الاتهامات تلاحق ترامب: فندق الرئيس تربّح من حفل تنصيبه

24 يناير 2020
معارك قضائية لترامب قبيل الانتخابات (درو أنغرير/ Getty)
+ الخط -
في مثالٍ حيّ على أن المصائب لا تأتي فرادى، وبينما يتعرّض الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمحاكمة تاريخية في مجلس الشيوخ الأميركي، بعد أن صوّت مجلس النواب لصالح عزله، أقام كارل راسين، المحامي العام في واشنطن العاصمة بمقاطعة كولومبيا، دعوى ضد اللجنة التي أشرفت على تنظيم حفل تنصيبه رئيساً في يناير/كانون الثاني من عام 2017، بسبب إنفاقها أكثر من مليون دولار على بعض الحجوزات في أحد الفنادق المملوكة لترامب. 

وبينما ينص قانون المقاطعة على ضرورة امتناع المؤسسات غير الهادفة للربح، ومنها اللجنة التي تم تكوينها لتنظيم حفل التنصيب، عن العمل على أو مساعدة أي فرد في تحقيق أرباح، اتهم المحامي العام راسين اللجنة، في دعواه التي أقامها، يوم الأربعاء، بإساءة استخدام أموال المتبرعين لمساعدة ترامب على التربح، لاستئجارها قاعة في أحد فنادقه بواشنطن العاصمة لعدة أيام، مقابل مبلغ 175 ألف دولار لليوم الواحد، وإنفاق أكثر من 300 ألف دولار على الأطعمة والمشروبات. يأتي ذلك، رغم علم أفرادها بأن الأسعار كانت مبالغا فيها.

وقال راسين في دعواه إن "هذه النفقات لم تكن مبررة، وكان الغرض منها هو تحقيق مكاسب لترامب بصورة غير لائقة"، مؤكداً أن الرئيس الأميركي وابنته إيفانكا كانا على علمٍ بها.
وضمن المستندات الداعمة لادعائه المقدم في 18 صفحة، قدّم راسين رسالة بريد إلكتروني، أرسلها ريك غيتس، نائب رئيس حملة ترامب الانتخابية السابق، إلى إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي، أعرب فيها عن قلقه "من دفع مبالغ باهظة لفندق مملوك لترامب، وما قد تستغله الصحافة في هذا الشأن لعمل فرقعة إعلامية".

كما تضمنت المستندات رسالة بريد إلكتروني أرسلتها إيفانكا، التي كانت تدير أعمال والدها في ذلك الوقت، تطلب فيها تطبيق "سعر السوق العادل"، عند تقديم خدمات الفندق للجنة.

وتشير تفاصيل الدعوى المرفوعة، كما ظهرت في المراسلات المقدمة، إلى وقائع مخجلة أحاطت بحفل التنصيب ونفقات اللجنة المنظمة. حيث تم الحجز في فندق ترامب، رغم وجود عروض من فنادق أخرى، على مقربة أيضاً من مكان حفل التنصيب، بتكلفة منخفضة، أو بدون تكلفة على الإطلاق.

وفي مقابل الحجوزات التي قامت بها اللجنة ودفعت فيها المبالغ الباهظة في فندق ترامب، عرض فندق فيرمونت توفير قاعة مجانية، بعد أن حجزت اللجنة عددا كبيرا من الغرف للضيوف، واتفقت على تقديم مأكولات ومشروبات بما تتجاوز قيمته 46 ألف دولار.

كما كانت هناك عروض بقاعتين مجانيتين من فندق "دبليو"، مقابل ما تم حجزه من غرف، وارتباط على شراء مأكولات ومشروبات بأكثر من 75 ألف دولار.

وبخلاف تحمّل تكاليف كان يمكن تجنبها، شاب عمليات الحجز الكثير من اللغط، بعد أن ظهر تباين في أعداد الغرف التي تم حجزها.
وبينما كان هناك حجز سابق يخص "إفطار الصلاة لتنصيب الرئيس"، قبل حجز اللجنة للقاعة لأربعة أيام، لم يكن هناك تخفيض في السعر بسبب انشغال القاعة لعدد كبير من ساعات اليوم الأول.

ورغم أن إفطار الصلاة تم مقابل 70 ألف دولار من أموال اللجنة، دفعت الأخيرة، وفقاً للمستندات التي قدمها المحامي العام، قيمة الأيام الأربعة كاملة، الأمر الذي يعني أن جزءاً كبيراً من يوم الحفل تم بيعه مرتين. وقبل حفل التنصيب، لم يتجاوز سعر إفطار الصلاة خمسة آلاف دولار.

وفي الوقت الذي طالب فيه المحامي العام اللجنةَ برد الأموال التي تم إنفاقها، لتوجيهها للجمعيات الخيرية التي تعزز المشاركة المدنية في خدمة المجتمع، أوضح متحدث رسمي باسم اللجنة أن "لجنة التنصيب تصرفت في إطار القانون"، مؤكداً أن الدعوى المرفوعة ليس لها أساس. وفي بيان رسمي، أكد توماس باراك، رئيس اللجنة، أن كل شيء تم تنفيذه وفقاً للأعراف التي سنّها من سبقونا".

وجمع "صندوق تنصيب ترامب" 107 ملايين دولار من التبرعات، وضعته على رأس قائمة أعلى المبالغ التي تم جمعها في تاريخ تنصيب رؤساء الولايات المتحدة.

ويوم الأربعاء الماضي، أصدرت مؤسسة ترامب بياناً جاء فيه أن "الأسعار التي تم تطبيقها هي نفس الأسعار التي كان سيحصل عليها أي شخص، أخذاً في الاعتبار أن الحدث غير مسبوق بهذا الحجم، كما أنها تعكس حقيقة أن الفندق تم افتتاحه مؤخراً، وبه العديد من المرافق عالية الجودة، كما أن لديه موقعا متميزا على شارع بنسلفانيا" (بالقرب من مكان حفل التنصيب).

وقال متحدث باسم فنادق ترامب إن "ادعاءات المحامي العام غير صحيحة، وتتعمد التضليل، وتحمل الكثير من التفاصيل غير الدقيقة".
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتم فيها الطعن في نزاهة ترامب ومؤسساته، حيث سبقتها دعاوى رفعها المحامي العام في كل من ولايتي نيويورك وماريلاند وواشنطن العاصمة، تتهم الرئيس الأميركي باستغلال منصبه للتربح لفنادقه، باستضافة وفود حكومات أجنبية في فنادقه مقابل مبالغ مالية طائلة، إلا أنها لم تسفر عن شيء حتى الآن.

والعام الماضي، استدعى مكتب المدعي العام في نيويورك مسؤولي مصرفَي دويتشه بنك وإنفستورز، لطلب بيانات تتعلق بمشاريع مؤسسة ترامب، وما أثير عن محاولته تضخيم أصوله ليتمكن من الحصول على قرض من أي من البنكين لشراء بعض السندات.

وجاءت مذكرات الاستدعاء بعد شهادة مايكل كوهين، المحامي الشخصي السابق لترامب، أمام الكونغرس. وفي واقعة منفصلة، أمر قاض أميركي ترامب بدفع مليوني دولار، بسبب استخدام أموال مؤسسته الخيرية في نفقاته الخاصة.

وتأتي كل هذه الاتهامات قبيل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2020، وهي الانتخابات الرئاسية الأميركية الـ 59. وتجري هذه الانتخابات كل أربع سنوات.

وكان الرئيس دونالد ترامب استغل مشاركته في منتدى دافوس، الثلاثاء، لاستعراض نجاح الاقتصاد الأميركي، لكنه حرص على عدم الخوض كثيرا في المسائل البيئية، رغم أنها تتصدر جدول أعمال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي.

وقال ترامب إن الولايات المتحدة ستنضم إلى مبادرة لزراعة تريليون شجرة، لكن حديثه عن الأهمية الاقتصادية لصناعات النفط والغاز استمر لبضع دقائق في كلمته أمام المنتدى. وهذه هي المرة الثانية التي يلقي فيها ترامب كلمة في منتدى دافوس.

وقبل عامين، حث الشركات على الاستثمار في بلاده، بعد إقرار أول تخفيضات ضريبية لتشجيع إنفاق الشركات.
وفي كلمة تناولت موضوعات شتى، عدًد ترامب إنجازات إدارته، ووجّه الشكر للشركات الأجنبية التي تستثمر في الولايات المتحدة.

وقال إن أميركا في وضع اقتصادي أفضل بكثير مما كان يتخيل عندما تولى منصبه قبل ثلاث سنوات.

ودعا إلى المزيد من الاستثمارات الأجنبية في بلاده قائلا: "لقد ولّى زمن الشكوك. إلى كل شركة تبحث عن مكان للنجاح، لا مكان أفضل من الولايات المتحدة".

إلا أن تباهي ترامب بإنجازاته لا يُخرجه من مأزقه القانوني في بلاده. وأعلن عضو فريق الادعاء حكيم جيفريز "لا أحد فوق القانون في الولايات المتحدة، ولا حتى الرئيس".

وعلق ترامب من دافوس "هؤلاء الأشخاص مجانين" مؤكدا أنه ضحية "مكيدة" دبّرتها المعارضة الديموقراطية. وقال ترامب إنه كان "بودّه" حضور المداولات، لكن محاميه لا يؤيدون ذلك.

وترامب هو ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يخضع لمحاكمة ضمن آلية عزل، بعد أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1999.

ومن المتوقع، وعلى غرار الرئيسين السابقين، أن تتم تبرئته، في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ. 
المساهمون