الاحتلال يطارد الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي

25 ابريل 2015
إسرائيل تخشى من انتفاضة فلسطينية ثالثة (توماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -
شرعت سلطات الاحتلال في محاسبة الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني المحتلين، على ما ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر تقديمهم إلى المحاكمة وطردهم من أعمالهم وفصلهم من المؤسسات التعليمية، استناداً إلى ما ينشر في هذه المواقع.

اقرأ أيضاً ("الإسرائيلي القبيح" على فيسبوك... وخارجه)

وبناء على تعليمات مباشرة من المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، ألقت قوات الاحتلال القبض أخيراً على عشرة نشطاء فلسطينيين بتهمة التحريض على ما أسمته "أمن الدولة" من خلال نشر تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان آخر النشطاء الذين تم اعتقالهم هادي العجلوني (19عاماً) من القدس المحتلة، بحجة أنه نشر مواد تدل على نيته تنفيذ عملية ضد أهداف إسرائيلية.

واعتقلت سلطات الاحتلال العجلوني فجر الجمعة، بعدما كتب على صفحته على "فيسبوك" كلمة "سامحوني"، إذ اعتقدت سلطات الاحتلال أن كتابة هذا المنشور يشي بنيته تنفيذ عملية ضدّ إسرائيل.

وتركّزت عمليات الاعتقال على خلفية نشر مواد على مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة القدس المحتلة، حيث تم حتى الآن اعتقال ثمانية شباب من المدينة، وجرى توجيه لوائح اتهام لهم. وهم: عمر الشلبي، مصباح أبو اصبيح، عدي سنقرط، طارق الكرد، فؤاد رويضي، إبراهيم عابدين، سامي إدعيس، وعدي بيومي.

ويعتبر اعتقال صهيب زاهد (33 عاماً) من مدينة الخليل قبل أربعة أشهر، أول حادثة تتم على خلفية ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي. ووجهت النيابة العسكرية لزاهد تهمة التحريض على قتل قائد لواء جفعاتي السابق غسان عليان، الذي قاد الهجوم على حي الشجاعية خلال الحرب الأخيرة، وهو الهجوم الذي أفضى إلى مقتل المئات من النساء والأطفال في الحي.

وقد أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلية أواخر الأسبوع الماضي عن اعتقال صدقي مكت، وهو أسير محرر من بلدة "مجدل شمس" في هضبة الجولان المحتلة بتهمة التخابر مع سورية، من خلال تقديم معلومات استخبارية حول ما يجري في الهضبة، عبر ما ينشره على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد شكك معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، في مقال نشرته الصحيفة في عددها الصادر الخميس الماضي في "وجاهة" الأدلة التي ساقتها النيابة لاتهام مكت. ويبدو واضحاً أن محاسبة الفلسطينيين على ما ينشرونه في مواقع التواصل الاجتماعي يأتي في إطار إستراتيجية شاملة تهدف إلى تقليص فرص اندلاع انتفاضة ثالثة، ولقطع الطريق على استئناف تنفيذ عمليات ضدّ الاحتلال، انطلاقاً من القدس المحتلة والضفة الغربية.

وكشفت صحيفة "معاريف" أخيراً أن جهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك"، المسؤول المباشر عن مواجهة المقاومة الفلسطينية، بالتعاون مع كل من الاستخبارات العسكرية "أمان" والشرطة، يعكف على متابعة ما ينشره الفلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي وفحص ما إذا كانت هذه المنشورات تتضمن تحريضاً على استهداف إسرائيل، أو تشي بتوجهات ما نحو تنفيذ عمليات ضدها.

وتنطلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من افتراض مفاده بأنّ مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً في بروز ظاهرة العمليات الفردية، التي ينفذها أشخاص لا ينتمون لتنظيمات ولا يعملون بناءً على تعليماتها. ويقول معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة العاشرة، ألون بن دافيد، إن المحافل الأمنية الإسرائيلية تعتبر أن "التحريض" الذي زخرت به مواقع التواصل الاجتماعي، لعب دوراً مركزياً في إقناع شباب فلسطيني غير منتم لتنظيمات المقاومة، في تنفيذ عمليات داخل القدس المحتلة ومحيطها قبل خمسة أشهر. ولا تحاسب إسرائيل الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية فقط على ما ينشرونه في مواقع التواصل الاجتماعي، بل فرضت عقوبات على عدد من فلسطينيي الداخل، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، بحجة أنهم نشروا مواد تحريضية. إذ طردت كلية "هداسا" الطالبة رجاء العموري (23 عاماً)، بعدما نشرت منشوراً باللغة العبرية أثناء الحرب على غزة، تمنت فيه موت الجنود الذين يشاركون في تنفيذ جرائم حرب ضدّ المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وأوقفت رجاء، التي تدرس في قسم "الهندسة البيولوجية"، عن الدراسة قبيل تقديمها الامتحانات النهائية. وطالبتها الكلية بإعادة قيمة منح دراسية حصلت عليها مقابل ساعات عمل أدتها في الكلية. وقدم عدد من اليهود دعاوى ضدها، ناهيك عن تلقيها سيلاً من رسائل التهديد من زملائها اليهود.

ومن المفارقة أن سلطات الاحتلال تغض الطرف عن التحريض العنصري الممنهج الذي يشن من قبل شخصيات عامة على الفلسطينيين وممثليهم. فقد هاجم عناصر من اليمين المتطرف النائب حنين زعبي أثناء مشاركتها في ندوة نظمت في مدينة "بيتح تكفاه" أثاء الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما نشر باروخ مارزيل، الذي ترشح عن حزب "ياحد"، الذي شكله وزير الداخلية السابق الحاخام إيلي يشاي، منشوراً على "فيسبوك" طالب فيه أنصاره بالاعتداء على زعبي.

كما نشر الحاخام مئير دفيد دروكمان، حاخام مدينة "كريات موسكين"، وأحد أبرز مرجعيات التيار الديني الصهيوني، قبل شهرين مقالاً على موقع "حباد أون لاين" دعا فيه إلى منح "جائزة إسرائيل" لكل من يقتل الفلسطينيين. وأضاف دروكمان في مقاله، الذي جاء بعنوان "أنا إرهابي فخور" أن استخدام العنف ضد الفلسطينيين، ليس فقط أمراً تقرّه الشريعة اليهودية، بل تعده واجباً، واصفاً منفذي العمليات الإرهابية ضدّ الفلسطينيين بـ "الصديقين".
المساهمون