الإعلام المغربي ولعنة الشارع

04 فبراير 2020
+ الخط -
يبدو أن الإعلام المغربي في عصر معلومة "البراق" لم تعد تثيره المواضيع السياسية والثقافية الساخنة ولا حتى احترام الأذواق، بقدر ما أصبحت تثيره مواضيع "السخافة" وكشف عورات الأسر المغربية ولو كان الأزواج فوق أسِرتِهم يمارسون عادتهم "السيئة" ويحسون بشيء من الدفء، أو في حالة وجود مواطن يقضي حاجته البيولوجية في الأرض الواسعة والتي لم تعد واسعة للبؤساء مثله، لأنه لم يجد مراحيض عمومية. المهم هو أن تقوم بعض الأقلام والعدسات بإخراج كل ما هو خصوصي إلى الجمهور من أجل أن يصب غضبه على صاحب تلك "الفضيحة" ويرميه بالحجارة حتى يصبح يعاني نفسيا من لعنة الشارع الذي صنعته بعض الصحف، وذلك بهدف جلب وحلب الآلاف من القراء والمشاهدين.

الحديث هنا يجرنا إلى الحديث عن محاضرة المفكر عبد الله العروي عند افتتاحه لـ"كرسي عبد الله العروي للترجمة والتأويل"، والذي غطته منابر إعلامية قليلة جداً، في حين قامت بعض الصحف بعملية "كوبي كولي"، وهي نفس المنابر التي نجدها تتخلى عن عملية "كوبي كولي" وتقوم بعملية "البث المباشر" مع تزييف العناوين وتحسين الصور حتى تصبح جذابة، وذلك عند وجود فضيحة تمس أعراض وشرف الأسر وأهل "القبيلة".


فعجبا لمن يدعي أنه صحافي ويرفع شعار "الصحافة ليست جريمة"، ويرتكب أفظع الجرائم وأبشعها في حق عقل الشارع المغربي. عجبا لمن يدعي أنه كاتب أو شاعر ويرفع شعار "الحرف الحر"، ويكتب مقالة أو قصيدة موزونة الكلام يمدح فيها حزبا سياسيا، ولا يرثي متشردا مات في هذه الليالي الباردة، ولم يجد من يبكي عليه أو من يكتب اسمه على حافة قبره.

عجبا لمن يدعي أنه يمارس صحافة مستقلة حرة نزيهة، ويمدح حزبا ويقذف بحزب آخر في سلة المهملات لأنه لا يمارس أيديولوجية الفساد.

عجباً لك أيتها الأقلام التي لا تنام إلا على خبر كاذب ولا تسير في رصيف الكتابة وإلا في رصيدها البنكي الملايين من أموال الحرام مصدرها أحزاب فاسدة تلوث في صحافة فاسدة من أجل بناء شعب فاسد له أيديولوجية فاسدة، وهذا لن يكون، لأن هذا الأخير يعي بما يفعل ولن يركب على ظهر سفينة الفساد يقودها ربان لحزب فاسد.

يتحدثون عن نقل الحقيقة ويهربون من الأكاذيب، والعكس في كتاباتهم يظهر للعيان، فهم ينقلون الأكذوبة ويهربون من الحقيقة مقابل دريهمات قليلة. في كتاباتهم نجد صورا جنسية وعبارات يستحي القارئ أن يطلع عليها في صفحاتهم المتسخة ويرفعون شعار "الأقلام الحرة".

يكتبون الخرافات والثرثرات ويعشقون الخلافات بين أبناء الشعب، ويضحكون على المواطن بحروف لا تسمن ولا تغني من جوع، إنهم قوم فاسدون يملكون أقلاماً جافة فاسدة.

يتكلمون في المقاهي عن الإصلاح والتنمية وعن النضال والمساهمة في نشر الثقافة والوعي السياسي، وفي مكاتبهم يكتبون عن الحقيقة المقلوبة بدون أي دليل ولا حجج، ويدحرجون حروفهم بأقلامهم الجافة، وينشرون الفساد بدعوى نشر الثقافة، فعجبا لك أيتها الأقلام.