الانتخابات الأميركيّة: عائلة كارتر تعود إلى السباق

03 نوفمبر 2014
يحاول مستشارو الحفيد التقليل من تأثير جدّه جيمي كارتر(Getty)
+ الخط -

تشهد الولايات المتحدة الأميركيّة، غداً الثلاثاء، انتخابات عامة نصفيّة لا يفرق بينها وبين الانتخابات غير النصفيّة، سوى غياب التنافس على البيت الأبيض وبالتالي غياب الإثارة والترقّب. لكنّ أهميّة هذه الانتخابات، تكمن في كونها تحضيريّة لصراع مقبل على البيت الأبيض، بعد أقلّ من سنتين.

ومن المتوقّع أن تقدّم العائلات السياسيّة أبرز نجومها للتنافس على منصب رئيس الولايات المتحدة المقبل. ويجمع معظم المحلّلين على أنّ هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ستمثّل عائلة كلينتون في السباق الرئاسي، ضدّ عائلة بوش، التي سيمثّلها هذه المرّة، جيب بوش، شقيق الرئيس السابق جورج دبليو بوش. وتظهر الانتخابات النصفيّة الحالية مرشّحاً جديداً، بدأ يشقّ طريقه نحو التنافس على البيت الأبيض، لكنّ مصيره رهناً بنتائج الانتخابات النصفيّة غداً الثلاثاء، وهو جيسون كارتر، حفيد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر.

يخوض كارتر حالياً معركة صعبة في جورجيا، ولاية جدّه، التي يريد أن يحكمها. وإذا نجح في أن يصبح حاكم ولاية، فيعني ذلك أنّه قطع نصف الطريق للمنافسة على الرئاسة في الانتخابات المقبلة، لأنّ مرشحي الرئاسة لا بدّ وأن يثبتوا جدارة، إما كحكّام ولايات أو أعضاء في مجلس الشيوخ أو أصحاب مناصب رفيعة أخرى.

ويُعدّ جيسون كارتر سليل عائلة سياسيّة من جهة الأب ومن جهة الأم. لم يصل جدّه، جيمي كارتر، إلى منصب الرئاسة إلا بعد المرور على منصب حاكم ولاية جورجيا، كما أنّ جدّه من جهة الأم، كان عضواً في مجلس شيوخ ولاية جورجيا. ولا يزال جدّه لأبيه ناشطاً حتى الآن، في حملته الانتخابيّة، لكنّ مستشاري حفيده، يحاولون إبعاده حتى لا يفقد أصوات مراكز الضغط المؤيدة لإسرائيل، والتي تخشى من مجرّد اسم كارتر.

وبدأ جيسون كارتر، وهو محام، رحلة الاستعداد لمعركة البيت الأبيض عام 2010 عندما فاز بعضوية مجلس شيوخ ولاية جورجيا. ويمثّل حالياً الحزب الديمقراطي في المعركة على منصب حاكم ولاية جورجيا مع حاكمها الجمهوري ناثان ديل. ويجعل التقارب الكبير بين كارتر ومنافسه، انتخابات ولاية جورجيا مثيرة وملتهبة. وبما أن قانون الانتخابات في الولاية، يسمح بجولة ثانية، إن لم يحصل أحد المرشحين على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، ومع وجود مرشح ثالث هو أندرو هنت الذي قد يسحب من المرشحين الرئيسين نسبة من الأصوات، فمن غير المستبعد ألا يحسم السباق مساء غد الثلاثاء، ليطول الانتظار وتستمرّ الحملة الانتخابيّة بين المرشحين الحائزين على الترتيب الأول والثاني.

ويُظهر آخر استطلاع محلي، للرأي العام في ولاية جورجيا، أُعلنت نتائجه نهاية الشهر الماضي، حصول حفيد كارتر على 46 في المائة من الأصوات، مقابل حصول خصمه الجمهوري (ديل) على 47 في المائة من الأصوات، فيما ذهبت 3.5 في المائة من الأصوات لصالح المرشّح الثالث هنت، ولم يقرّر 3 في المائة لمن سيعطون أصواتهم.

ويعتمد نجاح حفيد كارتر على أصوات غير المقررين، وربّما على أصوات المرشّح الثالث ذي الاتجاه الليبرالي، في حال قرر الانسحاب لصالح كارتر أو قرر مؤيدوه تجيير أصواتهم لصالحه. وعلى الرغم من انتماء كارتر إلى العرق الأبيض، لكنّه مشكلته كديمقراطي ستكون مع البيض، أكثر مما هي مع السود، إذ يحتاج إلى تأييد 30 في المائة على الأقل، من أصوات البيض، ليتغلّب على منافسه الجمهوري، في حين تشير الاستطلاعات إلى أنّ 28 في المائة فقط من البيض، يؤيّدون الحزب الديمقراطي. وفي وقت يحظى فيه حفيد كارتر بتأييد أكثر، في صفوف النساء والشباب، يتصدّر منافسه كبار السن والمتقاعدين، وهم الفئة الأكثر حرصاً على الإدلاء بأصواتهم على مستوى الولايات المتحدة إجمالاً.

ومن المفارقات وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، التي نشرتها الصحافة الأميركيّة، أنّ نحو 9 في المائة من الناخبين المحسوبين على الحزب الجمهوري، قالوا إنّهم سيدلون بأصواتهم لحفيد كارتر الديمقراطي، بينما قرر 4 في المائة من الديمقراطيين الإدلاء بأصواتهم لصالح المرشح الجمهوري. أما المستقلون أو الذين لا ينتمون لأي من الحزبين الرئيسين، فقد أعلن أكثر من 42 في المائة منهم، دعمهم الحزب الديمقراطي، مقابل إعلان 38 في المائة دعمهم الحزب الجمهوري. والبقية إما سيدلون بأصواتهم للمرشح الثالث أو لم يحسموا أمرهم بعد.
وخلاصة القول، أنّ لجيسون كارتر، فرصة كبيرة للفوز بمنصب حاكم ولاية جورجيا، إذا لم يعاكسه الحظ في ذلك، لتكون الطريق مفتوحة أمامه للمنافسة على منصب الرئاسة عام 2016، على مرحلتين، يتحتّم عليه في الأولى التغلّب على هيلاري كلينتون، للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، وهي مهمّة صعبة كونه في بداية الأربعينيات ولا يتمتع بمثل خبرتها السياسيّة. وإذا حالفه الحظّ في ذلك، فإنّ عليه في المرحلة الثانية، التغلّب على جيب بوش، مرشّح الحزب الجمهوري المحتمل.

ويعني ذلك أنّ طريق عودة عائلة كارتر إلى البيت الأبيض، يتطلب من مرشّحها، التغلب على عائلتين أميركيتين عريقتين في السياسة، هما عائلتا كلينتون وبوش، وهي مهمة صعبة لكنّها ليست مستحيلة، خصوصاً إذا كان المنافس من سلالة كارتر الذي ذاق حلاوة النصر مثلما ذاق مرارة الهزيمة في حياته السياسيّة.