البنتاغون يعلن تراجع "داعش"... ومسؤولون عراقيون يشككون

11 يناير 2015
تراجع "داعش" لا يتناسب مع إمكانات التحالف (فرانس برس)
+ الخط -

يتخذ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في الآونة الأخيرة، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، "وضعية المدافع، في مسعى منه للحفاظ على قدراته الموجودة، وعلى شبكة الإمدادات الخاصة به"، وذلك بعد خسارته "خلال الأشهر الستة الأخيرة، 700 كيلومتر تقريباً من إجمالي المساحة التي كان يسيطر عليها في كل من سورية والعراق"، بحسب البنتاغون.
ويسعى تنظيم "داعش"، وفق ما أفاد به المتحدّث الرسمي باسم البنتاغون، جون كيربي، في مؤتمر صحافي عقده الجمعة في مقر الوزارة، "للحفاظ على ما في يده من مساحات يسيطر عليها، لا سيما وأنه فقد مساحة كبيرة خلال الشهور الستة الأخيرة"، لافتاً إلى أن "غارات التحالف الدولي تستهدف الأماكن التي يسعى التنظيم للحفاظ عليها". وتوقّع في الوقت ذاته أن "يفقد التنظيم الإرهابي المزيد من الأراضي التي يسيطر عليها، خلال الفترات المقبلة".

ويثير إعلان البنتاغون الأخير حول تراجع "داعش"، وخسارته المئات من الكيلومترات في العراق، منذ بدء حملة التحالف الدولي، انتقادات واسعة في صفوف الأوساط العراقيّة، السياسيّة منها على وجه الخصوص. وحملت الانتقادات على افتقار الإعلان الأميركي لما وصفوه بـ "الدقة" و"عدم تناسب النتائج مع ضخامة التحالف الدولي والهالة الإعلامية التي رافقت تشكيله، عدا عن مشاركة تسع دول كبرى في الحرب بشكل مباشر، وعشرات الدول بشكل غير مباشر، عبر الدعم العسكري والمعلومات الاستخبارية للقوات العراقية أو التحالف".

وفي سياق متّصل، يصف النائب في البرلمان العراقي، محمد العبيدي، التصريحات الأميركيّة بـ "المبالغ فيها إلى حدّ بعيد"، معتبراً أنّ "التحالف الدولي ومنذ ستة أشهر لم يحقق سوى نتيجة واحدة، وهي وقف زحف داعش على بغداد وكردستان وقتل شخصيات قيادية بارزة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة". ويقول العبيدي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إنّ "مقارنة سريعة للخارطة العراقية قبل ستة أشهر وفي الوقت الحالي، تُظهر أن المساحة السوداء التي يسيطر عليها تنظيم داعش لم تختلف كثيراً".

وفي الإطار ذاته، يوضح مسؤول بارز في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي لـ "العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أنّ "التقارير الموجودة لدينا، تفيد بوجود عمليّة كرّ وفرّ في المدن الشماليّة والغربيّة في العراق"، مشدداً على أنّه "لا يمكن الجزم والقول إننا نحقق تقدماً على الأرض".
ويشير المصدر العسكري إلى أنّ "المدن التي استولى عليها العراقيون منذ بدء غارات التحالف الدولي حتى الآن، هي سنجار ومخمور والقوش والضلوعية وجلولاء والسعدية وجرف الصخر وأجزاء من مدينة بيجي، بينما أحرز "داعش" تقدّماً واحتل مدن هيت والوفاء والصقلاوية والرطبة وكبيس وذراع دجلة والهاشمية وجبة والدولاب وبني زيد غربي وشمالي بغداد". ويلاحظ أنّ "داعش يعوّض خسارته على الأرض، بفعل القصف الجوي للتحالف بالهجوم على بلدات أخرى"، مستنتجاً بالتالي أنّه "لا يمكن القول إنّ التنظيم حقق تقدماً، بل على العكس من ذلك، إذا ما قارنا الجهود والأموال المبذولة وحجم الدول المشاركة، فان أي تقدم أمامها سيكون مخجلاً للغاية".

ويعتبر المسؤول العراقي أنّ "المدن الكبيرة الرئيسية التي يسيطر عليها "داعش"، وهي الموصل والشرقاط والحويجة وتكريت والفلوجة والرمادي، فضلاً عن الرطبة الحدوديّة مع الأردن والقائم الحدوديّة مع سورية، لا تزال عصيّة ولم يكن هناك أيّ تأثير للضربات الجوية". ويلفت إلى أنّ "الولايات المتحدة ركزت على المدن التي تمّ تحريرها، لكنّها غضّت الطرف عن المدن التي احتلها التنظيم خلال الأشهر الستة الماضية من عمر التحالف الدولي على الإرهاب".

ويؤيد الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة في العراق، الدكتور حسن العبدلي، أنّ "التراجع الملحوظ عند تنظيم "داعش" في مناطق من العراق، يقابله تقدم في مناطق أخرى". ويرى، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أنّ "التحالف الدولي حقق نتائج جيدة في حربه لا يمكن إنكارها، فقد أبعد التنظيم عن محيط العاصمة بغداد وحدود كردستان، لكن في الوقت ذاته، فإن إنجازاته لا تتناسب مع قدرات الدول التي تشترك في هذا التحالف".

ويشدّد العبدلي على أنّ "الشارع العراقي بات يشكّك بجديّة التحالف في القضاء على داعش سريعاً، إذ إن ستة أشهر كانت كفيلة بالقضاء عليه، وعلى الرغم من ذلك لا يزال التنظيم فاعلاً وينفذ الضربات النوعيّة بشكل يومي ويتطور أداؤه". ويُعرب عن اعتقاده بأنّ "الحرب على داعش تحكمها الملفات السياسيّة بين العراق والولايات المتحدة، وإمكانية حصول الدول الكبرى على نفوذ سياسي واسع على طول أشواط الحرب على الإرهاب، لذا فهي غير مستعجلة في ذلك إطلاقا".