اعتمدت مجموعة من الدول العربية منذ العام 2005 مفهوم التنمية البشرية، كشكل من أشكال إشراك المواطن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وحاولت من خلال مشاريعها، إخراج الفئات الهشّة من مناطق الظل، ومنحها فرصة لخلق مشاريع مدرّة للدخل. لكن حجم الأرقام المعلنة لا يعكس الواقع. والدليل ترتيب الدول العربية في مؤشرات التنمية العالمية، حسب تقرير"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" لعام 2014، والذي يضع معظم الدول العربية في المراتب ما بعد المائة.
وذكر التقرير ذاته أن المخاطر التي تواجه المنطقة العربية من نزاع وبطالة في صفوف الشباب وعدم مساواة، إذا ما بقيت من غير معالجة، يمكن أن تعطّل مسيرة التنمية البشرية اليوم وفي المستقبل.
اقرأ أيضا: اللامساواة: الاقتصادات العربية تدفع ضريبة التهميش الاجتماعي والجندري
"المشكل في نمط الاقتصاد"
وقال عضو السكرتارية الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي، كمال لحبيب، إنه من الصعب جداً تقييم مشاريع التنمية البشرية بالنسبة للدول العربية، خاصة وأن العديد منها تعاني من مشاكل تجعل من الأوليات الأمنية والسياسية، الأولى على أجندات الحكومات، وذلك على حساب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف المتحدث ذاته في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن دولاً مثل العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، بالإضافة إلى لبنان، تعيش ظروف الحرب، والصراعات الطائفية، ويستحيل فيها شروط تنزيل مشاريع التنمية البشرية، فما بالك بمحاولة تقييم نتائجها وانعكاساتها على الحياة اليومية للمواطنين".
وعن الدول التي يمكن قياس حجم نجاح مشاريع التنمية البشرية لديها، أوضح عضو السكرتارية الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي، أن هذه الدول تنحصر في مصر، تونس، المغرب، وإلى حد ما جزائر، وشدد على أن جميع هذه الدول لم تستطع فعلاً حل مشاكل التنمية البشرية، وقدم جملة من الأمثلة، من قبيل انطلاق الشرارة الأولى للثورة التونسية من الحوض المنجمي "قفصة" منذ العام 2008، لكن دخلت تونس بعد الثورة في مسلسل البحث عن استقرار المؤسسات الدستورية فقط، ووضعية عمال المناجم الذين أشعلوا شرارة الثورة غدت أسوأ، بسبب تفاقم مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف، أن المغرب شهد في العام 2013 وحدها 20 ألف وقفة احتجاجية (بعيداً عن احتجاجات حركة 20 فبراير) بسبب ملفات مرتبطة بالتنمية البشرية. أمّا عن الجزائر، فأضاف كمال لحبيب، أن نظامها يعتمد استراتيجية الدعم المباشرة بصيغة "الرشوة مقابل السلم الاجتماعي".
وشدد كمال لحبيب على أن السبب الجوهري في فشل مشاريع التنمية البشرية عربياً بمفهوم المنتظم الدولي، يكمن في النمط الاقتصادي المعتمد من طرفها، والذي لا يخدم مصالح الفئات الهشة.
وذكرت بيانات "حسابات مكتب تقرير التنمية البشرية لمنظمة الأمم المتحدة" لعام 2014 أن متوسط النمو السنوي للتنمية البشرية في الدول العربية، شهد بين عامي 2008 و2013 نسبة نمو قدر بقرابة 0.7%، وبلغ نفس المعدل بين عامي 2000 و2008 الـ 1% سنوياً، أي أنه سجل تراجعاً قدره المصدر ذاته بـ 0.3%. وربطت "منظمة الأمم المتحدة" هذا التقهقر في معدل النمو السنوي لمعدل التنمية البشرية خلال الفترة الأخيرة، بـ"انتقال عدوى الصدمات عبر الدول، والارتفاع الحاد في أسعار الأغذية، والأزمات المالية، والكوارث الطبيعية، والنزاعات المسلحة، وانعدام شعور البلدان ولا الأفراد بالقدرة على التحكم بمصائرهم".
اقرأ أيضا: البؤساء: آلاف الفقراء العرب يعيشون ويأكلون من القمامة
أطر اقتصادية رائدة
من جهتها، قالت عضوة لجان تتبع مشاريع التنمية البشرية بالمغرب، فاطمة مبتكر، إن مشاريع التنمية البشرية التي أطلقت في الدول العربية منحت شرائح واسعة الانخراط في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأرست لأول مرة منذ إطلاقها، مفهوم "التدبير التشاركي للسياسات الاقتصادية والاجتماعية سواء الوطنية منها أو المحلية". وزادت المتحدثة ذاتها في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مشاريع التنمية البشرية حدَّت من التباعد الاقتصادي بين شرائح واسعة كانت لا تستطيع اقتحام مجال الاستثمار، وفتحت ورشاً أرجعت الثقة للمواطنين بالمؤسسات، وأفرزت جيلاً جديداً من الأطر الاقتصادية والسياسية وكذا الثقافية، التي أمسكت بزمام تسيير وتدبير شؤون المدن والقرى وحتى الأحياء التي تقطنها.
واعتبرت فاطمة مبتكر أنه من حسنات التنمية البشرية على الدول العربية، فرز أجهزة الحكامة للمراقبة والرصد وصياغة التقارير حول جدوى المشاريع التي توجه للمواطنين، ودليل مساطر للمشاريع التنموية الاقتصادية مبسط خاصة بالنسبة لسكان المناطق المهمشة.
وأوضحت المتحدثة ذاتها في حديثها لـ"العربي الجديد" أن نقاط الخلل في نجاح مشاريع التنمية البشرية، تكمن في "ضعف آليات التتبع والرصد، وتعامل البعض مع مؤسسات التنمية البشرية العامة كبقرة حلوب، ومصدر للتمويل فقط".
اقرأ أيضا: التعاونيات: واجهة التنمية وملاذ المهمشين لاحتراف الاستثمار
محصلة "متوسطة"
بدورها، صرحت رئيسة اللجنة الاقتصادية في الحزب الاشتراكي المصري الدكتورة سلوى العنتري، بأن مشاريع التنمية البشرية في الدول العربية لا تتجاوز محصلتها "المتوسط".
وأردفت في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن المشكل الذي تعاني منه هذه المشاريع، هو عدم مراعاة التفاوت بين المناطق في الدول العربية، بل حتى بين الأحياء في نفس المدينة.
وقالت المتحدثة ذاتها، إن أهم محركات ثورات "الربيع العربي"، هي التناقض بين الأرقام المعلنة والمشاريع المرصودة للتنمية البشرية في الدول العربية، مقارنة بالواقع الذي يعيشه المواطنون. وأشارت بدورها الدكتورة سلوى العنتري، إلى أن مشاريع التنمية البشرية عربياً، تقف عند حد تخفيف الأزمات وإنقاذ من هم على حافة الموت اقتصادياً واجتماعياً.
وذكر التقرير ذاته أن المخاطر التي تواجه المنطقة العربية من نزاع وبطالة في صفوف الشباب وعدم مساواة، إذا ما بقيت من غير معالجة، يمكن أن تعطّل مسيرة التنمية البشرية اليوم وفي المستقبل.
اقرأ أيضا: اللامساواة: الاقتصادات العربية تدفع ضريبة التهميش الاجتماعي والجندري
"المشكل في نمط الاقتصاد"
وقال عضو السكرتارية الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي، كمال لحبيب، إنه من الصعب جداً تقييم مشاريع التنمية البشرية بالنسبة للدول العربية، خاصة وأن العديد منها تعاني من مشاكل تجعل من الأوليات الأمنية والسياسية، الأولى على أجندات الحكومات، وذلك على حساب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف المتحدث ذاته في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن دولاً مثل العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، بالإضافة إلى لبنان، تعيش ظروف الحرب، والصراعات الطائفية، ويستحيل فيها شروط تنزيل مشاريع التنمية البشرية، فما بالك بمحاولة تقييم نتائجها وانعكاساتها على الحياة اليومية للمواطنين".
وعن الدول التي يمكن قياس حجم نجاح مشاريع التنمية البشرية لديها، أوضح عضو السكرتارية الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي، أن هذه الدول تنحصر في مصر، تونس، المغرب، وإلى حد ما جزائر، وشدد على أن جميع هذه الدول لم تستطع فعلاً حل مشاكل التنمية البشرية، وقدم جملة من الأمثلة، من قبيل انطلاق الشرارة الأولى للثورة التونسية من الحوض المنجمي "قفصة" منذ العام 2008، لكن دخلت تونس بعد الثورة في مسلسل البحث عن استقرار المؤسسات الدستورية فقط، ووضعية عمال المناجم الذين أشعلوا شرارة الثورة غدت أسوأ، بسبب تفاقم مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف، أن المغرب شهد في العام 2013 وحدها 20 ألف وقفة احتجاجية (بعيداً عن احتجاجات حركة 20 فبراير) بسبب ملفات مرتبطة بالتنمية البشرية. أمّا عن الجزائر، فأضاف كمال لحبيب، أن نظامها يعتمد استراتيجية الدعم المباشرة بصيغة "الرشوة مقابل السلم الاجتماعي".
وشدد كمال لحبيب على أن السبب الجوهري في فشل مشاريع التنمية البشرية عربياً بمفهوم المنتظم الدولي، يكمن في النمط الاقتصادي المعتمد من طرفها، والذي لا يخدم مصالح الفئات الهشة.
وذكرت بيانات "حسابات مكتب تقرير التنمية البشرية لمنظمة الأمم المتحدة" لعام 2014 أن متوسط النمو السنوي للتنمية البشرية في الدول العربية، شهد بين عامي 2008 و2013 نسبة نمو قدر بقرابة 0.7%، وبلغ نفس المعدل بين عامي 2000 و2008 الـ 1% سنوياً، أي أنه سجل تراجعاً قدره المصدر ذاته بـ 0.3%. وربطت "منظمة الأمم المتحدة" هذا التقهقر في معدل النمو السنوي لمعدل التنمية البشرية خلال الفترة الأخيرة، بـ"انتقال عدوى الصدمات عبر الدول، والارتفاع الحاد في أسعار الأغذية، والأزمات المالية، والكوارث الطبيعية، والنزاعات المسلحة، وانعدام شعور البلدان ولا الأفراد بالقدرة على التحكم بمصائرهم".
اقرأ أيضا: البؤساء: آلاف الفقراء العرب يعيشون ويأكلون من القمامة
أطر اقتصادية رائدة
من جهتها، قالت عضوة لجان تتبع مشاريع التنمية البشرية بالمغرب، فاطمة مبتكر، إن مشاريع التنمية البشرية التي أطلقت في الدول العربية منحت شرائح واسعة الانخراط في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأرست لأول مرة منذ إطلاقها، مفهوم "التدبير التشاركي للسياسات الاقتصادية والاجتماعية سواء الوطنية منها أو المحلية". وزادت المتحدثة ذاتها في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مشاريع التنمية البشرية حدَّت من التباعد الاقتصادي بين شرائح واسعة كانت لا تستطيع اقتحام مجال الاستثمار، وفتحت ورشاً أرجعت الثقة للمواطنين بالمؤسسات، وأفرزت جيلاً جديداً من الأطر الاقتصادية والسياسية وكذا الثقافية، التي أمسكت بزمام تسيير وتدبير شؤون المدن والقرى وحتى الأحياء التي تقطنها.
واعتبرت فاطمة مبتكر أنه من حسنات التنمية البشرية على الدول العربية، فرز أجهزة الحكامة للمراقبة والرصد وصياغة التقارير حول جدوى المشاريع التي توجه للمواطنين، ودليل مساطر للمشاريع التنموية الاقتصادية مبسط خاصة بالنسبة لسكان المناطق المهمشة.
وأوضحت المتحدثة ذاتها في حديثها لـ"العربي الجديد" أن نقاط الخلل في نجاح مشاريع التنمية البشرية، تكمن في "ضعف آليات التتبع والرصد، وتعامل البعض مع مؤسسات التنمية البشرية العامة كبقرة حلوب، ومصدر للتمويل فقط".
اقرأ أيضا: التعاونيات: واجهة التنمية وملاذ المهمشين لاحتراف الاستثمار
محصلة "متوسطة"
بدورها، صرحت رئيسة اللجنة الاقتصادية في الحزب الاشتراكي المصري الدكتورة سلوى العنتري، بأن مشاريع التنمية البشرية في الدول العربية لا تتجاوز محصلتها "المتوسط".
وأردفت في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن المشكل الذي تعاني منه هذه المشاريع، هو عدم مراعاة التفاوت بين المناطق في الدول العربية، بل حتى بين الأحياء في نفس المدينة.
وقالت المتحدثة ذاتها، إن أهم محركات ثورات "الربيع العربي"، هي التناقض بين الأرقام المعلنة والمشاريع المرصودة للتنمية البشرية في الدول العربية، مقارنة بالواقع الذي يعيشه المواطنون. وأشارت بدورها الدكتورة سلوى العنتري، إلى أن مشاريع التنمية البشرية عربياً، تقف عند حد تخفيف الأزمات وإنقاذ من هم على حافة الموت اقتصادياً واجتماعياً.