التحديات التكنولوجية في قطاع التأمينات

13 يوليو 2015
التكنولوجيا تحسن الخدمات التأمينية (Getty)
+ الخط -
يعتبر قطاع التأمينات والحماية الاجتماعية ركيزة اقتصادية كبيرة، تمكن من تمويل الاقتصاد وتوفير حاضنة مالية من المدخرات لتحقيق أهداف استثمارية تعزز النمو الشامل، وتشكل كذلك جداراً حامياً من المخاطر والكوارث على الأفراد والمؤسسات. على هذا النحو، يمتلك التأمين جانباً اجتماعياً مهماً يسعى لبسط الاستقرار والترابط العائلي والمجتمعي، والعمل على مواجهة الصدمات وتجاوز الأزمات المالية.

و في نفس الإطار، لقد شكلت العولمة الاقتصادية، التنافس التجاري، البيئة المضطربة لمجال الأعمال والأزمات المالية المتلاحقة عوامل رئيسية في إقلاع قطاع التأمينات و تطوره المتواصل. حيث نجد أن مؤسسات التأمين والحماية الاجتماعية تلعب دوراً محورياً في إثراء السياسات المالية والاستثمارية عبر أنشطة تداولية كالاكتتاب، التسعير، التخمين، التعويض، إدارة المخاطر، إعادة التأمين. وليس بغريب أن تحقق الدول الاقتصادية الكبرى قفزات تنموية معتمدة في ذلك على قطاع التأمينات. فالولايات المتحدة الأميركية تسجل أكثر من تريليون دولار سنوياً كرقم معاملات، بينما تحقق دول الاتحاد الأوروبي ما يقارب خمسة تريليونات دولار سنوياً، وتحتكر حصة الأسد على المستوى العالمي بنسبة 62%.

اقرأ أيضا: تكنولوجيا النقل الذكي... إنه المستقبل

ومع انتشار ثورة المعلومات والاتصالات، أصبحت التكنولوجيا محط اهتمام بالغ من طرف الفاعلين في قطاع التأمين والحماية الاجتماعية، فهي تساعد مؤسسات التأمين على إنجاز مميزات استراتيجية، وتحسين العلاقة مع الزبون من خلال برامج رقمية متطورة، وتطبيقات تفاعلية تقرب الخدمات التأمينية، وتبسط معانيها على المتلقي باختلاف ثقافته وسنه وانتماءاته.

وعلى ذات المنوال، تساهم تكنولوجيا المعلومات في توسيع قاعدة الزبائن، عبر نظام متكامل للعلاقة مع الزبون يصاحبه في جميع مراحل التعاقد بينه وبين مؤسسة التأمين. إضافة إلى التوفر على بنوك للمعلومات تحدد مواصفات للزبائن الحاليين والمحتملين عبر درجة الاستثمار والقابلية لتحمل المخاطر. الأمر الذي يوضح سلوكيات المستهلكين للخدمات التأمينية بين من له حس مغامراتي وقدرة على تحمل المخاطر، الزبون الذي لديه فوبيا من المستقبل ويسعى إلى تأمين شامل عن المخاطر، وزبون يرى في التأمين فرصة استثمارية عالية يمكن من خلالها جني أرباح مالية واجتماعية.

اقرأ أيضا: رهانات إنترنت الأشياء

وفي هذا الصدد، تحسن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جودة الخدمات عبر التواصل الدائم مع الزبائن، وتتبع ميولهم التأمينية ورغباتهم في الحماية الاجتماعية. فقد أصبح للإنترنت، الأجهزة الذكية والمحمول مكانة مهمة في تسهيل الخدمات، حيث أصبح بإمكان الزبائن كتابة عقود التأمين عن بعد، وإرسالها عبر الإنترنت إلى مؤسسات التأمين، متابعة الخدمات والعروض دون الحاجة للتنقل، إضافة إلى إرسال الوثائق والصور من الهاتف المحمول الذكي إلى مؤسسة التأمين المعنية في حالة وقوع حوادث. علاوة على كل ما سبق، تبدد التكنولوجيا الفوارق الزمنية فيتم استغلال الوقت من طرف الزبائن ومؤسسات التأمين على حد سواء، وكذلك الفوارق المكانية بغرض إيصال التأمين للمناطق النائية والأرياف وكسر الحواجز أمام ولوج الخدمات التأمينية لجميع البقع الجغرافية.

اقرأ أيضا: تكنولوجيا الأعمال المصرفية

وإجمالاً، تحمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات آفاقاً واسعة للارتقاء بقطاع التأمين، خاصة مع انبثاق أنشطة التخمين التي تقدم تقديرات حول التأمين كنتيجة لمسار تقييمي وخبرة بالأنظمة المالية ومستويات الخطر. فنجد أن التخمين يعتمد على استباق المخاطر بوضع احتمالات لوقوع أحداث وقياس نتائجها، مع اقتراح سبل محددة لتقليل الخسائر. يستعمل المخمنون برامج معلوماتية وأنظمة تحليلية لقياس المخاطر وإجراء التوقعات، ويستعينون بوسائل التواصل لإجراء استبيانات ودراسات استقصائية بهدف تحديد الأضرار من ثلاثة أبعاد، أولا نوع الضرر، حجمه وأثره على بنية المؤسسات وميزانية الأفراد، وكذلك على العائد الاقتصادي ككل إضافة إلى تكاليف إصلاح الضرر.

اقرأ أيضا: الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية

لقد أصبح التأمين والحماية الاجتماعية قطاعاً حيوياً على المستوى الاقتصادي بإسهاماته في الناتج الوطني الخام، والرفع من معدل النمو، وكذلك على الجانب الاجتماعي بمساندة الأفراد والأسر في الأزمات. وهنا، تعتبر التكنولوجيا رافعة قوية لتعزيز مكتسيات هذا القطاع وتحسين خدماته.
(باحث وأكاديمي مغربي)
المساهمون