لم يكن نظام البعث، سواء في عهد حافظ الأسد أو في عهد الابن بشار، طائفياً بالمعنى الفج للكلمة، إذ لم تبن القوانين والمؤسسات السورية على نحو طائفي واضح. مع ذلك كان النظام يوظف المفارقات الطائفية الموجودة والمتوارثة في قنوات الاقتصاد والسياسة والأمن لإدامة حكمه. فكان لتلك "الاستخدامات" الطائفية آثار اقتصادية جعلت الاقتصاد السوري يدار على أساس تلك الحسابات الضيقة لا على أسس عقلية اقتصادية تنموية. كما كان لتنامي الاستقطاب الطائفي بعد اندلاع الثورة السورية خسائر اقتصادية يخشى من أن تكرّس في المستقبل.
الاشتراكية البعثية
اتسمت المراحل الأولى من حكم الأسد الأب باضطرابات واسعة ما لبثت أن بدأت تأخذ أبعاداً طائفية بالصدام مع جماعة الإخوان المسلمين. حينها بدأ الأسد بتخفيف القيود التي كانت من سمات "الاشتراكية البعثية" التي يطبقها على الاقتصاد. وشرع بإعطاء مجالاً أوسع لتجار دمشق وحلب، الذين ينظر إليهم من منظور طائفي كـ "سنة"، بالتزامن مع بدء الحملة العنيفة ضد جماعة الإخوان المسلمين. وهو ما يوثقه المؤرخ حنا بطاطو الذي يتحدث عن زيادة حصة تلك الشريحة من التجار في مستوردات السلع الاستهلاكية، وارتفاع عدد أعضائها في غرفة تجارة دمشق وخفض مدفوعاتها الضريبية في تلك الفترة.
وكانت الخسارة الاقتصادية هنا في أن ذلك الانفتاح الاقتصادي على التجار وتخفيف دور الدولة لم يكن مدفوعاً برؤية اقتصادية تنموية جديدة، بل برؤية سياسية انتهازية قائمة على الحسابات الطائفية.
يقول الدكتور محمد السلمان لـ "العربي الجديد": "مشكلة النظام السوري أنه ينتمي إلى أقلية عددية واقتصادية الأمر الذي فرض عليه التحالف مع القوى الاقتصادية في المجتمع السوري. وقد تجاوز ذلك التحالف مفهوم الطائفة إلى مفهوم العصبة النفعية. هكذا دخل مجتمع الأعمال السوري تحت عباءة السلطة". وكان لتلك السياسيات آثار "كارثية على البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع السوري الذي شهد انزياحات وانهدامات اقتصادية واجتماعية، الأمر الذي أخل بالتركيبة الاقتصادية وشكل لاحقا باباً واسعاً لاستشراء الفساد وضعف الإدارة الاقتصادية".
بعد اندلاع الثورة وتحولها إلى حرب دموية، ارتفعت حدة الاستقطاب الطائفي بصورة غير مسبوقة، وكان لذلك آثار اقتصادية لمسها الخبير الاقتصادي الدكتور عماد الدين مصبح في حديث لـ "العربي الجديد" حيث يقول: "قد تنظر شرائح واسعة من السكان إلى الاضطهاد والعنف والتهميش الذي يطالها على أنه نابع من سياسات طائفية، ويخلق ذلك نوعاً من الاستياء الشديد في صفوفها ما يؤدي إلى تحييدها أو تراجع إنتاجيتها في العملية الاقتصادية". كما يؤدي ذلك بحسب مصبح إلى "انعدام التنوع في بيئة العمل وذلك بعد دخول العامل الطائفي في عملية انتقاء الموظفين في قطاع الأعمال. وكنتيجة لذلك، تنحسر الكفاءات، وهو ما يسبب خسائر اقتصادية تتمثل في ضعف الإنتاجية العامة".
كما يعتقد مصبح أن الخسائر الاقتصادية تمتد إلى التغييرات التي اضطر العاملون في سورية إلى إحداثها كردة فعل على زيادة الاستقطاب الطائفي، ويقول: "هنالك عمال اضطروا إلى ترك عملهم بسبب ذلك الاستقطاب فتحولوا إلى عاطلين عن العمل بعد أن كانوا منتجين. وهنالك من هاجر إلى خارج البلاد". ويخشى مصبح من أن "يجري تكريس هذا الاستقطاب الطائفي الذي سيشكل وبالاً على المستقبل الاقتصادي والاجتماعي لسورية".
فقد عمل نور (30 عاماً) قبل الثورة السورية في المدينة الصناعية في حمص قبل أن يترك عمله بعد اندلاع الثورة بنحو عام نتيجة "زيادة التوتر الطائفي الذي بات يسفر عن مشاجرات بالجملة وعمليات خطف وصولاً إلى عمليات القتل". ويضيف نور لـ "العربي الجديد": "بالتأكيد تراجعت إنتاجية معظم الشركات بسبب ذلك، وقد قامت بعض الشركات نتيجة ذلك بفصل مجموعات العمل على أساس طائفي".
الاشتراكية البعثية
اتسمت المراحل الأولى من حكم الأسد الأب باضطرابات واسعة ما لبثت أن بدأت تأخذ أبعاداً طائفية بالصدام مع جماعة الإخوان المسلمين. حينها بدأ الأسد بتخفيف القيود التي كانت من سمات "الاشتراكية البعثية" التي يطبقها على الاقتصاد. وشرع بإعطاء مجالاً أوسع لتجار دمشق وحلب، الذين ينظر إليهم من منظور طائفي كـ "سنة"، بالتزامن مع بدء الحملة العنيفة ضد جماعة الإخوان المسلمين. وهو ما يوثقه المؤرخ حنا بطاطو الذي يتحدث عن زيادة حصة تلك الشريحة من التجار في مستوردات السلع الاستهلاكية، وارتفاع عدد أعضائها في غرفة تجارة دمشق وخفض مدفوعاتها الضريبية في تلك الفترة.
وكانت الخسارة الاقتصادية هنا في أن ذلك الانفتاح الاقتصادي على التجار وتخفيف دور الدولة لم يكن مدفوعاً برؤية اقتصادية تنموية جديدة، بل برؤية سياسية انتهازية قائمة على الحسابات الطائفية.
يقول الدكتور محمد السلمان لـ "العربي الجديد": "مشكلة النظام السوري أنه ينتمي إلى أقلية عددية واقتصادية الأمر الذي فرض عليه التحالف مع القوى الاقتصادية في المجتمع السوري. وقد تجاوز ذلك التحالف مفهوم الطائفة إلى مفهوم العصبة النفعية. هكذا دخل مجتمع الأعمال السوري تحت عباءة السلطة". وكان لتلك السياسيات آثار "كارثية على البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع السوري الذي شهد انزياحات وانهدامات اقتصادية واجتماعية، الأمر الذي أخل بالتركيبة الاقتصادية وشكل لاحقا باباً واسعاً لاستشراء الفساد وضعف الإدارة الاقتصادية".
بعد اندلاع الثورة وتحولها إلى حرب دموية، ارتفعت حدة الاستقطاب الطائفي بصورة غير مسبوقة، وكان لذلك آثار اقتصادية لمسها الخبير الاقتصادي الدكتور عماد الدين مصبح في حديث لـ "العربي الجديد" حيث يقول: "قد تنظر شرائح واسعة من السكان إلى الاضطهاد والعنف والتهميش الذي يطالها على أنه نابع من سياسات طائفية، ويخلق ذلك نوعاً من الاستياء الشديد في صفوفها ما يؤدي إلى تحييدها أو تراجع إنتاجيتها في العملية الاقتصادية". كما يؤدي ذلك بحسب مصبح إلى "انعدام التنوع في بيئة العمل وذلك بعد دخول العامل الطائفي في عملية انتقاء الموظفين في قطاع الأعمال. وكنتيجة لذلك، تنحسر الكفاءات، وهو ما يسبب خسائر اقتصادية تتمثل في ضعف الإنتاجية العامة".
كما يعتقد مصبح أن الخسائر الاقتصادية تمتد إلى التغييرات التي اضطر العاملون في سورية إلى إحداثها كردة فعل على زيادة الاستقطاب الطائفي، ويقول: "هنالك عمال اضطروا إلى ترك عملهم بسبب ذلك الاستقطاب فتحولوا إلى عاطلين عن العمل بعد أن كانوا منتجين. وهنالك من هاجر إلى خارج البلاد". ويخشى مصبح من أن "يجري تكريس هذا الاستقطاب الطائفي الذي سيشكل وبالاً على المستقبل الاقتصادي والاجتماعي لسورية".
فقد عمل نور (30 عاماً) قبل الثورة السورية في المدينة الصناعية في حمص قبل أن يترك عمله بعد اندلاع الثورة بنحو عام نتيجة "زيادة التوتر الطائفي الذي بات يسفر عن مشاجرات بالجملة وعمليات خطف وصولاً إلى عمليات القتل". ويضيف نور لـ "العربي الجديد": "بالتأكيد تراجعت إنتاجية معظم الشركات بسبب ذلك، وقد قامت بعض الشركات نتيجة ذلك بفصل مجموعات العمل على أساس طائفي".