الاحتلال يستغل عيد الفصح اليهودي لاعتقال المقدسيين

23 ابريل 2016
اعتُقل محمود الدويك قبل يوم من عرسه (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يخطر في بال محمود الدويك، الشاب الفلسطيني من سكان حارة أبو حطة في البلدة القديمة من القدس المحتلة، والمتاخمة للمسجد الأقصى، أن يُقتاد هو وحلّاقه من داخل صالون الحلاقة وسط الحي من قبل قوة عسكرية إسرائيلية إلى أحد مراكز شرطة الاحتلال بتهمة انتمائهما إلى تنظيم إرهابي معادٍ. كان الشاب محمود يتهيأ لعرسه الذي كان مقرراً أمس الجمعة، لكن الاحتلال نغّص عليه فرحته، واقتيد هو وحلاقه أحمد البيومي مكبلي الأيدي.
محمود الدويك هو واحد من النشطاء المقدسيين، والذي طالما تعرض للاعتقال على مدى سنوات عمره التي لم تتجاوز العشرين، سواء في الهبّة الشعبية الحالية، أو في مناسبات سابقة، وكانت حارته باب حطة، شعلة المواجهة والمقاومة للاحتلال، وهي تكاد تكون الحارة الوحيدة في البلدة القديمة من القدس، التي لم تصلها بعد المراقبة الإلكترونية الإسرائيلية التي تغطي كل أنحاء البلدة القديمة بأكثر من 500 كاميرا ترصد كل صغيرة وكبيرة، وتضغط على أنفاس المقدسيين إلى حد الاختناق.
أمضى محمود وحلاقه أحمد وأكثر من 20 شاباً مقدسياً ليلتهم أمس الأول وحتى فجر أمس في الاحتجاز، وكانوا جميعاً متهمين بالإرهاب والتحريض، قبل أن يُطلق سراح معظمهم باستثناء أربعة حُوّلوا للاعتقال الإداري لمدة أسبوعين. أُطلق سراح محمود، وكذلك حلاقه، إضافة إلى طباخ عرس محمود الذي اقتيد هو الآخر للحبس بدعوى أنه دخل من دون تصريح إلى القدس، على الرغم من أنه يحمل إقامة مؤقتة.
يروي محمود لـ"العربي الجديد" ما حصل معه، قائلاً إنه كان عند الحلاق يوم الخميس عندما اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية الصالون وسألته إذا كان هو العريس وعندما أجاب مؤكداً ذلك، قامت القوة بتكبيل يديه قائلة إنه متهم بالإرهاب، وبالانتماء لتنظيم معادٍ. ثم توجّهت إلى الحلاق وأوقفته متهمة إياه بأنه ينتمي أيضاً لتنظيم معادٍ.

اقتيد محمود إلى مركز لشرطة الاحتلال في البلدة القديمة، وهناك مكث وصديقه حتى الخامسة والنصف من صباح الجمعة، قبل أن يُطلق سراحهما، وسراح الطباخ. يقول محمود: "في البداية، أبلغونا قرارهم بحبسنا منزلياً لمدة خمسة أيام، وإبعادنا عن المسجد الأقصى لخمسة عشر يوماً. رفضت التوقيع على قرار الحبس المنزلي، وقلت للمحقق: غداً عرسي، فكيف تفرض علينا عقوبة الحبس المنزلي؟ غاب لفترة من الوقت، ثم سلمنا قرار الاحتلال بإبعادنا عن الأقصى، لمدة خمسة عشر يوماً، في حين أبقوا على أصدقاء لنا رهن الاعتقال الإداري".
كما يتحدث أحمد البيومي، لـ"العربي الجديد" عن توقيفه، معرباً عن استغرابه من تصرف جنود الاحتلال العنيف حياله هو ومحمود، من دون أن يقترفا أي شيء.
بالنسبة لمحمود وأحمد، لم تكن تلك المرة الأولى التي يُعتقلان فيها ويتم التحقيق معهما. فهما اعتادا على ذلك بمناسبة أو من دون مناسبة، وهذه المرة كان اعتقالهما بذريعة عيد الفصح اليهودي. ففي كل عيد لليهود يُعتقل هؤلاء الشبان احترازياً إلى أن ينهي المحتفلون عيدهم. لكن اعتقال هذه المرة كان مختلفاً، إذ كان محمود يستعد لعرسه وزفافه، وأضيف إلى قائمة المعتقلين الطباخ أبو محمد قفيشه.
كانت ساعات الاعتقال طويلة على العريس وحلّاقه وطباخه، قبل أن يُطلَق سراحهم، وسراح نحو ثلاثين شاباً مقدسياً، يؤكد مدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس لـ"العربي الجديد" أن أوامر إبعاد عن الأقصى صدرت بحق معظمهم باستثناء أربعة ظلوا في الاعتقال الإداري. ويشير قوس إلى أنها "حملة واسعة من الاعتقالات التعسفية، لمجرد أن يتيحوا لأنفسهم الاحتفال بعيد الفصح، وهو أمر لا يحدث في أي منطقة أخرى في العالم"، متسائلاً: "ما ذنب العريس مثلاً في ألا يحتفل بعرسه كما يجب؟ وما ذنب الحلاق والطباخ، بل ما ذنب كل من اعتُقلوا؟".
كانت ذريعة الاحتلال لاعتقال هذا العدد الكبير من الشبان المقدسيين منع احتجاجات في الأقصى ضد اقتحام المستوطنين له أمس، لكن ما حدث لم يكن للمعتقلين أي علاقة به. في مقابل ذلك كان المستوطنون المتطرفون يجلبون الخراف إلى إحدى بوابات الأقصى محاولين ذبحها هناك، قبل أن تعترضهم قوة من شرطة الاحتلال وتحول دون أن تتحوّل محاولة ذبح تلك القرابين وإدخالها إلى الأقصى، إلى مواجهة دامية مع أكثر من 60 ألف مصلٍ احتشدوا في الأقصى. وكان خطيب الجمعة الشيخ عكرمة صبري يحذر من تداعيات أي اقتحام، مؤكداً إسلامية الأقصى الحصرية، ومنتقداً التنسيق الأمني الذي يُمكّن الاحتلال من الإيغال أكثر في دماء الفلسطينيين، ويسمح له أيضاً بممارسة اعتقالاته وإصدار المزيد من قرارات الإبعاد عن الأقصى.

المساهمون