الاستغلال الوقح

09 يونيو 2019
+ الخط -

قبل سنة من الآن، ومع تحول محافظة إدلب إلى منطقة لاستقطاب كل المهجرين قسراً من مناطق خفض التصعيد الأخرى، ريف حمص الشمالي، ومحافظتي درعا والقنيطرة، وغوطة دمشق الشرقية، طبعاً بعد أن استقبلت قبل ذلك مئات آلاف المهجرين والنازحين من كل أنحاء سورية، لم يكن أحد من السوريين ليتصور أن يتجرأ أي من الانتهازيين على استغلال ظروف الهاربين من الموت، بالوقاحة التي تم فيها استغلال نازحي ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، في بعض بلدات ريف إدلب الشمالي الحدودية مع تركيا. وصلت الوقاحة إلى حد وجد فيه بعض أصحاب كروم الزيتون هناك، في محنة العائلات التي هربت بأطفالها من المحرقة التي نفذتها روسيا والنظام على قراهم، فرصة استثمارية، فقاموا بمنع تلك العائلات حتى من الاحتماء بأشجار الزيتون التي يملكونها، ما لم يدفعوا  15 ألف ليرة سورية (30 دولاراً) أجرة الاحتماء في ظل كل شجرة، الأمر الذي يعد سابقة ومؤشراً خطيراً على تمكن الانتهازيين من ممارسة كل أنواع الاستغلال من دون أي رادع ضمن مجتمع يتميز بكرم الضيافة ومساعدة المحتاج. فالمجتمع السوري بشكل عام استقبل لاجئين من دول عدة وأكرم وفادتهم بتقديم حتى بيوته لهم في فترة السلم. وخلال فترة الثورة تحملت بعض المناطق ضغطاً سكانياً هائلاً بسبب موجات النزوح الكبيرة والتهجير القسري الذين تسبب بهما النظام، وتحمل سكان تلك المناطق معظم تبعات هذا الضغط وتقاسموا مع النازحين مساكنهم وطعامهم كما قاموا بالكثير من المبادرات لتخفيف الضغط عنهم، في الوقت الذي انسحبت فيه معظم المنظمات الإغاثية أو تراجع أداؤها.

إلا أن مرور أكثر من ثماني سنوات على أزمات اللاجئين والمهجرين وتركيزهم في مناطق محددة يبدو أنه استنزف معظم القادرين على الإغاثة في تلك المناطق، لكنه في الوقت نفسه أنتج طبقة من الانتهازيين الذين استفادوا من ظرف الحرب وجمعوا ثروات كبيرة على حساب الشريحة المسحوقة من سكان تلك المناطق، بدون مراعاة منهم لأدنى شروط الإنسانية التي أوصلت بعضهم لاستغلال حاجات الناس بطرق غير مألوفة في المجتمع السوري، كحالة تأجير الأشجار لإيواء النازحين.




المساهمون