الإطاحة بقيادات "الأمن الوطني": الطائرة الروسية والفشل الأمني

20 ديسمبر 2015
سقوط الطائرة الروسية فرض تعديل قيادات الأمن الوطني (Getty)
+ الخط -

لا يمكن تفسير الإطاحة برئيس جهاز الأمن الوطني في مصر، اللواء صلاح حجازي، ونائبيه، إلا في ضوء حالة الفشل الأمني التي يعاني منها النظام الحالي.

ولم يتمكن النظام الحالي على الرغم من إدخال تعديلات على قيادات وزارة الداخلية، بعد تعيين اللواء مجدي عبد الغفار، وزيراً للداخلية، من مواجهة التهديدات الأمنية الكبيرة التي تواجهه.
وقرر وزير الداخلية، الإطاحة برئيس جهاز الأمن الوطني، ونائبيه، ونقلهم لقطاعات أخرى، وهي أبرز القرارات التي اتخذها الرجل.

وأجرى عبد الغفار، حركة تنقلات محدودة في قيادات الوزارة، مساء السبت الماضي، أبرزها تعيين اللواء محمد شعرواي رئيساً لجهاز الأمن الوطني، خلفاً للواء صلاح حجازي، بعد الإطاحة به وبنائبيه، اللواء محمود الجميلي، واللواء، هشام البستاوي.

وتقرر تعيين حجازي مساعداً للوزير في قطاع الأمن الاقتصادي، والجميلي مديراً لأمن الإسكندرية، والبستاوي في الطرق والمنافذ. وشمل القرار كذلك تعيين اللواء أحمد حجازي مديراً لأمن الجيزة، واللواء عبد الفتاح عثمان مساعداً للوزير لشرق الدلتا، واللواء محمود يسري مساعداً للوزير لقطاع الأمن، واللواء سيد جاد الحق مديراً لقطاع الأمن العام.

وتقرر تعيين اللواء أيمن جاد مساعداً للوزير لقطاع الشؤون المالية، واللواء محمد البهجي، مساعداً للوزير لقطاع لتخطيط، واللواء عمرو شاكر مديراً للإدارة العامة للإعلام والعلاقات، واللواء محمد جاد، لشؤون الضباط، واللواء شريف جلال، للمكتب الفني.

حركة التنقلات كانت محدودة في الأساس ولا تتضمن تغييرات واسعة في مساعدي الوزير أو مدراء الأمن في المحافظات المختلفة، وهو ما يدعم الاتجاه الخاص بأن التنقلات جاءت في محاولة علاج حالة الفشل الأمني الكبيرة.

ويواجه النظام الحالي أزمة كبيرة لناحية الضعف الأمني ومواجهة المجموعات المسلحة، خاصة مع الانشغال بالأمن السياسي وملاحقة المعارضين وتهيئة الأوضاع للرئيس عبدالفتاح السيسي.

وتلقى النظام الحالي ضربات قاسمة من تفجيرات وعمليات لمجموعات مسلحة، فضلاً عن القدرة على وقف تحركات رافضي الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي.

اقرأ أيضاً: استكمال محاكمة نجلي مبارك في قضية تلاعبهم بالبورصة

وخلافاً للأسباب المعلنة على لسان مصادر أمنية، وما تردد عن أن سبب التنقلات، هو أن القيادات الحالية اقتربت من سن التقاعد، لا يبدو هذا السبب قريباً للصحة، وخاصة أن قيادات الأمن الوطني الذين تمت الإطاحة بهم، نُقلوا إلى مناصب أخرى في الوزارة.

ويبقى أن سيناريو الفشل الأمني في مواجهة التحديات هو الأبرز والأقرب للدقة، بحسب مصادر أمنية خاصة.

هذه المصادر الأمنية، والتي شددت على عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، لفتت إلى أن التغييرات التي حدثت في قيادة أحد أقوى الأجهزة الأمنية في مصر، بسبب الفشل الأمني الكبير.

كما اعتبرت أن هذه التنقلات أو الإطاحة، جاءت في أغلبها بسبب حادث تفجير طائرة الركاب الروسية، وبما يتعلق بالجماعات الإرهابية المسلحة، مشيرةً إلى أن القيادة الحالية للجهاز فشلت في اختراق أيٍّ من الجماعات المسلحة والقضاء عليها، وهو ما كان مرده كبيراً لدى القيادة السياسية متمثلة في رئاسة الجمهورية.


ولفتت إلى أن أحد أسباب هذه الإطاحة وجود أزمة بسبب تدخلات الجهاز في بعض الأمور المتعلقة بالناحية السياسية، والدخول في معارك جانبية، لها علاقة بأجهزة سيادية في الدولة.

ولم تستبعد المصادر أن يكون الأمر جاء عن طريق مستشار الرئيس للأمن، اللواء أحمد جمال الدين، وخاصة أن عبد الغفار جاء باختيار وموافقة الرجل.

ورأت أن حادث الطائرة بمثابة "القشة التي قسمت ظهر البعير"، حيث كانت هناك أزمة في أسلوب إدارة الجهاز ولكن سقوط طائرة الركاب جاء ليطيح بالقيادة الحالية.

وشددت المصادر الأمنية على أن الجهاز فشل حتى الآن في اختراق ووقف خطورة الجماعات المسلحة، وهو ما تعتبره القيادة السياسية فشلاً ذريعاً، لأن الجهاز هو الجهة المنوط بها رصد هذه التحركات.

اقرأ أيضاً: ضحايا التعذيب بالسجون المصرية مسلسل لا ينتهي

بدوره، يقول مصدر أمني فضل عدم الكشف عن اسمه، إن وزارة الداخلية بكامل أجهزتها وقطاعاتها تحتاج إلى إعادة هيكلة بشكل تام.

ويرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الانتهاكات التي تشهدها الوزارة حالياً تعد الأخطر منذ تولي زكي بدر وزارة الداخلية، خاصة في ظل استمرار سياسة الإفلات من العقاب لضباط الشرطة.

ويشدد على ضرورة وقف الانتهاكات وملاحقة المعارضين سياسياً والاهتمام بالأمن العام ومشكلات الناس، فضلاً عن مواجهة العدو الأساسي وهو الجماعات الإرهابية وعلى رأسها "داعش".

ويؤكد أن التنقلات الأخيرة في جهاز الأمني الوطني تعكس حجم الأزمة لدى الوزارة والنظام، خاصة وأنه ثاني تغيير خلال عام واحد، في ظل استقرار الأوضاع تماماً، وليس هناك اضطرابات سياسية.

ويضيف أن هناك فشلاً ذريعاً لدى جهاز الأمن الوطني، لناحية نقص المعلومات لديه، في حين أنه في الأساس جهاز جمع معلومات، موضحاً أن الجهاز تخلى عن جمع المعلومات لصالح ضبط الأشخاص المعارضين للنظام.

ويشير أيضاً إلى فشل الجهاز في اختراق فرع تنظيم "داعش" في سيناء، وقتل أحد العاملين معه بعد انكشاف أمره من عناصر التنظيم، ولكن قضية الطائرة الروسية كانت خاتمة بعد الأزمة التي تتعرض لها مصر حالياً على خلفية هذه الحادثة.

اقرأ أيضاً: مصر: تصاعد الأزمة بين الأوقاف والدعوة السلفية بالإسكندرية

المساهمون