يستعملها للتهديد في سبيل الحصول على مكاسب معينة.

في المقابل، يختلف الوضع في مناطق سيطرة تلك المليشيا لتصبح التهمة الجاهزة هي الانتماء لتنظيم "داعش" أو التعاون معه، في حال عدم تقديم كل متطلبات الولاء والطاعة من قبل المواطنين تجاه تلك المليشيا، التي أصبحت تستخدم تلك التهمة حتى في عمليات التغيير الديموغرافي من خلال توجيه تهمة جماعية لمجموعة من السكان.

وفي مناطق النظام تتنوع التهم المرعبة الجاهزة بدءاً من إضعاف الشعور القومي ووهن عزيمة الأمة، وصولاً إلى الانتماء إلى الجماعات المسلحة الإرهابية. وهي تهم يستطيع أي عنصر من أية مليشيا أن يجرّ مواطناً بها إلى غياهب المعتقلات، وأحياناً إلى الموت.

أما في مناطق سيطرة المعارضة في إدلب فتهمة الضفدع (أي العميل للنظام) جاهزة أيضاً لدى بعض تلك الفصائل تجاه من يعارض سلطتها، بالإضافة إلى تهمة الانتماء أو التعاون مع تنظيم "داعش". وتعود فكرة إرهاب المواطنين بتهم كبرى تجعل المواطن يستجيب لكل الابتزاز الذي يتعرض له على يد أجهزة السلطة المتحكمة، إلى فترة الثمانينات من القرن الماضي في سورية والمرحلة التي تلتها، والتي كانت فيها تهمة الانتماء لتنظيم الإخوان المسلمين هي التهمة الأسوأ على الإطلاق في سورية. وكان مصير من يحوم حوله مجرد الاشتباه بالانتماء لهذا التنظيم، يعني على أقل تقدير التغييب لعشرات السنين في السجون وحرمان كل أفراد أسرته وحتى أقاربه من التعيين في وظائف الدولة. ودرجت تلك التهمة لدرجة أن بعض المدرّسين وموجهي المدارس من البعثيين، كانوا يستخدمونها في إرهاب طلاب صفوفهم في سبيل ردعهم عن المشاغبة في الصف، فمجرد سماع التلميذ كلمة "أنت اخونجي" كفيل بأن يجعله متسمراً في مكانه راجياً الصفح والمغفرة. إلا أن الغريب في موضوع التهم المرعبة تلك، أنها إحدى أهم موروثات النظام السوري الذي ثار السوريون عليه، ولم تستطع ثماني سنوات من الثورة أن تلغي ذلك الإرهاب المرعب على المواطنين.