كيف السبيل إلى الخروج من دائرة اقتصاد الكفاف الذي يعيشه معظم سكان الأرياف والأطراف في عدد من دول القارة السمراء؟ وهل نحلم بأن تتوازى عمليات الانتقال التنموي بالسياسي؟
في موزمبيق أسموه انتقال المشاركة والمصالح المتبادلة، وفقاً لخبير الاقتصاد السياسي في جامعة الخرطوم البروفيسور عطا البطحاني. وفي أوغندا وإثيوبيا هو إعادة بناء المركز، وانتقال التسوية التاريخية في جنوب أفريقيا، وتم تسجيل نجاحات متفاوتة هنا وهناك. أما في السودان ونيجيريا، فهو انتقال الدائرة الشريرة، التي تأتي في كل مرة بحكم عسكري يمحو ما بدأه سابقه من محاولات للخروج بالشعوب من الظلم التنموي.
ولأن لكلّ انتقال شروطه الإجرائية والموضوعية التي لا تنفصل عن بعضها البعض، يبقى من الضرورة الوعي بأن هناك متغيرات وتحولات غير محدودة على كافة المستويات، وإن كانت الحكومات المركزية قد استمرت سابقاً في ترك الأطراف لأهلها، كما يؤكد الخبير البيئي عيسى عبد اللطيف. لكن وقتها، كان في الإمكان توفير الحد الأدني من الحياة الكريمة لإنسان الريف باعتماد موارد الزراعة والرعي المتوفرة لسد حاجته من المأكل والمشرب والمسكن والتداوي، بل حتى السلع الأخرى من خلال أنماط التبادل السلعي، أو ارتياد الأسواق الصغيرة الجوّالة بين القرى (أم دورور) في عمليات تجارية ذات نطاق ضيّق، بيد أن الأمر اختلف لأسباب عدة من بينها ما هو طبيعي كشح الأمطار والتغيرات المناخية، وما هو نتاج سياسات تنموية فاسدة ظلت ترعى عمليات استثمار مكثّفة لا علاقة لها باستدامة الموارد، ما نسمية الإفساد البيئي البيِّن.
أصبح على إنسان الريف السفر إلى المركز (العاصمة في النموذج السوداني) لتلقي خدمات العلاج والتعليم، أو الحصول على وظيفة، أو الالتحاق بعمل ولو كان هامشياً لسد رمقه ريثما تنفتح أمامه أبواب الاستقرار أو الهجرة إلى دولة أخرى، تاركاً وراءه أرضه وموارده ومعارفه وتراثه ليندثر تحت ركام الطمع الاستثماري ومخلفاته.
اقــرأ أيضاً
لم تعف أيدي الاستثمار الأجنبي عن النفط والمعادن النفيسة (الذهب، اليورانيوم، وغيره)، ولا عن الغابات وشجيرات الطلح الصغيرة يصدرونها فحماً خاصاً بإشعال النارجيلة. حتى المياه الجوفية تروى بها مزارع أعلاف التصدير. وكذا الحال مع المورد البشري الغارق في الإهمال والاستغلال المركزي حد استخدام أكثر الفئات قدرة على الإنتاج (الشباب) كوقود في حروب إقليمية بدلاً عن إدماجه في العملية التنموية.
لا خلاص من كل هذا إلا بوصفة الدكتور عيسى المستنبطة من عصارة فكر تنموي اقتصادي، وخليط التجارب المحلية والإقليمية، إذ يؤكد أن "التنمية تبدأ من الريف لا العاصمة، ومن الأطراف لا المركز، وعمادها هو الإنسان الصحيح العقل والنفس والبدن، والمسلّح بالمعرفة والثقافة". وكلنا أملٌ في أن تكون الحكومة المدنية الجديدة على قدر هذا التحدي.
(متخصص في شؤون البيئة)
في موزمبيق أسموه انتقال المشاركة والمصالح المتبادلة، وفقاً لخبير الاقتصاد السياسي في جامعة الخرطوم البروفيسور عطا البطحاني. وفي أوغندا وإثيوبيا هو إعادة بناء المركز، وانتقال التسوية التاريخية في جنوب أفريقيا، وتم تسجيل نجاحات متفاوتة هنا وهناك. أما في السودان ونيجيريا، فهو انتقال الدائرة الشريرة، التي تأتي في كل مرة بحكم عسكري يمحو ما بدأه سابقه من محاولات للخروج بالشعوب من الظلم التنموي.
ولأن لكلّ انتقال شروطه الإجرائية والموضوعية التي لا تنفصل عن بعضها البعض، يبقى من الضرورة الوعي بأن هناك متغيرات وتحولات غير محدودة على كافة المستويات، وإن كانت الحكومات المركزية قد استمرت سابقاً في ترك الأطراف لأهلها، كما يؤكد الخبير البيئي عيسى عبد اللطيف. لكن وقتها، كان في الإمكان توفير الحد الأدني من الحياة الكريمة لإنسان الريف باعتماد موارد الزراعة والرعي المتوفرة لسد حاجته من المأكل والمشرب والمسكن والتداوي، بل حتى السلع الأخرى من خلال أنماط التبادل السلعي، أو ارتياد الأسواق الصغيرة الجوّالة بين القرى (أم دورور) في عمليات تجارية ذات نطاق ضيّق، بيد أن الأمر اختلف لأسباب عدة من بينها ما هو طبيعي كشح الأمطار والتغيرات المناخية، وما هو نتاج سياسات تنموية فاسدة ظلت ترعى عمليات استثمار مكثّفة لا علاقة لها باستدامة الموارد، ما نسمية الإفساد البيئي البيِّن.
أصبح على إنسان الريف السفر إلى المركز (العاصمة في النموذج السوداني) لتلقي خدمات العلاج والتعليم، أو الحصول على وظيفة، أو الالتحاق بعمل ولو كان هامشياً لسد رمقه ريثما تنفتح أمامه أبواب الاستقرار أو الهجرة إلى دولة أخرى، تاركاً وراءه أرضه وموارده ومعارفه وتراثه ليندثر تحت ركام الطمع الاستثماري ومخلفاته.
لم تعف أيدي الاستثمار الأجنبي عن النفط والمعادن النفيسة (الذهب، اليورانيوم، وغيره)، ولا عن الغابات وشجيرات الطلح الصغيرة يصدرونها فحماً خاصاً بإشعال النارجيلة. حتى المياه الجوفية تروى بها مزارع أعلاف التصدير. وكذا الحال مع المورد البشري الغارق في الإهمال والاستغلال المركزي حد استخدام أكثر الفئات قدرة على الإنتاج (الشباب) كوقود في حروب إقليمية بدلاً عن إدماجه في العملية التنموية.
لا خلاص من كل هذا إلا بوصفة الدكتور عيسى المستنبطة من عصارة فكر تنموي اقتصادي، وخليط التجارب المحلية والإقليمية، إذ يؤكد أن "التنمية تبدأ من الريف لا العاصمة، ومن الأطراف لا المركز، وعمادها هو الإنسان الصحيح العقل والنفس والبدن، والمسلّح بالمعرفة والثقافة". وكلنا أملٌ في أن تكون الحكومة المدنية الجديدة على قدر هذا التحدي.
(متخصص في شؤون البيئة)