الاحتلال يستعجل نزع صلاحيات أونروا عن مخيم شعفاط

17 نوفمبر 2018
هدم مبنى مكوّن من أربعة طوابق بمخيّم شعفاط(العربي الجديد)
+ الخط -

على الرغم مما يصدر من تصريحات على لسان مسؤولين إسرائيليين في ما يتعلّق بمخيّم شعفاط، شمال القدس المحتلة، والخاضع لسلطة وكالة "أونروا"، وكذلك ما يشيعه سكان المخيم من أنباء عن إجراءات فعلية بدأت بلدية الاحتلال في القدس بتنفيذها لإلغاء صفة اللجوء عن المخيّم وقاطنيه وضمه إلى أراضي بلدة شعفاط، اختار المسؤولون في "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" الصمت، إذ إنّ لا جديد لديهم في ما يتعلّق بالإجراءات على الأرض، بحسب ما يقولون. وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع إطلاق مسمى جديد على ضاحية السلام المحاذية للمخيم من ناحية الشرق وتسميتها بـ"عناتا الجديدة"، علماً أنّ هذه الضاحية أقيمت على أراضي عناتا، عقب ضمّ جزء كبير منها بعد عام 1967 إلى حدود بلدية الاحتلال، على الرغم من وجود بضع عائلات فيها تحمل بطاقات هوية الضفة الغربية، في الوقت الذي يقطنها أكثر من 90 في المائة من حملة البطاقة الزرقاء من المقدسيين.

إلى ذلك، أوضح سامي مشعشع، المتحدّث الرسمي باسم "أونروا"، ومدير الإعلام والاتصال ــ دولة فلسطين، أنّ الوكالة "لم تبلّغ بهذه الإجراءات، وليس لديها ما تعقّب عليه سوى أنّها ستواصل القيام بمسؤولياتها المكلّفة بها من قبل المجتمع الدولي بإدارة شؤون المخيم".

وكان ناشطون من مخيّم شعفاط، من بينهم المتحدث باسم حركة "فتح" هناك، ثائر الفسفوس، قد صرحوا لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، بأنّ طواقم من وزارة داخلية الاحتلال شرعت بإجراءات ضدّ بعض لاجئي المخيم الذين توجّهوا لتغيير بطاقات هوياتهم الشخصية، حيث تمّ إبلاغهم بقرار الوزارة البدء بتغيير مكان إقامتهم من مخيم شعفاط إلى بلدة شعفاط فقط، بعد ضمّ المخيّم للبلدة.

ووفقاً لما يرد من معلومات بهذا الشأن، فإنّه ستتم إزالة ارتباط مخيم شعفاط بضاحية السلام، وتحديد بداية المخيم بالقرب من مخبز "بيت النعمة" شرقاً، إلى حي "رأس خميس" من أراضي المخيم من ناحية الغرب، في حين ستتم تسمية ضاحية السلام بعناتا الجديدة، بعد وضع مجسّمات وحواجز انتقالية للشرطة بالقرب من مخبز "بيت النعمة"، وذلك لغاية الانتهاء من إحصاء عدد السكان في المخيم.

ونقل السكان هناك عن موظّف في الداخلية الإسرائيلية قوله إنّ "هذا لا يعني أن تصبح (ضاحية السلام) منطقة تابعة للضفة، بل ستبقى من ضواحي القدس تحت مسماها الجديد الذي سيطلق عليها وهو عناتا الجديدة، بينما ستحوّل سلطات الاحتلال الشارع الالتفافي الجديد في بلدة عناتا بجانب الجدار ومفترق البلدة من ناحيتها الشرقية إلى شارع داخلي يخصّص استخدامه فقط لأهالي عناتا والمخيم، فضلاً عن تحويل خطّ آخر قريب يربط الجنوب بالشمال الفلسطيني. وعليه سيتم إعطاء أهالي عناتا الأصليين، ممن ليس لديهم مانع أمني من الاحتلال، بطاقات تخوّلهم الدخول إلى مناطق شعفاط فقط".

وأكد الفسفوس أنّ سكّان المخيّم يتابعون هذه التطورات ويراقبونها عن كثب، بانتظار أي مستجدات أخرى تترجم صحة أقوال موظف الداخلية المذكور، مشيراً إلى أنّ "أي حملة ضدّ المخيّم من قبيل القيام بعملية إحصاء، ستكون طويلة وشاقة ومكلفة".


بدوره، قال رئيس اللجنة الشعبية في المخيم، خضر الدبس، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الاحتلال يستمدّ إجراءاته ضدّ المخيم وسكّانه من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي منح دولة الاحتلال دعماً غير محدود باعترافه بالقدس عاصمة لهذا الاحتلال"، مضيفاً "لم يكن (رئيس بلدية القدس التابعة للاحتلال) نير بركات، ليتجرّأ على وكالة الغوث الدولية بإعلانه عن البدء بإجراءات إغلاق مكاتب الغوث في القدس وإنهاء عملها في مخيم شعفاط ومصادرة مؤسساتها وإلغاء اسم المخيّم، لولا القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ووقف دعم الأونروا". وتابع الدبس قائلاً "لقد ثبت بالوجه الشرعي أنّ الإدارة الأميركية هي شريك حقيقي في الإرهاب الممارس بحقّ شعبنا، من خلال الانحياز الكامل لدولة الاحتلال ومشاركتها في الاعتداء على شعبنا، وإعطائها الضوء الأخضر لممارسة مزيد من الإجرام بحق الشعب الفلسطيني، ومن ضمن تلك الجرائم إنهاء عمل وكالة الغوث وإنهاء قضية اللاجئين وحقّ العودة". وأضاف "هم يهدفون من وراء ذلك إلى إنهاء الشاهد على جرائمهم، لأن هذه المنظمة هي الشاهد على ما حلّ بشعبنا من جرائم في العام 1948، ومنذ ذلك الوقت وهي تقدم خدمات للاجئين حتى انتهاء المعاناة".

وأوضح الدبس أنّ "إدخال بعض الموظفين من قبل بلدية الاحتلال وبقرار مباشر من بركات، لم يأت من فراغ، بل هو البداية لإنهاء عمل أونروا، وليس مجرّد إزالة أكوام من الأتربة والنفايات. هو بداية إعلان إنهاء خدمات الوكالة"، مؤكداً "إننا في مخيّم شعفاط على قلب رجل واحد في التصدّي لإجراءات بلدية الاحتلال ووزارة داخليته، وحماية مؤسساتنا من حملة التهويد الممنهجة".

وتأتي هذه التطوّرات في وقت كان فيه نحو مائة جندي قد اقتحموا يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، المخيم، لتشرع طواقم من بلديته بهدم مبنى سكني مكوّن من أربعة طوابق تشتمل على 12 شقة سكنية، اثنتان منها مأهولتان وتأويان 12 فرداً.

ويخشى سكان مخيم شعفاط من أن تكون خطة رئيس بلدية الاحتلال بشأن المخيم وإنهاء صفة اللاجئين عنه، مقدّمة لهدم عشرات المباني الضخمة التي تشتمل على مئات الشقق السكنية والتي كان أصحابها قد شيّدوها على أطراف المخيم خلال العقد الماضي، وتحوّلت إلى أبراج سكنية تقطنها أسر مقدسية فقيرة ومتوسطة الدخل كانت قد لجأت للسكن على أطراف المخيم حفاظاً على حقها بالإقامة في القدس، حسب ما تشترطه الأوراق الرسمية للسكن، وهرباً من الإيجارات المرتفعة للشقق السكنية داخل المدينة المقدسة والتي تصل في حدها الأدنى إلى ألف دولار أميركي.

وكان نير بركات قد كتب في منشور له على صفحته على موقع "فيسبوك"، قبل أيام، إنه "في الأيام القليلة الأخيرة قمنا بتنفيذ الخطة التي أعلنتُ عنها لتوفير خدمات البلدية لسكان مخيم شعفاط. وتستهدف هذه الخطة تبديل الخدمات الفاشلة التي وفرتها حتى اليوم وكالة الأونروا بخدمات بلدية عادية، مثل ما هو في باقي أحياء القدس".

وأضاف "في سياق عملية غير مسبوقة، دخل عمال النظافة من البلدية إلى مناطق المخيم وبدأوا بتنظيفه بشكل كامل. حتى اليوم قمنا بإجلاء حوالي ألف طن من مخلفات البناء التي كانت منتشرة في جميع أنحاء المخيم. كما قمنا بإزالة 15 قطعة من السيارات المشطوبة وبتنفيذ إصلاحات إسفلتية على أربعة محاور رئيسية، هي الرازي والعمري وسعد بن أبي وقاص. أمّا النفايات المنزلية، فيتم يوميًّا جمع حوالي 22 طناً منها". وختم بركات منشوره بالقول: "سنواصل العمل من أجلكم ومن أجل تحسين جودة حياتكم والخدمات المقدمة لكم، خدمات تستحقونها كمواطني القدس".

يذكر أن نحو 110 آلاف لاجئ فلسطيني يقطنون القدس، جلهم في مخيم شعفاط، الذي أنشئ على ما مساحته 400 دونم من أراضي بلدة شعفاط، شمالي القدس، في العام 1966، لإيواء مئات اللاجئين الذين كانوا يقطنون حارة الشرف أو ما تعرف الآن بـ"الحي اليهودي" داخل البلدة القديمة من القدس. وتتحدر غالبية هؤلاء من قرى مهجّرة ومدمرة في القدس الغربية التي احتلت عام 1948، إضافة إلى عائلات من مدن يافا واللدّ وبلداتهما وقراهما المحتلة.

المساهمون