تُظهر الأحداث الجارية أن السلطة المصرية الحالية لا تمانع كثيراً في مدّ يد التعاون مع "إسرائيل" في شتى المجالات، غير أن ثمّة مبالغة أُثيرت حول كتاب واحد تُرجم من العبرية إلى العربية، باعتباره علامة على التطبيع الثقافي.
"ألف ليلة دوت كوم" كتاب لـ جاكي حوجي، وهو إسرائيلي من أصول عراقية، يعمل محلّلاً للشؤون العربية في جيش الاحتلال، ترجمه عمرو زكريا. الحديث عن سحب الإصدار من "معرض القاهرة للدولي للكتاب"، ثمّ إعادة طرحه واستنطاق مسؤولين مصريين ووسائل إعلام عربية وصهيونية، كان جزءاً من الدعاية للعمل.
صار المؤلّف ضيفاً على معظم الصحف العبرية والقنوات الإسرائيلية للحديث عن تجربته التي أثارت ضجة إعلامية من دون الاطلاع على مضمون كتابه. كذلك كان المترجم ضيفاً على عدّة مواقع إعلامية؛ ما زاد الطلب على الكتاب.
داخل المعرض، لم يسمع معظم الزوّار عن أن ثمّة كتاباً إسرائيلياً في إحدى الجنبات، كما أن حالة العداء مع الكيان الصهيوني ليست في أحسن حالاتها حتى تقوم المظاهرات التي تندّد بالتطبيع، بل على العكس من ذلك؛ فقد جرى إغراق جميع الأنفاق الثقافية بين مصر الرسمية والقضية الفلسطينية.
اندفاع أحد البرلمانيين (النائب محمد المسعود) إلى إلقاء بيان عاجل في مجلس النوّاب عن ملابسات صدور الكتاب وسؤال وزير الثقافة حلمي النمنم، بحجة أن روّاد المعرض فوجئوا بعرض العمل، ما أثار استياءهم، يوحي على غير الحقيقة بأن همّاً ثقافياً مضاداً للتطبيع قد ألهب حماس المواطنين المهدّدين أصلاً بالاعتقال والاستهداف إذا أعلنوا عن احتجاجهم بالطرق السلمية.
وكان النمنم قد صرح بأن المعرض يحوي كتباً إسرائيلية، وأن هذا الأمر موجود منذ 30 سنة، مضيفاً عن دوره في ذلك: "ما المشكلة؟! هل دوري تعميم الجهل أم تعميم المعرفة؟!".
الطريف أن تُثار ضجّة حول هذا الكتاب وحده، رغم وجود عدد من الكتب الأخرى لمؤلّفين إسرائيليين داخل المعرض، مثل: "شخلة وحزقيل" لـ ألموج باهار وترجمة نائل الطوخي، وكتابي "علمنة اليهودية" و"يهودية بلا إله" وكلاهما لـ يعقوب ملكين وترجمة أحمد الراوي، و"إسرائيل وفلسطين: إعادة تقييم ومراجعة ودحض وتفنيد" للمؤرّخ آفي شلايم، وقد ترجمه حسين ياغي وآخرون.
اقرأ أيضاً: علي سالم: الموت تطبيعاً