التعديلات الدستورية المصرية: تغيير "دعائي" بمقترح مدة بقاء السيسي

13 ابريل 2019
ستُعرض التعديلات على استفتاء شعبي الشهر الحالي(إيسوف سانوغو/فرانس برس)
+ الخط -
دخل مقترح جديد لتعديل المادة 140 بالدستور المصري، وكذلك المادة الانتقالية الخاصة بفترات تولّي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، في مناقشات التعديلات الدستورية الجارية حالياً في مجلس النواب، قبل أيام من الموعد النهائي للتصويت البرلماني عليها، تمهيداً لعرضها على الاستفتاء الشعبي في الأسبوع الثالث من شهر إبريل/ نيسان الحالي. وجاء مقترح التعديل الأخير على لسان النائب محمد صلاح عبد البديع، والقاضي بـ"زيادة الفترة الرئاسية الواحدة في المادّة 140 إلى 6 سنوات بدلاً من 4 سنوات، على أن تسري على السيسي بأثر رجعي مباشر". وروّجت الصحف ووسائل الإعلام الموالية للسلطة هذا النصّ الجديد بصورة خجولة، وخصوصاً أن الصورة لم تكتمل حتى الآن في ما يتعلق بهذا المقترح، غير أن بعض المصادر كشفت لـ"العربي الجديد"، أنه "اتُفق على تمرير هذا المقترح قبل رحلة السيسي الأخيرة إلى واشنطن، وأن السيسي ووزير خارجيته سامح شكري عرضاه على الإدارة الأميركية باعتباره (جزءاً من المداولات البرلمانية حول التعديل)".

المقترح الجديد سيؤدي إلى تغيير على مستوى عدد السنوات المقبلة للسيسي في الحكم، الأمر الذي يعتقد الأخير أنه مهم إعلامياً ودعائياً، وخصوصاً في الخطاب الموجه للخارج. ويعني التغيير أن الدورة الرئاسية الحالية ستمتد حتى عام 2026 بدلاً من عام 2022، فيُضاف عامان إلى المدة الأولى التي انتهت بالفعل في 2018، ويضاف عامان آخران للمدة الثانية التي ستنتهي في 2022، على أن تحذف المادّة الانتقالية التي كانت تضمن بقاء السيسي حتى 2034.

وهناك مقترح آخر مقارب ما زال متداولاً في الدائرة المخابراتية الرقابية المحيطة بالسيسي، يتلخص في زيادة مدة الرئاسة لفترة الولاية الثانية فقط لتنتهي عام 2024، على أن تضاف مادة انتقالية تسمح للسيسي بالتجديد لمدة ثالثة فقط حتى 2030، باعتبارها المدة الثانية بنظام الست سنوات، وبالتالي يسقط احتساب المدة الأولى التي قضاها من 2014 إلى 2018.

المصادر أوضحت لـ"العربي الجديد" أن "السبب الرئيسي لهذا التغيير المرتقب، هو أن يتم وقف تداول عبارة (البقاء في السلطة حتى 2034)، بما تحمله من استفزاز واضح لعقول ومشاعر المصريين والدوائر الأجنبية المهتمة بالوضع في مصر. كما يهدف إلى أن يبدو السيسي في صورة الحاكم الذي لا يهمه البقاء في السلطة، ولا يتدخل أو يعترض على تقليل فترة حكمه الموعودة. وهو ما سيعطي ألسنة النظام مساحة جديدة للحديث عن عدم تدخله في عملية التعديل بصفة عامة، ومراقبة الأمر من بعيد، كما يحاول رئيس مجلس النواب علي عبد العال إيهام الرأي العام دائماً". مع العلم أنه لا يوجد أي نص دستوري أو ضمانة سياسية، تمنع السيسي ونظامه من تعديل الدستور مرة أخرى بعد 6 سنوات وربما أقل، لضمان بقائه في الحكم لفترة أطول مما يضعه المقترح الجديد.

وكشفت المصادر المطلعة أن "المستشار القانوني غير المعلن للسيسي، محمد بهاء أبو شقة، سلّم فكرة هذا المقترح إلى رئيس مجلس النواب منذ أسبوعين، وتم إعداد أكثر من صيغة داخل البرلمان بمعرفة عبد العال شخصياً وعدد من مساعديه. وسيتم الاستقرار على إحدى الصياغات خلال الأسبوع الحالي".



وعن التغييرات الأخرى التي قد تحملها النسخة النهائية للتعديلات؛ قالت المصادر إن "فكرة التعيين الكامل لمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) ليست نهائية، بل هي أشبه ببالون اختبار قد يصيب وقد يتم الالتفات عنه، وفقاً لتعاطي الرأي العام معه. لكن من ضمن المبررات التي تساق للترويج، أن التعيين سيُقلّل تكاليف تشكيل هذه الغرفة، رغم أن الجانب المادي من الأمر لا يفترض أن يتم طرحه، لأنه يثير التساؤل عن مدى أهمية وكلفة إحياء الغرفة الثانية من البرلمان دون فائدة مرجوّة أو صلاحيات تذكر".

وأضافت المصادر أن "التغييرات الأخرى التي ربما ستطاول الموادّ ستقتصر على تعديل كلمة أو كلمتين، ولن تمسّ جوهر التعديل، ومنها عودة النص على (استقلال الموازنات الخاصة بالهيئات القضائية)، لكن السيسي وأعضاء الحكومة متمسكون بحذف أن تدرج موازنة كل هيئة (رقماً واحداً). وهو ما يعني الاستقرار على حلّ وسط بين تبعية الموازنات لوزارة العدل، واستقلال كل هيئة بموازنتها وعدم تمكن البرلمان والحكومة من مراقبتها".

وبدأت الأسبوع الماضي في القاهرة مكاتب حزب مستقبل وطن بالمحافظات وضواحي العاصمة، حملة موسعة لحشد المواطنين للنزول للاستفتاء والمشاركة بالموافقة على التعديلات الدستورية، ممولة في الأساس من النواب والتجّار ورجال الأعمال الطامحين لدور سياسي في الفترة المقبلة. كما تم تدشين حملة إعلانية ضخمة، في مناطق مختلفة من القاهرة والجيزة والمحافظات، تحمل عنوان "انزل وشارك.. قول رأيك"، منسوبة لحزب مستقبل وطن وأحزاب أصغر موالية، ورجال أعمال راغبين في التقرب للسلطة.

وسيجرى الاستفتاء في الأرجح على 3 أيام بالداخل، بعد إجرائه للمصريين بالخارج في يوم واحد أو يومين على أقصى تقدير. وكشفت المصادر المطلعة لـ"العربي الجديد" نهاية الشهر الماضي، أن "السلطات تسعى إلى امتلاك وقت أكبر للتعامل مع المعارضة المنتظرة للتعديلات، وحتى لا تفاجأ الأجهزة بنجاح دعوات النزول للاستفتاء والتصويت بـ(لا)، فتقف عاجزة عن مجاراتها بالسرعة المطلوبة، وخوفاً من أن يؤدي هذا الأمر إلى خلل في نسب التصويت لصالح المعارضة. بالتالي فإن إتاحة يومين للاقتراع، ستكون حلاً مناسباً لتلافي أي نتائج غير سارّة أو آثار غير مرجوّة لحشد المعارضة".

ويأتي هذا الاتجاه من الدولة، بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتحفيز المواطنين، وبصفة خاصة الشباب، للمشاركة في الاستفتاء والتصويت برفض التعديلات الدستورية، وعدم إبطال الصوت أو المقاطعة، علماً أن حملات الاعتقال التي شهدها مطلع مارس/ آذار الماضي في أوساط شباب ونشطاء الأحزاب والتيارات غير الدينية، كانت تستهدف بشكل أساسي شباباً ساهموا في نشر هذه الدعوات للمشاركة ورفض التعديلات وعدم المقاطعة.