يؤشر إعلان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن تراجعه عن ترشيح نفسه للسباق الرئاسي الأميركي إلى أن الحزب "الديمقراطي" قد حسم أمره، وقرر الوقوف بقوة خلف هيلاري كلينتون.
اقرأ أيضاً: هل يختار الحزب الديمقراطي مرشحاً اشتراكياً للرئاسة الأميركية؟
ففي الوقت الذي أفسح فيه بايدن بهذا التراجع الطريق أمام المرشحة القوية هيلاري كلينتون لخوض منافسة سهلة داخل حزبها مع أربعة رجال أقل منها قوة، بات ترشيح الحزب لها أكثر ترجيحاً.
وحدّد بايدن السبب الجوهري لانسحابه، وهو استشعاره بعدم القدرة على خوض منافسة ناجحة يمكن أن تحافظ للحزب "الديمقراطي" على منصب الرئاسة. لكنه لم يكن صريحاً عند إعلانه أن موقعه في استطلاعات الرأي العام الأولية كان في المركز الثالث، وأنّ كلينتون استمرت في تصدّر الاستطلاعات بنسبة عالية لم يحصل عليها أي مرشح آخر حتى في الفريق "الجمهوري"، وهو ما دفعه للتراجع، وليس الظروف العائلية الناجمة من وفاة ابنه وفقاً لما ظل يوحي به بأنها تؤخره عن قرار الترشيح.
وأكد بايدن بصورة غير مباشرة بأن الظروف العائلية لم يعد لها دور في عدم خوضه السباق الرئاسي. وقال إنه سيشارك بقوة وبكل ما له من نفوذ لصالح مرشح الحزب أياً يكن، لضمان استمرار تراث الرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما السياسي، وعدم إجهاض السياسات التي تبناها في عهده، في تلميح ضمني على ما يبدو إلى الاتفاق النووي مع إيران وإعادة العلاقات مع كوبا وقانون التأمين الصحي للجميع.
ورغم أن الشفافية التي يعرفها الأميركيون عن بايدن تجعلهم يتوقعون منه أن يكون أكثر تشخيصاً لأسباب تراجع مركزه في استطلاعات الرأي، وهو التراجع الذي أدى إلى عزوفه عن الترشح، فقد تجاهل بايدن التطرق إلى تلك الأسباب مع أن الديمقراطيين ظلوا يتهامسون بها طوال الأسابيع الماضية، ومن بينها معارضته لقرار قتل زعيم تنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، عام قبل حلول الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، الأمر الذي يؤثر على صورته كقائد حازم قادر على اتخاذ قرارات صعبة لحماية الأميركيين.
كما يتردد حالياً بأن مخططي الحزب "الجمهوري" يستعدون لاستغلال ورقة الإرهاب لشنّ هجمات شرسة على مرشح الحزب "الديمقراطي". وكشف مصدر على صلة بحملات الحزب الجمهوري الانتخابية لـ"العربي الجديد"، أن الخطط المقبلة تتضمن إقحام حكومات عربية وشخصيات عربية للتأثير سلباً على صورة الحزب المنافس.
وقال المصدر إنه يصعب إخفاء خطط الحزب "الجمهوري" عن قيادات الحزب الديمقراطي، وإن بايدن كان قادراً من موقعه في الحزب أن يطّلع على بعض الخطط التي تتعلق به، لكنه آثر التراجع، تاركاً زميلته هيلاري كي تتحمل هجمات قد تكون أكثر قوة وخطورة.
منافسو هيلاري
ومع انسحاب بايدن، باتت كلينتون تستمد قوتها إلى حد كبير من ضعف الرجال المنافسين لها من مرشحي الحزب "الديمقراطي". ولم يكن بايدن المتراجع الوحيد عن الترشح، فقد انسحب كذلك السيناتور جيم ويب من حلبة المنافسة. ولعلّ انسحابه لم يأت عبثاً، بل بناءً على صفقة عقدها مع هيلاري ليكون نائباً لها، وكي يجلب لها أصوات العسكريين والمدنيين المنتسبين لوزارة الدفاع الأميركية بحكم شعبيته لديهم.
ويبقى أمام هيلاري أربعة منافسين ديمقراطيين تتقدم عليهم جميعاً في استطلاعات الرأي، وأقواهم هو السيناتور الليبرالي الاشتراكي من فيرمونت بيرني ساندرز، الذي قدم ترشحه للرئاسة في أبريل/ نيسان الماضي. ومن أشهر أقواله إن الولايات المتحدة بحاجة إلى "ثورة سياسية" للطبقة العاملة لاستعادة السيطرة على الحكومة من أصحاب المليارات. لكن لا يبدو أن الناخب الأميركي جاهز حالياً لاختيار مرشح شديد التطرف نحو اليسار.
وبالنسبة لبقية المرشحين، لا يبدو أنّ أياً منهم يشكل خطراً على هيلاري، فمواقعهم في استطلاعات الرأي العام لا تدل على ذلك، ومن بينهم الأستاذ الجامعي في جامعة هارفارد ليورانس ليسنج، وحاكم ولاية رود آيلاند السابق لينكون تشافي الذي أعلن مشاركته في السباق الرئاسي في يونيو/ حزيران. وتعود أسباب ضعف شعبية الأخير إلى أنه قضى سنوات طويلة من حياته في صفوف الجمهوريين، ويعتقد كثيرون أن انتقاله للحزب "الديمقراطي" لم يكن إلا من باب المناكفة، بسبب معارضته للحرب على العراق.
وهناك أيضاً حاكم ولاية مريلاند السابق مارتن أومالي الذي بدأ حملته الانتخابية في مايو/ أيار الماضي. لكن مكمن ضعفه يعود إلى سجله الماضي غير المشجع كحاكم سابق ورئيس بلدية سابق لمدينة بالتيمور، والتي يتهمه بعض قاطنيها بالتمييز العنصري لصالح الأميركيين البيض ضدّ الأميركيين من أصول أفريقية.
وإذا لم تطرأ مفاجآت، فإنّ المنافس الحقيقي لهيلاري سيكون ممثل الحزب "الجمهوري" في السباق الذي يمكن أن تتغلّب عليه بسهوله إن كان رجلاً، أما إذا اختار الجمهوريون كارلي فيورينا لمنافسة هيلاري كلينتون، فإن المنافسة ستكون على أشدّها بين امرأتين لقيادة أقوى دولة في العالم.
اقرأ ايضاً: مناظرة المرشحين الديمقراطيين تحصد ملايين المشاهدات في أميركا