مجسم رديء الصنع والتنفيذ والإخراج للممثلة الأميركية مارلين مونرو، يواجه الداخل لقاعة الباب/ سِليم في "دار الأوبرا المصرية"، حيث يقام معرض لأحد أساتذة فن النحت في جامعة المنيا (صعيد مصر)، وهو الفنان إيهاب الأسيوطي نفسه صاحب المجسم المشوّه.
نسخة مقلدة ورديئة من التمثال الأشهر لمعشوقة الأميركيين، إذ تميل فيه بغنج محاولة بذراعيها لملمة فستانها الأبيض فيما يطيّره الهواء، لكنّ نسخة الفنان المصري أظهرت مارلين بأبعاد جسدية نافرة ومشوّهة.
في السياق ذاته شهد العام المنصرم في مصر انتشار تماثيل مماثلة رديئة التجهيز والإخراج، وُضعت في مداخل بعض مدن المحافظات الإقليمية وبنسبة أقل في شوارع وميادين القاهرة، حاول فيها منفّذوها محاكاة بعض منحوتات المصريين القدماء، أو ترميم بعض تماثيل المشاهير في الميادين العامة، لكن عمليّتي التنفيذ أو الترميم اتسمتا بفوضى تشكيلية عارمة.
قوبلت التماثيل وقتها بهجوم ساخر من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك لم تحرّك الدولة - ممثلة في وزارة ثقافتها - ساكناً لإزالة مثل هذه التشوّهات البصرية، في دولة لا تكفّ ليل نهار عن التغني بماضيها الفرعوني المعروف بآثاره مبهرة الجمال والحضور.
هذا الورم البصري تمدّد ليصل مؤخراً لما تعتبره الدولة معبدها للفنون الرفيعة: ساحة دار الأوبرا، وعلى بعد خطوات قليلة من مقر "متحف الفن الحديث" حيث المجموعة الأضخم والأهم لجيل الرواد من التشكيليين والنحاتين المصريين أمثال محمود سعيد ومحمد ناجي وراغب عياد وتحية حليم وجاذبية سرّي ورمسيس يونان وعبد الهادي الجزار.
بعد هجوم لاذع وساخر تعرّض له الأكاديمي الفنان صاحب تمثال مارلين، قام بدوره باتهام أحد الفنانين بالوقوف خلف هذا الهجوم، ثم تحجّج بأن العمل المنفّذ تجاري بحت طلبه أحد سماسرة الفن! مع هذا سيبقى التساؤل مشروعاً حول تقديمه العمل واجهة لمعرضه النحتي، الجيّد بالمناسبة، والسؤال الأكثر جذرية: تمثال لمارلين في دار الأوبرا المصرية، لِمَ؟!
العبث لم يقف عند هذا الحد، بل إن الفنان أعلن على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك" أن رئيس قطاع الفنون التشكيلية خالد سرور هنأه بمعرضه وتمثاله، وقرّر مكافأته بمنحه فرصة العرض مرة أخرى بإحدى قاعات الفنون التابعة للدولة في محافظة الإسكندرية بحيث يتولى قطاع الفنون التشكيلية كافة مصاريف النقل والتجهيز.
الأمر أن وزارة الثقافة بدلاً من أن تقدّم اعتذاراً على انتشار نماذج كهذه مشوّهة وهذه المرة عبر ساحة أوبراها، إذ بها بالمقابل تحتفي بهذا القبح وتوفر له الرعاية المادية والدعم، بما يمكن اعتباره تبديداً للمال العام ومساهمة في إفساد الذائقة البصرية الكليلة أصلاً.
لم يفوّت جمهور الشباب المصري على موقع "فيسبوك" الأمر، بل ذهبوا بالسخرية إلى مداها الأبعد، ودشّنت فعالية كوميدية عبارة عن مسابقة لمعرفة مقاس الملابس التحتية لتمثال مارلين الرديء!