وجاءت الخطوة الأخيرة متأخرة أسبوعين على الأقل عن بدء وزارة الصحة نشر تعليمات رسمية للوقاية من جائحة كورونا، وذلك أيضاً بموازاة التأخير الذي اتبعته الوزارة في البدء بإجراء فحوصات للكشف عن المرض في صفوف الفلسطينيين في الداخل.
وأرسل مختصون ومؤسسات بحثية تُعنى بالسياسات الإعلامية والمساواة، مثل مركز إعلام وجمعية سيكوي والعيادة القانونية بجامعة حيفا، رسائل إلى مكتب الدعاية الحكومي، طالبوا من خلالها بالعمل على زيادة حملات التوعية في المجتمع العربي، بما يشمل أيضاً الأراضي العربية المحتلة عام 67 في الضفة الغربية والقدس والجولان السوري.
ووفقاً لمعلومات جمعها مركز "إعلام" للحريات الإعلامية، فإن حجم الاستثمار في الدعاية باللغة العربية، منذ بداية الأزمة حتى أوائل شهر إبريل/نيسان، من قبل وزارة الصحة، لم يتعدَ 10 بالمئة من حجم الاستثمار العام، علماً أنه وسط هذا الاستثمار،الذي بلغ 4 ملايين شيقل، كانت هنالك حملات، عمل مكتب الدعاية الحكومي على نشرها من قبل وزارة الصحة ولا تمت لجائحة كورونا بصلة مباشرة، مثل الحملة التي كلفت أكثر من 600 ألف شيقل وتطرقت إلى التوعية من مخاطر التدخين.
وعن نشر الإرشادات الصحية في وسائل الإعلام العربية، قالت مديرة مركز "إعلام" خلود مصالحة، في حديث مع "العربي الجديد": "مكتب الدعاية الحكومي هو المسؤول عن الدعاية التي تصدر من الحكومة ووزارت الحكومة، مثل وزارة الصحة ووزارة الداخلية. عادة من دون أي علاقة لوباء الكورونا. وزارة الصحة كانت تتجاهل احتياجات المجتمع العربي وتبث إعلانات بنسبة جداً قليلة".
وتابعت: "نرى اليوم خلال فترة وباء كورونا أن نفس النمط ما زال قائماً. كمية الإعلانات التي ينشرها مكتب الدعاية الحكومي قليلة جداً ولا تلائم الوضع القائم، غير ملائمة للمجتمع العربي".
وأضافت: "من ناحية الكيف حالياً، معظم الإعلانات التي نشرها مكتب الدعاية الحكومة هي إعلانات مترجمة من اللغة العبرية، علماً أننا قريبون من عدة أعياد اليوم، عيد الفصح وشهر رمضان الكريم وعيد الفطر وزيارة النبي شعيب. لا يوجد تطرق لهذه الأعياد ضمن هذه الحملات ولا توجد تعليمات للجمهور كيف يمكن أن نقضي هذه الأعياد من دون الإصابة بالفيروس".
وفي سياق متصل، قال المدير العام المشارك لجمعية "سيكوي" أمجد شبيطة: "مثل ما يعرف الجميع شهر رمضان المبارك على الأبواب، وفي شهر رمضان تكثر المناسبات الاجتماعية وتكثر الصلوات وزيارات صلة الرحم. وفي هذا العام هناك تحدٍ كبير في توعية الناس بإلغاء هذه الطقوس الاحتفالية تفادياً لفيروس كورونا".
وأضاف شبيطة: "هذه القضية نحن نراها حقاً أساسياً للجمهور، إضافة إلى إشراك قيادة المجتمع العربي والمختصين العرب باتخاذ القرارات. من دون الشراكة ومن دون هذا التعاون ومن دون التوعية لا مكان للحديث عن عمليات فرض القانون، لا من ناحية غرامات ولا غيرها، لأنه من واجب الدولة أولاً توعية المواطنين تجاه ما يحمله هذا الفيروس من خطر في حال لم تتم مراعاة التحذيرات اللازمة".
أما عن تأثير تأخير نشر التعليمات للوقاية من فيروس كورونا في البلدات العربية مثل جسرالزرقاء، التي فيها 38 مصاباً بكورونا، فقد قال الإعلامي سامي العلي، رئيس اللجنة الشعبية في جسر الزرقاء، لـ"العربي الجديد":" التمييز في إتاحة المواد الإعلامية حول جائحة كورونا للمجتمع العربي واضح جداً، وهذا النهج برز أمس في خطاب رئيس الحكومة نتنياهو، الذي خصص فقط ثوان معدودة للحديث عن كيفية مكافحة كورونا في ظل رمضان. هو أدلى بعدة نصائح ليس أكثر. هذا النهج يتغلغل في كافة أذرع الدولة والوزارت المختلفة، وعلى رأسها وزراة الصحة التي بدأت، في حملة متأخرة جداً مخصصة للمجتمع العربي، الحديث عن النصائح والتعليمات باللغة العربية وإتاحتها لمجتمعنا".
وأضاف العلي أن من أجل إطلاق هذه الحملة باللغة العربية "فقد أجبرنا، كقيادات محلية مثلاً في جسر الزرقاء، على مدار أسبوعين، على ترجمة المواد وإتاحتها للناس، عبر نشرها بالوسائل الرقمية ووسائط التواصل الاجتماعي وكل منبر إعلامي".
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في الداخل آلاف المنشورات التي دعت الناس، خاصة في مرحلة ما قبل بدء الفحوصات وبدء حملات الدعاية بالعربية، إلى التزام الحذر وتجنب التجمهرات، واتباع قواعد الصحة ومنع المصافحة باليدين والتأكيد على غسل اليدين بالصابون، وتعقيمهما بعد الخروج من البيت والعودة إليه.
وقد شكلت المساجد في بداية الأزمة منصة ممتازة لإيصال الرسائل للناس، وتنبيههم إلى ضرورة التزام الخطوات الوقائية، وذلك قبل إعلان إغلاق المساجد والكنائس وأماكن العبادة.