الانتخابات الهندية: فوز متوقع لمودي وكشمير عنوان أساسي

11 ابريل 2019
استعدادات أخيرة قبل بدء الانتخابات اليوم(موني شارما/فرانس برس)
+ الخط -



للانتخابات التشريعية الهندية أهمية قصوى في منطقة واقعة في قلب طريق الحرير القديم والجديد، والتطلّع إلى تأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي لفترة طويلة. نيودلهي تبحث في انتخاباتها التي تبدأ اليوم، وتستمرّ لـ6 محطات انتخابية، تنتهي في 19 مايو/أيار المقبل، عما أرادته بالأصل حين اختارت ناريندرا مودي على رأسها في عام 2014، أي اللحاق بركب القطار الآسيوي اقتصادياً وتنموياً. كما فعلت الصين واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلند وفييتنام وماليزيا وإندونيسيا، ولو بنِسَبٍ متفاوتة. مودي يدرك أن ما حققه لا يكفي، وعليه فعل أكثر من ذلك، إذا ما منحه الهنود ولاية جديدة، له ولحزب "بهاراتيا جاناتا" (حزب الشعب الهندي) اليميني، أمام حزب "المؤتمر" يسار الوسط بقيادة راهول غاندي، المنتمي إلى عائلة غاندي.

على وقع توجه نحو 900 مليون ناخب هندي إلى صناديق الاقتراع، اليوم الخميس، في انتخابات ستُكلّف نحو 7 مليارات دولار، في أكبر "عملية ديمقراطية في العالم"، تبدو حظوظ مودي أفضل من غاندي، على الرغم من الضمور الاقتصادي الذي رافق عهده، عكس ما كان يتطلّع إليه، إلى حدّ ترجيح العديد من المراقبين بأن "هذه الانتخابات تشكل تحدياً خطيراً وحقيقياً لثقافة البلاد السياسية الجامعة لأطياف المجتمع، خلال السنوات السبعين التي أعقبت استقلال الهند". ويشارك في الانتخابات أكثر من 8 آلاف مرشح من مئات الأحزاب السياسية. ويتنافس المرشحون على 545 مقعداً هي مقاعد البرلمان، على أن تدور المعركة الانتخابية الكبرى لهذه الانتخابات في ولاية أوتار براديش الشمالية، كونها أكثر الولايات الهندية اكتظاظاً بالسكان، البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة، وحصتها 80 مقعداً في البرلمان، مما يجعلها ساحة حاسمة في تشكيل أي حكومة هندية مقبلة. ومن الولايات الرئيسية الأخرى التي ستؤدي دوراً حاسماً في هذه الانتخابات بسبب عدد المقاعد الكبير المخصص لها، ولايات ماهاراشتارا الغربية والبنغال الغربية وبيهار في شمال الهند وولاية تاميل نادو في الجنوب.

ويدخل مودي البالغ من العمر 68 عاماً، والذي حصل حزبه على الأغلبية الساحقة في انتخابات 2014، السباق من موقع أفضل من راهول غاندي المنتمي للأسرة الغاندية، التي قدمت جواهر لال نهرو، وأنديرا غاندي، ونجلها راجيف الذي اغتيل عام 1991. وفي خضم تراجع التأييد الشعبي للحكومة بسبب العجز الاقتصادي، اتخذ حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم أخيراً مجموعة من التدابير التي تسهم في زيادة شعبيته في صفوف الناخبين، ومنها تعهّده يوم الاثنين الماضي، بـ"إلغاء قانون قديم يمنح حقوقاً خاصة لسكان ولاية جامو وكشمير"، في خطوة يمكن أن تثير رد فعل عنيفا في الولاية الوحيدة في البلاد التي تقطنها أغلبية مسلمة. في هذا الإطار، وأثناء كشفه عن برنامج الحزب الانتخابي في نيودلهي، قال مودي: "القومية هي إلهامنا"، كاشفاً أن "القانون 35 ـ أ يمثل عقبة أمام جهود تنمية الولاية". ويمنع القانون الذي يعود لعام 1954 أي شخص لا يسكن في الولاية من شراء أي ممتلكات فيها.



كشمير، هي المدخل التي يسعى مودي للعبور منه إلى ولاية ثانية. في الواقع إن الإقليم المتنازع عليه بين الهند وباكستان، بات ناخباً أساسياً في الانتخابات. ففي 14 فبراير/شباط الماضي، شنّت جماعة "جيش محمد"، المتمركزة في القسم الباكستاني من كشمير، هجوماً على القوات الهندية في القسم الهندي من كشمير. ما أدى إلى مقتل 40 جندياً هندياً. توترت الأجواء بسرعة بين الهند وباكستان، وعلى الرغم من محاولة الأخيرة استيعاب الوضع، عبر الإعلان عن سلسلة إجراءات واعتقالات طاولت قياديين في صفوف "جيش محمد"، إلا أن الهنود لم يقتنعوا. أُقفل المجالان البحري والجوي، بالكامل لدى باكستان وجزئياً لدى الهند. ووقعت اشتباكات متفرقة في كشمير، فضلاً عن قيام القوات الجوية الهندية بغارات عدة. إحدى تلك الغارات أدت إلى وقوع جندي هندي في أسر القوات الباكستانية. لم تتأخر إسلام أباد في إعادته إلى بلاده، كـ"بادرة حسن نية" من قبلها، مفادها بألا رغبة لديها في وقوع حرب بين البلدين النوويين. لكن ذلك لم يمنع رئيس الوزراء الباكستاني، من القول بأن "مودي استغل ذلك لرفع أسهمه انتخابياً".

لمودي، المنتمي لحزب هندوسي متطرف، علاقات متطورة مع الإسرائيليين. بدأت بزيارات متبادلة بين تل أبيب ونيودلهي، وانتهت إلى عبور الطيران الهندي للأجواء السعودية في رحلاته إلى تل أبيب. علاقة برزت مفاعيلها عسكرياً، في استخدام القوات الجوية الهندية قنبلة "سبايس 2000" الإسرائيلية أثناء اشتباكات كشمير الأخيرة. وقنابل "سبايس" (أي التوابل) لا يستخدمها سوى الإسرائيليين والهنود.

التطور في العلاقات مع الإسرائيليين لم يكن على حساب علاقات الهند مع إيران، أقلّه حتى الأيام الأخيرة. الهند كانت من الدول الثماني التي حصلت على استثناء أميركي في عقوبات واشنطن على طهران. في هذا الإطار، ذكرت مصادر عدة، أن شركات تكرير هندية أرجأت طلب شراء نفط إيراني للتحميل في مايو/أيار المقبل، لمعرفة الخطوة الاميركية المقبلة، ما إذا كانت واشنطن ستُمدد الإعفاء من العقوبات الأميركية أم لا. والهند أكبر عميل للنفط الإيراني بعد الصين، وتشتري نحو تسعة ملايين برميل شهرياً. وقالت المصادر إن الهند تأمل في الحصول على أجوبة واضحة خلال أيام بشأن أي تمديد للإعفاء، وكذلك كمية النفط التي يمكن شراؤها إذا جرى منح التمديد. وقال أحد المصادر "لا نعلم تفكير الولايات المتحدة، ما إذا كانت ستسمح للهند بشراء النفط من عدمه". وبموجب الإعفاء الحالي، يمكن للهند شراء نحو 300 ألف برميل يومياً من الخام الإيراني، نحو نصف الكمية التي كانت تحصل عليها قبل فرض العقوبات. وقالت مصادر هندية الشهر الماضي إن نيودلهي تريد الاستمرار في شراء الخام الايراني عند المستوى ذاته.

في المقابل، يراهن حزب "المؤتمر" على تشكيل ائتلاف كبير من أحزاب إقليمية وجماعات شيوعية لإطلاق حملة مشتركة في مواجهة مودي، مع تردّي الوضع الاقتصادي. لكن الاستطلاعات ترجح أن يفوز تحالف رئيس الوزراء بـ 264 مقعداً في الانتخابات، مقارنة بـ 141 مقعداً قد يفوز بها تحالف المعارضة. كما أن استطلاعا ذكر أن حزب مودي "ستنقصه مقاعد قليلة فقط لتحقيق الأغلبية في البرلمان".

دلالات