04 نوفمبر 2024
الاستفتاء التركي ومصير الأسد
اختار المقترعون الأتراك تعديل دستورهم وفق القاعدة المعمول بها "أن الشعب سيد مصيره"، وهي العبارة الشائعة اليوم في الحديث عن مصير رئيس النظام السوري، وهي عبارة صحيحة قانونياً من حيث المبدأ، لكنها من الناحية العملية، أي عندما يتعلق الأمر بواقع السوريين شعباً، تبدو كمن يشعل النار في قلب الماء، وذلك لأسباب امتلكها الشعب التركي الجار لسورية، بينما حرم منها السوريون.
يتوفّر في تركيا الاستقرار والأمان والدستور الضامن للحق في التصويت الحرّ، والمشاركة السياسية، وحرية الرأي، والأساس لذلك كله التمتّع بمكانة المواطنة، سواء كان الحديث عن موالين للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أو معارضين له، وسواء كانت هذه التعديلات التي تم الاستفتاء عليها تزيد من جرعة الديمقراطية أو تحاصرها وتجعلها بيد الرجل الأوحد.
ولعل ذلك الأمر هو الذي يغيب، على ما يبدو، عن أذهان من يتحدّث عن اختيار الشعب السوري مصير رئيسه، وهو المسؤول عن حربٍ دامية ومدمرة يشنّها على شعبه، منذ ستة أعوام، أي منذ انطلاقة الثورة السورية التي نادت بالحرية والكرامة للمواطنين، وإبعاد أذرع الأمن عن حياتهم الشخصية، في أصغر تفاصيل تلك الحياة، حيث الاختيار مقرونٌ بوجود حقوق المواطنة، واعتراف الحاكم بتداول السلطة، وأن السيادة هي للشعب، أي لمجموع المواطنين الأحرار والمتساوين، وليس لمجرد فردٍ مهما كان منصبه.
من جانب آخر، لم يكن فوز الحزب التركي الحاكم في معركته الاستفتائية بالشكل الذي تمناه، حيث حجبت المدن الأهم والكبرى موافقتها على التعديلات، لكن في المحصلة النهائية حصل حزب العدالة والتنمية على فوزٍ أقرب إلى طعم الخسارة، إذ عارض التعديلات نحو نصف المصوّتين، ما يضع هذا الحزب أمام مسؤوليات كبيرة، تستلزم منه بذل أقصى الجهود، للعمل من أجل ألا تكون تلك التعديلات كأنها جدار فصل، يقسّم المجتمع التركي قومياً أو مصالحياً، إضافة إلى ما هو موجود من انقسامات أيديولوجية أو سياسية مستوعبة تحت عباءة الموالاة والمعارضة.
فما الذي يجمع بين الشعبين، السوري والتركي، ليكونا المقرّرين لمصيريهما، هذا هو السؤال الذي لا يستطيع الإجابة عليه النظام وداعماه (روسيا وإيران)، ولا حتى "أصدقاء الشعب السوري" الذين يتعاملون مع تلك العبارة على أساس أن الشعب السوري يمكنه ممارسة حق التصويت، في ظل القصف والتدمير والاعتقال والقتل والتهجير والتغيير الديمغرافي، ما يستوجب، قبل ذلك، تأمين مستلزمات التصويت. وبديهي أن أساس هذه المستلزمات حقوق المواطنة، وفي الحرية والمشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، غير متجاوزين في ذلك كله حق السوريين بالعدالة الانتقالية التي تحاول بعض الدول تغييبها، والقفز عنها، لتمكين المسؤولين عن كل الجرائم من العودة إلى كرسي الحكم من نافذة الحل السياسي، في جنيف التي تتوالى أرقامها جولة بعد أخرى.
لا تختلف طروحات كل من الطرفين النظام والمعارضة، في كل واحدةٍ من جولات جنيف، لكنها، في الآن نفسه، لا تتطوّر، لتصبح أكثر قابليةً لإنتاج الحل "السحري" الذي يحقق الانتقال السياسي، وينهي الإرهاب، ويحدّد معالم الدستور، والانتخابات لسورية، ما بعد الصراع الذي لم يعد صراعاً بين السلطة والمعارضة، فقط، كي يحتكم السوريون إلى صناديق اقتراع، كما حصل في تركيا، قبل أيام، لإنتاج سورية الجديدة، سورية التي أضحت ممزقة اجتماعياً ومدمرة عمرانياً ومبعثرة سياسياً وتبعيةً وارتهاناً.
من هنا، تتحمّل الأطراف السورية المعارضة المدعوّة إلى جنيف، بكل أطيافها، المسؤولية المباشرة عن بلورة مشروع وطني، يعيد إلى السوريين حقّهم المشروع في إبداء رأيهم بشكل سورية التي يريدون الذهاب إليها، بعد أن تكتمل المحاصصات الدولية والإقليمية، أو تعزّز حقوقهم في هذه المحاصصات، بدل أن تزيدها تهميشاً وتهشيماً. ونقول لهذه الأطراف: اذهبوا جميعا إلى التفاصيل السورية التي لن يعطي لها بالاً المتقاسمون على النفوذ فيها، وهي أولاً وآخراً تتعلق بالإرادة والمصالح والآمال السورية المجتمعة، وليست المقسمة إلى منصاتٍ وأجنداتٍ وتسمياتٍ أخرى.
يتوفّر في تركيا الاستقرار والأمان والدستور الضامن للحق في التصويت الحرّ، والمشاركة السياسية، وحرية الرأي، والأساس لذلك كله التمتّع بمكانة المواطنة، سواء كان الحديث عن موالين للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أو معارضين له، وسواء كانت هذه التعديلات التي تم الاستفتاء عليها تزيد من جرعة الديمقراطية أو تحاصرها وتجعلها بيد الرجل الأوحد.
ولعل ذلك الأمر هو الذي يغيب، على ما يبدو، عن أذهان من يتحدّث عن اختيار الشعب السوري مصير رئيسه، وهو المسؤول عن حربٍ دامية ومدمرة يشنّها على شعبه، منذ ستة أعوام، أي منذ انطلاقة الثورة السورية التي نادت بالحرية والكرامة للمواطنين، وإبعاد أذرع الأمن عن حياتهم الشخصية، في أصغر تفاصيل تلك الحياة، حيث الاختيار مقرونٌ بوجود حقوق المواطنة، واعتراف الحاكم بتداول السلطة، وأن السيادة هي للشعب، أي لمجموع المواطنين الأحرار والمتساوين، وليس لمجرد فردٍ مهما كان منصبه.
من جانب آخر، لم يكن فوز الحزب التركي الحاكم في معركته الاستفتائية بالشكل الذي تمناه، حيث حجبت المدن الأهم والكبرى موافقتها على التعديلات، لكن في المحصلة النهائية حصل حزب العدالة والتنمية على فوزٍ أقرب إلى طعم الخسارة، إذ عارض التعديلات نحو نصف المصوّتين، ما يضع هذا الحزب أمام مسؤوليات كبيرة، تستلزم منه بذل أقصى الجهود، للعمل من أجل ألا تكون تلك التعديلات كأنها جدار فصل، يقسّم المجتمع التركي قومياً أو مصالحياً، إضافة إلى ما هو موجود من انقسامات أيديولوجية أو سياسية مستوعبة تحت عباءة الموالاة والمعارضة.
فما الذي يجمع بين الشعبين، السوري والتركي، ليكونا المقرّرين لمصيريهما، هذا هو السؤال الذي لا يستطيع الإجابة عليه النظام وداعماه (روسيا وإيران)، ولا حتى "أصدقاء الشعب السوري" الذين يتعاملون مع تلك العبارة على أساس أن الشعب السوري يمكنه ممارسة حق التصويت، في ظل القصف والتدمير والاعتقال والقتل والتهجير والتغيير الديمغرافي، ما يستوجب، قبل ذلك، تأمين مستلزمات التصويت. وبديهي أن أساس هذه المستلزمات حقوق المواطنة، وفي الحرية والمشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، غير متجاوزين في ذلك كله حق السوريين بالعدالة الانتقالية التي تحاول بعض الدول تغييبها، والقفز عنها، لتمكين المسؤولين عن كل الجرائم من العودة إلى كرسي الحكم من نافذة الحل السياسي، في جنيف التي تتوالى أرقامها جولة بعد أخرى.
لا تختلف طروحات كل من الطرفين النظام والمعارضة، في كل واحدةٍ من جولات جنيف، لكنها، في الآن نفسه، لا تتطوّر، لتصبح أكثر قابليةً لإنتاج الحل "السحري" الذي يحقق الانتقال السياسي، وينهي الإرهاب، ويحدّد معالم الدستور، والانتخابات لسورية، ما بعد الصراع الذي لم يعد صراعاً بين السلطة والمعارضة، فقط، كي يحتكم السوريون إلى صناديق اقتراع، كما حصل في تركيا، قبل أيام، لإنتاج سورية الجديدة، سورية التي أضحت ممزقة اجتماعياً ومدمرة عمرانياً ومبعثرة سياسياً وتبعيةً وارتهاناً.
من هنا، تتحمّل الأطراف السورية المعارضة المدعوّة إلى جنيف، بكل أطيافها، المسؤولية المباشرة عن بلورة مشروع وطني، يعيد إلى السوريين حقّهم المشروع في إبداء رأيهم بشكل سورية التي يريدون الذهاب إليها، بعد أن تكتمل المحاصصات الدولية والإقليمية، أو تعزّز حقوقهم في هذه المحاصصات، بدل أن تزيدها تهميشاً وتهشيماً. ونقول لهذه الأطراف: اذهبوا جميعا إلى التفاصيل السورية التي لن يعطي لها بالاً المتقاسمون على النفوذ فيها، وهي أولاً وآخراً تتعلق بالإرادة والمصالح والآمال السورية المجتمعة، وليست المقسمة إلى منصاتٍ وأجنداتٍ وتسمياتٍ أخرى.