التهديد بالحرب لبنانياً

09 اغسطس 2016
تظاهرة تطالب باعتماد قانون انتخاب نسبي (حسين بيضون)
+ الخط -
لم يعتذر أحدٌ من المشاركين في جلسات الحوار اللبناني، عن الأيام الثلاثة التي شغلوا الإعلام والناس خلالها بوهم اسمه إصلاح النظام السياسي. على مدى أيّامٍ ثلاثة تردد على مسامع اللبنانيين كلمات مثل: مجلس الشيوخ، اللامركزية الإدارية الموسعة، مجلس نواب غير مذهبي، قانون انتخابي نسبي (وغير استثنائي كما هي عادة قوانين الانتخابات في لبنان).
حاول المشاركون في الحوار تسويق أنهم يعملون على إنقاذ البلد من خلال طرح سلّة إصلاحات للنظام السياسي. لا يختلف لبنانيان حول ضرورة إدخال إصلاحات للنظام السياسي. فهذا النظام يُعاني من أزمة حقيقيّة منذ انتهاء الحرب الأهليّة، حيث التطبيق المشوه للدستور، أو الانقلاب عليه، كما يُردد رئيس مجلس النواب الأسبق حسين الحسيني، حصل برعاية الاحتلال السوري للبلد الذي استمر حتى عام 2005. في هذه المرحلة (1990 -2005)، اعتبر المسيحيون أن حقوقهم هُدرت، وأن النظام لا يُمثلهم، وبالتالي لم يشعروا أنهم مواطنون، بسبب استثناء أمراء الحرب المسيحيين من طبقة أمراء الحرب التي حكمت البلد.
بعد الانسحاب السوري، فشل النظام السياسي في تأمين استمراريّة الحياة السياسيّة. شغر موقع رئاسة الجمهوريّة للمرة الأولى عام 2007، ولم يُنتخب ميشال سليمان رئيساً إلا بعد صراع عسكري قاده حزب الله عبر اجتياح بيروت في مايو/أيار 2008. اليوم نعيش فراغاً ثانياً في رئاسة الجمهوريّة منذ مايو/أيار 2014.
وسجّل تشكيل الحكومات في هذه المرحلة أرقاماً قياسيّة لجهة الحاجة لأشهر طويلة قبل التمكّن من تشكيل حكومات، يُمكن وصفها بأنها الأقل تماسكاً بسبب الخلافات بين وزرائها. وقد يكون وصف رئيس الحكومة الحالي تمام سلام لحكومته بأنها الأكثر فساداً، وصفاً معبّراً. وفي العام 2013، مُددت ولاية المجلس النيابي لنص ولاية، ثم مُددت مرة ثانية حتى 2017، ليُصبح مجموع السنوات الممددة ولاية كاملة.
اليوم، يخرج المسؤولون عن عدم انتظام الحياة السياسيّة، وعن تردي الخدمات العامة (أبرز الأمثلة أزمة النفايات الصيف الماضي وأزمة الكهرباء المستمرة) والفشل في إدارة ملف اللجوء السوري وتجاهل مشاركة حزب الله بالقتال في سورية إلى جانب النظام والأزمة المالية العامة، ليُعلنوا أنهم راغبون في تطوير النظام السياسي. وصل الأمر برئيس المجلس النيابي نبيه بري، للتهديد بأن البلد يتجه مجدداً للحرب إذا لم تُقرّ السلة التي يقترحها للتسوية.
أمراء الحرب الذين عجزوا عن إدارة البلاد، وعاثوا فساداً، وعطّلوا الحدّ الأدنى من انتظام العمليّة السياسيّة، يُهددون المواطنين بالحرب، ويريدون "تطوير" النظام السياسي بما يضمن استمراريتهم. إنها فعلاً لوقاحة موصوفة.