التراث البغدادي": سيرة ألف عام

04 سبتمبر 2019
(بغداد في لوحة للرحالة الأميركي وليام بيري فوغ، 1874)
+ الخط -
بدأ رجل القانون العراقي طارق حرب في السنوات الأخيرة بتقديم سلسلة من المحاضرات وكتابة المقالات حول تراث بغداد منذ تأسيسها في القرن الثامن الميلادي، مهتماً بشكل أساسي بتاريخها الاجتماعي والثقافي المتعلّق بالأزياء والطعام واالشراب والمهن والأدب والموسيقى وتطّورها من زمن إلى آخر.

ثلاثة كتب أصدرها على التوالي، هي "وزراء بغداد" (2013) الذي يعود فيه إلى العديد من الشخصيات التي تولّت الوزارة على مرّ العصور وتركت أثرها في ذاكرة البغداديين، و"تصوف أهل بغداد" (2015) ويتتبع نشاة جميع الطرق وسير أعلامها، و"بغداديات تراثية" (2016) الذي تتضمّن العديد من الحوادث والوقائع الهامشية التي يسلّط الضوء عليها في تاريخ المدينة.

صدر حديثاً عن "دار الشؤون الثقافية العامة" في بغداد، ضمن سلسلة التراث الشعبي، الجزء الأول من كتابه الجديد "التراث البغدادي بين العصر العباسي والعهد الملكي"، الذي يرصد عدّة قضايا وظواهر واتجاهات فكرية وتحوّلات اجتماعية واقتصادية خلال أكثر من ألف عام.

يشير المؤلّف في المقدمة إلى أن "الحفاظ على التراث ضرورة أساسية للشعوب التي تسعى لتحقيق ذاتها الحضاري، وإثبات هويتها في ماضيها وحاضرها"، مستعرضاً مواضيع متنوعة تناولها الكتاب منها المرأة، والتصوف، والفلسفة، والمدارس الفقهية، والموسيقى والغناء، وأصحاب الأديان المذاهب ممن عاشوا في بغداد، وكذلك الصحافة والرياضة والخانات والمحلات والأسواق والمهن وغيرها.

يعود حرب في إحدى محاضراته، إلى الحكايات والأساطير والعادات والتقاليد والمعتقدات والخرافات من مأثورات أهل بغداد منذ تشييدها وحتى اليوم، وكيف خلّد الشعراء بعض منها بحيث يمكن اعتبارها كأنموذج للتراث الشعبي، ومنها قول المتنبي "أحن إلى أهلي وأهوى لقائهم/ وأين من المشتاق عنقاء مغرب".

ويقف في موضع آخر عند كتابات الرحالة الفرنسي جان باتيست لوي روسو إبان حكم المماليك العثمانيين، حيث كانت التجارة ببغداد في عهد الوالي سليمان باشا الكبير الذي حكم بغداد سنة 1780، تتدفق عليها النتاجات الآسيوية والأوروبية، وكيف أثّر التدخل الروسي في بعض مناطق فارس والاضطرابات في الدولة العثمانية، واحتكار الإنكليز لتجارة بعض الأقطار وفقدان الأمن، وتزييف العملة، على تجارة بغداد.

ويعرّج أيضاً على كتابات الرحالة الإيطالي ماركو بولو خلال القرن الثالث حول ما كان يصنع في بغداد من نسيج الحرير الموشى بالذهب وكانت محلة التستريين الكرخ تصنّع فيها الثياب منسوجة أو مطرزة، مفصلاً اختلاف اللباس بين العلماء والعسكر ورجال الدين والقضاءة والعمّال والشطّار وغيرها من الفئات.

المساهمون