التناقض العراقي: أغنياء في وجه الفقراء

14 ديسمبر 2015
الفقر ينهش بالعراق (فرانس برس)
+ الخط -
بضعة أمتار فقط هي الحدود الفاصلة بين أحد الأحياء الثرية في العاصمة العراقية بغداد، وحي أخر يتسم بالفقر والعوز. تستيقظ زينب في الصباح الباكر. تترجل نحو حي الأثرياء بحثاً عن بعض المواد الغذائية أو الاستهلاكية التي يمكن أن تعثر عليها في القمامة. تقول زينب (13 عاماً): "نعيش في حي فقير جداً، تغيب ملامح التنمية، ونحاول البحث عن ما يسد جوعنا في قمامة هذا الحي الثري".
يعيش المواطنون في حي زينب حياة بائسة، تغيب ملامح التنمية. القمامة منتشرة بين المنازل. شبكات الصرف الصحي متهرئة، وغياب شبه تام للكهرباء والماء.
في هذه الأحياء الشعبية، أو ما يسمى العشوائيات المنتشرة في العاصمة بغداد، قصة لا يمكن للمرء تخيلها. فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الحضيض. بطالة منتشرة بين الشباب، وأمراض تفتك بالصغار والكبار.
في المقلب الأخر، شارع يتسم بالنظافة، ينعم السكان بالتيار الكهربائي، الماء، ويعيشون في قصور فخمة.

سياسات متبعة 

هذا المشهد المتناقض في العراق، ليس وليد اليوم. لقد بدأ بالظهور بعد العام 2003. ويعود السبب في ذلك إلى غياب الاهتمام الحكومي بتنمية كافة المناطق العراقية، بالإضافة إلى انتشار الفساد والسرقات، وهذا ما ساعد على وجود هذا الفرز الطبقي بين أفراد المجتمع. فقبل العام 2003، لم يكن هذا المشهد مألوفا.
تشير من جهتها، والدة الطفلة زينب، إلى أن العائلة كلها تتجه نحو قمامة الأثرياء، حيث يجدون كل ما يلزمهم من مواد وسلع أساسية. وتقول" نجد في القمامة كميات من المواد الغذائية الشهية كالأرز المطبوخ وعليه اللحم، والفاكهة والخضروات والمعلبات التي لم نكن نحلم برؤيتها قبل أن نكتشف هذا العمل، كما نحصل أحياناً على ملابس مستعملة بحالة جيدة، منها ما نستخدمه، ومنها ما نبيعه لتجار الملابس المستعملة "البالات"، وفي مرات قليلة نعثر على بعض الأدوات المنزلية الصالحة للاستعمال أو البيع".
بحسب الخبراء، فإن هذا المشهد المتناقض بين الأحياء السكنية في العراق يعود بالدرجة الأولى إلى الحروب المتكررة، حيث ظهرت شخصيات وطبقات تتميز بالبذخ والترف على حساب بقية فئات المجتمع، ولذا بدأ هذا التفاوت الطبقي بالظهور تدريجياً.
ويقول الخبراء: " يسكن في مناطق الأثرياء عادة المتنفذون عسكرياً وسياسياً، وبعض المنتفعين من العلاقة معهم"، إذ إن تزاوج السلطة والقوة والمال يدفع بأغلب هؤلاء المتنفذين إلى التجاوز على حريات الآخرين، مبررين ذلك بالظروف غير الطبيعية التي تمر بها البلاد، وضرورة حشد كل الطاقات للعمل العسكري، وهو ما تكذبه حياة البذخ والإنفاق في بيوتهم".
ويضيف الخبراء: "منذ أن استولى العديد من المسؤولين على المباني والقصور الحكومية والخاصة لمسؤولي النظام السابق عن طريق وضع اليد، والتهديد بالسلاح، قاموا بعزل هذه القصور والمجمعات السكنية بحواجز إسمنتية وأقاموا نقاط تفتيش عند مداخل ومخارج العاصمة، ثم شمل الأمر أقرباء ومقربي هؤلاء المسؤولين الذين سكنوا معهم أو بقربهم، مما جعل مناطق سكنهم مترفة وباذخة، تحيط بها أحياء الفقراء وأكواخ المعدمين". ويؤكد الخبراء، أن هذا التناقض من شأنه أن يؤثر على اقتصاد البلاد، حيث تتحكم فئة بثروات البلاد على حساب الفئات الأخرى.

اقرأ أيضاً:ارتفاع حدة الهجرة من العراق بحثاً عن الأمن والعمل
المساهمون