الاستقالات تفرغ موريتانيا من الكفاءات

03 مايو 2016
مخاوف من تفاقم سوء معيشة الموريتانيين (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت الفترة الأخيرة في موريتانيا توالي الاستقالات بالصفوف الوسطى والعليا للموظفين في قطاعات المعادن والصيد والمؤسسات العمومية الكبرى، ما أثار مخاوف من إفراغ بعض المؤسسات الحكومية من الكفاءات، ويأتي ذلك استمراراً لموجة استقالات شهدتها البلاد السنوات الأخيرة شملت مسؤولين بارزين في قطاعات مختلفة، ما أثر سلباً على أداء الاقتصاد المتردي.
وأكد مصدر رسمي مطلع لـ"العربي الجديد"، أن مشروع إصلاح الاختلالات في أجور عمال الدولة كشف عن نزيف كبير للكفاءات التي استقالت من القطاع العام ولجأت إلى الشركات الخاصة، منها شريحة كبيرة فضلت الهجرة إلى أوروبا والخليج.
وأكد، المصدر، الذي رفض ذكر عن اسمه، أن مستوى الرواتب ليست الدافع الأساسي وراء ظاهرة الاستقالات خاصة بعد تطوير نظام العلاوات على شكل سكن وسيارات لفئة من الموظفين، وإقرار زيادة معتبرة للأجور في السنوات الأخيرة، ولم يستبعد أن تكون الظاهرة مرتبطة بعمليات اختلاس واختفاء مبالغ مالية من الإدارات التي يتورط فيها عادة أبرياء يتم الضغط عليهم لتوقيع تقارير مالية مزورة فيضطرون للاستقالة.
واختلف محللون في أسباب هذه الظاهرة، حيث فسرها البعض بأنها رغبة من المستقيلين في الهجرة للخارج والبحث عن فرص عمل أفضل لتحسين أحوالهم المادية، في ظل غلاء المعيشة، وأشار آخرون إلى أن الفساد دفع بعض الكفاءات إلى الابتعاد عن مواطن الشبهات، في حين اعتبرها محللون الاستقالات أسلوباً جديداً للاحتجاج على انهيار المؤسسات العمومية وتنبيه الرأي العام لخطورة وضعيتها.
وفي هذا السياق، يقول الباحث الاقتصادي محمد ولد عبد الله، في حديثه لـ "العربي الجديد" إن تواصل استقالة الكفاءات المتميزة يحرم البلاد من خبراتهم ويعطي فرصة أكبر للمفسدين.
ويشير إلى أنه إذا كان "تسييس" الوظائف أمر معتاد في موريتانيا، فإن الاستقالات أسلوب جديد ظل لعقود غائبا عن قاموس الموظفين، ودفعهم إليه ما تعانيه المؤسسات من فساد ومحسوبية وما تعرضوا له من مضايقات واسعة ورفضهم المشاركة في الجرائم المالية المرتبطة باستغلال النفوذ وتقديم الخدمات للمقربين من النظام.

ويضيف ولد عبد الله، أن عمليات التدقيق التي تتم في المؤسسات الحكومية والوزارات كانت تتبعها عادة استقالات بسبب رفض مسؤولين توقيع بعض التقارير وإصرار الفاسدين على تمريرها.
ويؤكد أن ظاهرة الاستقالات أو طلب التقاعد المبكر لم يسلم منها أي قطاع، ما جعل بعض المؤسسات توشك على الإفلاس وتعاني من عدم القدرة على المنافسة.
وأعلن بعض الكفاءات عن أسباب استقالتهم في وقت سابق، منهم الخليفة ولد بياه المدير التجاري للشركة الوطنية للصناعة والمناجم، والذي يعتبره من الكفاءات المهمة بهذا القطاع، حيث أكد عدم تمكينه من الأدوات التي تساعده على أداء عمله، وتم تعيينه بعد الاستقالة، مديرا تنفيذيا للهيئة الدولية للمعادن في العاصمة البريطانية لندن.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد أحمد ولد المحفوظ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الهجرة إلى الخارج أصبحت أيضا أسلوبا للاحتجاج على سوء الأوضاع في المؤسسات ومستوى النهب مقابل ضعف الرواتب.
ويقول "الموريتانيون أصبحوا يفضلون العمل بالخارج على غير عادتهم بسبب ما يحدث في المؤسسات من تمييز ومحاباة واستغلال للنفوذ وفساد وظلم".
ويطالب بإنشاء ديوان للمظالم بهدف الرقابة على الأعمال الإدارية والتحقيق في أسباب هذا الكم من الاستقالات، ويعتبر أن ما خسرته موريتانيا من كفاءات في مختلف الميادين وخاصة المجال الاقتصادي والمالي والإداري يتطلب سنوات لتعويضه، وإذا استمر الوضع على هذا الحال لن تتمكن من تعويض النقص في وقت تعاني البلاد من سوء التسيير والفساد المالي والإداري.

دلالات
المساهمون