التسليح الباكستاني للمعارضة السورية: السعودية والمجازفة الكبرى

26 فبراير 2014
أسلحة نوعية لمقاتلي المعارضة
+ الخط -

على الرغم من عدم الرضا الأميركي المعلن عن سعي السعوديّة لتزويد المعارضة السوريّة بأسلحة نوعية من باكستان بهدف تغيير ميزان القوى العسكريّة على الأرض، فإن التقارير الصحافيّة، فضلاً عن الزيارات المتبادلة التي قام بها مسؤولون سعوديون وباكستانيون، تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن السعوديّة ماضية في عزمها.

الفشل الذي أطاح مفاوضات "جنيف 2"، والذي ترفض معظم الأطراف الفاعلة في الأزمة السوريّة الاعتراف به، فضلاً عن التقارب الأميركي ـ الإيراني، والذي أعقبته زيارة رئيس الحكومة التركيّة رجب طيب أردوغان إلى إيران، دفع بالسعوديّة إلى ما يمكن اعتباره "مجازفة سياسيّة" كبرى.

تقف الرياض اليوم في مواجهة واشنطن وموسكو. وتتسبب "المجازفة" السعوديّة بإحراج أميركا التي خذلت حليفها الخليجي التاريخي، بعد تراجعها عن تنفيذ ضربة عسكريّة ضد نظام الرئيس بشار الأسد. غير أنّ الأهم، بحسب مراقبين، هو تجاهل السعودية للموقف الروسي الذي لا ينفك يدعو إلى وقف إمداد المعارضة المسلحة بالعتاد العسكري، مصوّباً على ما يدعوه "التنظيمات الإرهابيّة" التي يحارب الأسد ضدها.

تدرك موسكو الهدف المباشر من وراء شراء صواريخ أرض ـ جو تُحمَل على الكتف، وأنظمة صواريخ مضادة للدبابات مصنوعة في باكستان، لتسليح معارضين سوريين متمركزين في الأردن. فبعد التعبير عن شعورها بالقلق، قالت موسكو، أمس الثلاثاء، إنّ الهدف من تسليح المعارضة هو "تغيير موازين القوى من خلال هجوم من المقرر أن يشنه مقاتلو المعارضة في الربيع المقبل" على قوات النظام. لكنّ تحذير البيان الروسي من وقوع السلاح "في أيدي المتطرفين والإرهابيين"، لن يجد آذاناً صاغيّة في السعوديّة. أولاً لأن مَن تقصدهم روسيا هم عموم الكتائب المحاربة ضد الأسد، بمَن فيهم كتائب "الجيش الحر". وثانياً لأن الرياض اتخذت "إجراءات احترازيّة"، بصورة قوانين، من شأنها إضعاف حضور تنظيم "القاعدة" في سوريا، وسحب السعوديين المنتسبين إليه منها، الأمر الذي يدفع عنها تهمة دعم "التطّرف".

تستفيد روسيا، عبر بيان وزارة خارجيتها، من القرار الغربي بعدم التدخل في سوريا عسكرياً، فتشدّد مراراً على أنّ الأزمة السورية "لا تُحَلّ بالقوة"، وعلى أن تحسين الوضع الإنساني "لن يتحقق إلا عبر الوسائل الدبلوماسية والسياسية". كل ذلك على الرغم من الأنباء التي انتشرت، أخيراً، حول إعادة روسيا لعدد كبير من الضباط والمستشارين الروس إلى سوريا، بغية تقديم الدعم الميداني والمباشر لوحدات النظام العسكريّة، فضلاً عن الدعم الإيراني العسكري والمادي والبشري للنظام السوري.

وفي غضون ذلك، تعيش جبهة الجنوب السوري طور التسخين، بعدما وعد رئيس "الائتلاف الوطني" المعارض، أحمد الجربا، خلال زيارته إلى الشمال السوري مطلع الشهر الجاري، بـ"تدفّق" السلاح إلى كتائب المعارضة، في وقت لا تزال فيه جبهة يبرود مشتعلة من دون تقدّم يُذكر لقوّات النظام. في هذا الوقت، يبقى انتظار السلاح النوعي الموعود ليكسر التوازن الميداني، الأمر الذي يشكّل صافرة انطلاق لمفاوضات جديدة في جنيف، يرى كثيرون أنه سيُجبر النظام السوري على تقديم تنازلات تدريجياً، وخصوصاً أن روسيا لا تعيش، اليوم، أفضل أيامها بعد الانتكاسة التي أصابتها في خاصرتها الأوكرانية.

المساهمون