الاستحواذ في ميزان السوق المالية

12 أكتوبر 2015
الاستثمارات في البورصات العربية(فرنس برس)
+ الخط -
تعتبر الأسواق التي تتمتع بمعدلات دوران عالية، من أبرز الأسواق المالية التي تجذب المستثمرين والمتداولين. حيث يكون لحجم السيولة كامل الأهمية في قرارات الاستثمار من عدمها، نظراً لمقدار تحقق ضمان البيع أو الشراء وتوفير الأوراق المالية أو النقد من أجل تعزيز تكامل التداول ومضاعفة الصفقات التي تحافظ على تنظيم آلية السوق. 
وتعمل المضاربة اليومية على خلق تداولات وجذب سيولة من شأنها أن تعزز مقياس الأداء الذي يعمل طردياً مع أحجام التداولات. بحيث كلما ارتفعت أحجام التداولات وفق النمط الطبيعي المتزن، ترتفع معه المؤشرات التي تقيس أداء السوق أو القطاع أو حتى سهم معين، مما يعطى دلالة على قوة السوق المالية وانعكاس اقتصاد الدولة من جانب المرونة والإيراد والأنشطة التي تحقق أرباحاً تدفع بمزيد من الاستثمار والتداول.

الأدوات المالية

وتتحقق الكثير من التحليلات الفنية والمالية عند توافر سيولة ذات حجم يتوافق مع القيمة الرأسمالية للسوق المالية والدولة على حد سواء، أو تكون بحجم أكبر من ذلك لتتيح الفرص أمام المستثمرين بزيادة الخيارات التي تنقسم بين قطاعات السوق ومحتوى كل قطاع داخل السوق المالية. وهذا ما يتسابق عليه مسؤولو البورصات عند عمليات التسويق الخاصة بهم، إما عن طريق استعراض الأدوات المالية المتاحة وحجم التداولات عليها، أو عن طريق القيمة الرأسمالية للسوق ونمو أرباح الشركات المدرجة به.
ومن التقسيمات الخاصة بالأغراض الاستثمارية في أسواق المال، أن تحقيق العوائد والأرباح يكون، إما عن طريق الشراء وتحصيل الفوارق السعرية عند البيع بفترات قصيرة أو متوسطة أو حتى طويلة نسبياً، ولكن بشرط أن يكون الاستثمار متاحاً للبيع، والجانب الآخر من تحقيق العوائد والأرباح الاستثمارية، أن يكون بعد إدارة رأس المال والسيطرة على اتخاذ القرارات الخاصة بالشركة لتحقيق عوائد مستقبلية لحملة الأسهم، ومن ضمنهم المستثمر الاستراتيجي الذي قام بالشراء رغبة منه بتحقيق العوائد عن طريق الأرباح الإيرادية.
ونادراً ما نجد أن المستثمر الاستراتيجي يقوم بعملية البيع الطوعية، أي أن يقوم بالخروج من الاستثمار بعد أن يتخذ قراراً ليس له أي بعد استثماري، وهو ما يعد من القرارات الشخصية التي تفرض على الاستثمار في مجمله. أما الخروج القسري فهو قد يكون بسبب التعثر المالي وعملية البيع تكون لسداد مديونية، ودخول تلك الأوراق المالية محل تسويات، وهنا يتحول الاستثمار من فئة الاستراتيجي إلى المتاح للبيع.

اقرأ أيضاً:استراتيجيات الاتصالات في أسواق المال

ويعتمد قرار الشراء وفق النسب المؤثرة بالغرض الاستثماري من النوع الاستراتيجي، وهو من القرارات التي قد تخضع للرقابة المسبقة بحيث توجب الجهات الرقابية على من يريد أو يستحوذ على نسب محددة أن يقوم بعمل إجراءات منها موافقات بعض الجهات ودراسة الأغراض التي تم اعتماد الاستحواذ لأجلها. وبطبيعة الحال الإفصاح عن هذا الأمر إن لزم الأمر في الحالات المذكورة وفق الكثير من تشريعات الرقابة المالية كونها مؤثراً جوهرياً على الشركة محل الاستحواذ.
وتعتمد الكثير من هيئات أسواق المال على الرقابة الفعالة في عملية تنظيم نشاط التداولات على الأوراق المالية حتى لا تتعرض الأسواق لمخاطر التلاعب، والتي كانت في الكثير من الدول العربية عرضة لتداولات مصطنعة، جعلت من السوق محل مخاطر التراجع الكبير نتيجة ما يسمى ببالونات الأسهم. أي أنها لا تحوي قيمة منطقية وطبيعية تعكس أداء الشركة الفعلي والذي على أثره تتقارب القيمة العادلة مع القيمة السوقية.
وفي السابق كانت محاولات إيهام العامة من المتداولين بأن هناك حالة استحواذ على سهم معين يجعل العديد من المتداولين يقومون بالشراء، نظراً لحصر النسب العالية عند عدد معين، وكلما يزداد الشراء يأتي معها تقليل نسب الراغبين في البيع، كون الأسهم الحرة هي محل الاستهداف في حالات الاستحواذ. وهذا ما تغير عبر التنظيمات في هيئات الأسواق المالية وجعل من عملية الاستحواذ عنواناً لرغبة فعلية للشراء وهو ما يحقق معه أيضاً دعماً لسمعة الشركات والتوقعات التي تصب لصالح الأسعار المستقبلية وتحقيق عوائد مميزة منها.
والأوراق المالية التي يتم الاستحواذ عليها، يجب أن تبقى داخل أروقة البورصة حتى تتم الاستفادة من حجم التدفقات النقدية وزيادة السيولة. وهذا حقيقة ما ينافي إخراج الاستحواذات من إجمالي التداولات اليومية كما حدث في بعض الدول ومنها الكويت التي فقدت على أثرها بديل المضاربة السلبية والتي كانت هيئة أسواق المال الكويتية ترغب بتخفيف مخاطرها النمطية، كونها ليست الأساس في عملية التداولات في البورصة. فالأخيرة تعتمد على الاستثمار الصحيح في الشركات على المدى الطويل مع الأخذ بالاعتبار المؤثرات الوقتية والتي تحفز المضاربة الإيجابية على الأسهم.
(خبير مالي كويتي)

اقرأ أيضاً:التكنولوجيا كرافعة لأسواق المال
المساهمون