ضاق الفاعلون المغاربة في صناعة الغذاء ذرعاً بالمنتجات المستوردة التي تغزو السوق المحلية، ما يدفعهم إلى البحث عن وسيلة لتوسيع حصصهم في تلك السوق، وكلّفت الفيدرالية الوطنية للصناعة الغذائية، التي تضم المهنيين في القطاع، مؤخرا، مكتب الدراسات الأوروبي "رولان بيرجي"، بإنجاز دراسة يراد منها تحديد حاجيات السوقين المغربي والدولي من
المنتجات الغذائية في العقد المقبل.
ويرجى من هذه الدراسة تحديد الطريقة التي يفترض أن يتعامل بها الصناعيون المغاربة مع الأسواق المستهدفة، غير أن الفيدرالية الوطنية لصناعة الغذاء، لن تترجم توصيات تلك الدراسة بمبادرة منفردة منها، بل تعول على إبرام اتفاقية مع الحكومة المغربية تسن إجراءات، تساعد على حماية الصناعة المحلية، وتحفزها على دعم تنافسيتها في الأسواق الخارجية.
وبلغ عجز الميزان التجاري الذي يهم الغذاء في الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي 2014، حسب بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، حوالى 547 مليون دولار، بعدما وصلت المشتريات من الخارج إلى 4.1 مليارات دولار، فيما استقرت صادرات الغذاء في حدود 3.6 مليارات دولار.
ويستورد المغرب الحبوب وعصائر الفواكه والحليب ومشتقاته والزيوت والشوكولاتة، بينما تقتصر صادراته من المنتجات الغذائية على الخضر والفواكه، غير أن هناك حصة كبيرة من المنتجات الغذائية التي يصدرها المغرب لا تكون مصنعة، بل يتم تحويلها في بلدان أخرى مثل أوروبا.
ولا يزال منتجو الغذاء في المغرب ينحون باللائمة على اتفاقيات التبادل التي ساهمت في دخول المنتجات الغذائية بكثافة من بلدان مثل مصر والإمارات العربية المتحدة وتركيا، فضلا عن إلغاء رسوم الاستيراد مع الاتحاد الأوروبي الذي يرتبط معه المغرب باتفاقية شراكة.
في المقابل، لم يتمكن المنتجون المحليون من الاستفادة من فرص التصدير التي تتيحها 55 اتفاقية للتبادل الحر، أبرمها المغرب مع دول وتكتلات اقتصادية، حيث يبدو أن الشركات العاملة في المغرب لا تتوفر على القدرة التي تسمح لها بتوفير منتجات تتيح لها اقتحام الأسواق، علما أن المهنيين ينبهون إلى أن القطاع لا يحظى، كثيرا، باهتمام بالاستثمارات الأجنبية المباشرة التي يمكن أن تضخ فيها سيولة مالية وتمكنه من خبرة جديدة تفتح أمامه
السوق الخارجية.
ولا تتعدى نسبة تحويل المنتجات الزراعية في المغرب 15%، مقابل 35% في تونس، وهي النسبة التي تصل إلى 100% في بلدان أوروبية، ما يشير إلى الإمكانيات التي يمتلكها المغرب من أجل خلق قيمة مضافة حقيقية عبر تحويل منتجاته الزراعية.
ويعمل في صناعة الغذاء بالمغرب حوالى 2100 شركة، توفر إنتاجا بقيمة تناهز 11 مليار دولار سنويا، غير أن القطاع، الذي تؤمن 50 شركة أكثر من 55% من إنتاجه، يعاني، بالإضافة إلى المنافسة الآتية من بلدان يرتبط معها المغرب باتفاقيات للتبادل الحر، من التهريب والقطاع غير الرسمي.