بعد نحو سنة ونصف على سكوت الولايات المتحدة عن تنظيم "هيئة تحرير الشام" الذي تشكل "جبهة فتح الشام" أو تنظيم جبهة النصرة سابقاً عموده الفقري، قامت الولايات المتحدة بتصنيف هذا التنظيم ضمن لوائح الإرهاب الخاصة بها. وتعيد الولايات المتحدة بذلك خلط الأوراق في شمال سورية الذي يسيطر تنظيم هيئة تحرير الشام على قطاعات واسعة منه، وذلك بالتزامن مع انتهاء تركيا من نشر آخر نقطة مراقبة في منطقة خفض التصعيد الرابعة أي محافظة إدلب وجزء من ريف حلب، وبالتزامن مع جولة جديدة من المباحثات التي تجريها الولايات المتحدة الأميركية مع تركيا حول وضع منبج وشمال شرق سورية، وأيضاً مع توافق واشنطن وموسكو على صيغة مبدئية لاتفاق يتعلق بالمنطقة الجنوبية من سورية. ويجعل هذا الأمر من الممكن تفسير القرار كورقة ضغط جديدة تمارسها الولايات المتحدة على تركيا وإظهارها بمظهر الحاضن للإرهاب ضمن المناطق التي تضمن تخفيف التصعيد فيها، خصوصاً أن مسؤولي الهيئة غيّروا خطابهم تجاه تركيا حتى أنهم أكدوا ان نقاط المراقبة التركية تم إنشاؤها بالتنسيق مع الهيئة، وكذلك من أجل إضعاف موقف تركيا التفاوضي بشأن مناطق سيطرة ميليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية، شمال شرق سورية، والضغط عليها من خلال إعادة التوتر لمحافظة إدلب التي تشكل عبئاً كبيراً على أنقرة قد لا تستطيع تحمل نتائجه في حال وصل الوضع إلى نقطة الانفجار. كما أن القرار يعبّر عن عودة التوافق بين روسيا والولايات المتحدة في الملف السوري واستغلال الولايات المتحدة هذا التوافق في خلخلة التوافق التركي مع روسيا.
لكن مهما يكن من أهداف لقرار واشنطن بهذا التوقيت فإنه بالتأكيد سيعيد سكان الشمال السوري الذين يفوق عددهم ضمن محافظة إدلب لوحدها الـ 3 ملايين نسمة، إلى حالة من الرعب تزيد من أعبائهم الداخلية التي يعيشونها. وأصبح متوقعاً أن يعود استهداف محافظة إدلب من قبل طائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، كما سيعطي هذا القرار الذريعة لكل من روسيا والنظام لاستهداف المحافظة وضرب المدنيين فيها بدعوى ضرب الهيئة، كما أنه يؤسس لقتال داخلي بين فصائل معارضة توحدت أخيراً وبين الهيئة التي وصلت إلى أسوأ مراحلها، والتي ستعمل على استثمار القرار في محاولة لاستعادة التعاطف معها وزيادة تطرفها طالما لم يعد هناك ما تخسره.