الانتخابات الفرنسية: أربعة مرشحين بحظوظ متكافئة في مربع العمليات

10 ابريل 2017
فارق ضئيل بين المرشحين الأوائل (غابريل بويس/فرانس برس)
+ الخط -



على بعد 13 يوماً من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية، بدأت ترتسم معالم سباق حامٍ بين المرشحين الأربعة الأوائل، وهم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، والمرشح الوسطي إيمانويل ماكرون، ومرشح اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، ومرشح اليمين المحافظ، فرانسوا فيون.

وبحسب استطلاعات عدّة للرأي، نُشرت نتائجها اليوم الإثنين، أبرزها استطلاع أنجزته مؤسسة "كانتار سوفريس"، لحساب قناتي "إر تي إل" و"إل سي إي"، وصحيفة "لوفيغارو"، فإن التنافس بات على أشده بين هؤلاء المرشحين الأربعة في مربع ضيق بنسب تراوح ما بين 20 إلى 25 في المائة، ولا تتجاوز فيه الفروق بينهم سوى خمس نقاط قد تذهب لصالح هذا المرشح أو ذاك، حسب تجاذبات الحملة الانتخابية في الأيام المقبلة. وهذا ما يعني أن كل شيء وارد في 23 إبريل/نيسان، وكل المرشحين قادرون على خلق المفاجأة والمرور إلى الدور الثاني.

وإذا كان السيناريو الأكثر تداولاً حتى وقت قريب، هو تأهل لوبان وماكرون إلى الدور الثاني، فإن المعطيات تغيرت بالكامل الآن بسبب الزحام الشديد في مربع العمليات. وأضحت سيناريوهات المواجهة الثنائية في الدور الثاني أكثر تنوعاً، ومنها مواجهة بين لوبان وميلانشون أو أخرى بين ماكرون وفيون أو بين ماكرون وميلانشون.

وسيكون الحكَم الفيصل بين هؤلاء المتنافسين الأربعة هم شريحة الناخبين المترددين، الذين باتوا يمتلكون مفاتيح الاقتراع الرئيسي أكثر من أي وقت مضى. فهناك 47 مليون فرنسي مسجل في اللوائح الانتخابية، وبين كل خمسة ناخبين هناك اثنان ما يزالان، حسب استطلاعات الرأي والتحقيقات، يترددان في اختيار مرشحهما، أي ما يعادل 18 مليون ناخب، وهو رقم هائل سيحسم بقوة في كفتي الميزان يوم الاقتراع.

وبات المترددون يمارسون ضغوطاً هائلة على المرشحين الأربعة الأوائل في هذه الأيام الأخيرة. فمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي كانت استطلاعات الرأي تؤهلها لفوز سهل في الدورة الأولى منذ أشهر عديدة، صارت تساورها الشكوك في هذا الفوز بسبب الخشية المتصاعدة من قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي وأيضاً بسبب التأثير السلبي لمشاكلها مع القضاء على شعبيتها. وهما مسألتان حاضرتان بقوة في النقاش العام ولا تخدمان مصالح لوبان التي اتسم أداؤها في المناظرة التلفزيونية الأخيرة بالضعف، وهو ما جعلها تعود إلى خطاب أكثر تطرفاً كي لا تخسر قاعدتها الانتخابية.

أيضاً اشتدت الضغوط على ماكرون الذي يلعب ورقة الوسطية منذ أشهر ويراهن بقوة على الناخبين الخائبين في المعسكرين اليميني والاشتراكي. وإذا كانت قوة ماكرون حتى الآن تكمن في تقديمه لنفسه كبديل عن مرشحي الأجهزة الحزبية، فهو يعاني حالياً من بعض التذبذب. ومن فرط اللعب المتواصل في موقع الوسط واتفاقه المتكرر مع أهل اليمين واليسار بات ماكرون مهدداً بعودة النقاش الأيديولوجي الساخن بين اليسار واليمين الراديكاليين في الأيام الأخيرة التي تسبق موعد الاقتراع.

في المقابل، يبدو المرشح المحافظ فيون جامداً في مكانه وصار لا يعول سوى على قاعدته الانتخابية التقليدية والوفية، بعد أن تدهورت شعبيته في أوساط الرأي العام بسبب فضيحة التوظيف الوهمي لزوجته وأبنائه واتهامه رسمياً من طرف القضاء بتهمة استغلال النفوذ واختلاس أموال عامة.

ويبقى الرابح الكبير في هذه الأيام الأخيرة هو المرشح اليساري ميلانشون، الذي تصاعدت شعبيته أخيراً بوتيرة مذهلة. وفي غضون أسبوعين تمكن من تجاوز المرشح الاشتراكي بونوا هامون، ثم زاحم فيون في المرتبة الرابعة قبل أن يتجاوزه لينفرد بالمرتبة الثالثة على بعد 5 نقاط من مرشحي المقدمة لوبان وماكرون.

ويتطلع ميلانشون إلى إقناع الناخبين المترددين في الأيام المقبلة مكثفاً من المهرجانات الانتخابية، مثل المهرجان الأخير، الذي عقده أمس الأحد، بمدينة مارسيليا وحضره أكثر من 70 ألف شخص.

واستناداً إلى هذه الشعبية المتصاعدة صار معسكر ميلانشون يؤمن بالفوز في الدورة الأولى واحتمال خوض المواجهة مع لوبان والفوز بها. وتشكل المواجهة المحتملة بين ميلانشون ولوبان السيناريو المثالي لمعسكر اليسار، لأن الناخبين الاشتراكيين والوسطيين وأيضاً ناخبي اليمين المعتدل سيجدون أنفسهم مجبرين على التصويت ضد لوبان وليس بالضرورة لصالح ميلانشون الذي رغم أفكاره الراديكالية يبقى أقل تطرفاً من لوبان.