يعرف السودان تعدداً في الأعراق والثقافات والأديان والتوجهات السياسية، كما يعرف أيضاً تعدداً بين التيارات الإسلامية والتي يمكن حصرها في أربعة رئيسية هي: الصوفية وتيار الإسلام السياسي والتيار السلفي والتيار الجهادي.
ويمتد التعدد إلى داخل التيارات الإسلامية نفسها، التي بداخل كل منها صراعات جزئية بين مكوناتها كما تخوض صراعات خارجية مع بقية التيارات الإسلامية المنافسة، لكن الملاحظ أن أقوى الصراعات اليوم هي: صراع قوى الإسلام السياسي والصوفي التقليدي على السلطة والحكم، بينما يدور الصراع على منابر المساجد بين الإسلام السياسي والتيار السلفي والجهادي.
الصراع بين الإسلام السياسي والصوفية
يجسد انقلاب الإنقاذ في يونيو/حزيران من العام 1989 أحد تجليات الصراع التاريخي بين الإسلاميين إذ انقلب الجيش بدعم الجبهة الإسلامية القومية (أسسها الراحل الدكتور حسن الترابي وكان بها عدد كبير من الإخوان المسلمين) على حكومة الصادق المهدي المحسوبة على التيار الصوفي وأنتج هذا الانقلاب العسكري مرارات عديدة للأنصار (أتباع المهدي) والختمية (صوفيون يتبعون السيد محمد عثمان الميرغني)، وهو ما أدى إلى صراع بين الطرفين امتدت آثاره حتى مصر إذ حذر مبارك الفاضل المهدي بعد نجاح ثورة يناير من وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر في ندوة عقدت في مقر حزب العدل المصري في العام 2011، وهو ما جعل المرشد العام السابق للإخوان، محمد مهدي عاكف، يرد عليه بالقول، إن مبارك الفاضل ليس لهم خير في السودان ولا مصر.
وتتجسد هذه المرارات والصراعات بين الإسلاميين اليوم في دعوة القيادي في حزب الأمة، محمد حسن المهدي، إلى حظر كل حركات الإسلام السياسي حال حدوث أي تغيير في السودان.
ويصف المفكر الإسلامي السوداني، فتح العليم عبدالحي، الخلاف بين الإسلام السياسي والإسلام الصوفي التقليدي في السودان بأنه خلاف بين إسلام شعبي وآخر تقليدي، متابعاً في تصريحات خاصة لمعد المادة، أن الصوفية يتكلمون عن تدين فردي لا علاقة له بالشأن العام خلاف حركات الإسلام السياسي التي تتحدث عن أن للدين تداخلاً مع كل شؤون الحياة وعلى رأسها السياسة ومن هنا نتج التباين والخلاف.
اقــرأ أيضاً
صراع الإسلام السياسي مع السلفيين
في زمن المد الاشتراكي في السودان والعالم العربي تحالف الإخوان مع أنصار السنة مع الطريقة التيجانية في قائمة انتخابية واحدة، فقط من أجل إسقاط الشيوعيين في العام 1965 وتم تسمية التحالف جبهة الميثاق الإسلامي، وأعقب الفترة التي تلت حل الحزب الشيوعي في العام 1968، حالة من السكون في العلاقة بين الإسلام السياسي والسلفيين لكن سرعان ما اندلعت التراشقات الإعلامية مع إطلاق، الشيخ حسن الترابي، لفتاويه المثيرة للجدل في الثمانينات ثم بعد ذلك تطبيقات النظام السوداني للفكر الإسلامي والتي لم تكن تروق التيار السلفي مثل قضية تعيين النساء كقاضيات في المحاكم أو تحالف النظام السوداني مع إيران في وقت سابق.
يقول فتح العليم عبدالحي، المفكر الإسلامي إن أكبر مشكلة تواجه التيارات السلفية التقليدية أو الجهادية تتمثل في تقيدها بالنسخة التاريخية للإسلام، بينما يعتبر الإسلام السياسي نفسه غير مكلف بكلام السلف وأن عليه الاجتهاد والتأويل طبقاً لطبيعة العصر، كونه يقرأ التراث قراءة نقدية ويوافقه في ذلك القيادي السلفي، عاطف بلول، والذي قال لمعد المادة، إن السلفيين يسيرون بأقوال السلف من صحابة وتابعين، بينما تخضع هذه الأقوال عند جماعات الإسلام السياسي للأخذ والرد ويضاف إلى ذلك أن السلفيين يهتمون بقضايا التوحيد وغيرها من القضايا العقائدية.
أما الدكتور محمد علي الجزولي، منسق تيار الأمة الواحدة (سلفية جهادية)، فيحدد مشكلة (تيار الأمة الواحدة) خصوصاً والجهاديين عموماً مع الإسلام السياسي الممثل في فكر جماعة الإخوان المسلمين في أنه قام على فقه الموازنات والمقاصد مثل اجتهادات ابن نجيم الطوفي والشاطبي والطاهر بن عاشور والتي تمثل الشرع المؤول ويرى الجزولي في تصريحات لمعد المادة أن الأمة ستسعيد مجدها برجال عدول من أبنائها يحيون المدرسة النصية ويعيدون تعظيم الكتاب والسنة على حد رؤيته وتياره.
صراع التيار السلفي التقليدي والجهاديين
في السنوات الأخيرة برز صراع بين التيار السلفي والجهاديين، فقد كان السودان بسبب طبيعته الصوفية محصناً من التيارات الجهادية، ولكن بعد حرب العراق في العام 2003 وسفر السودانيين للاغتراب في الخارج بدأ بعض الشباب يعود محملاً بأفكار جهادية ومن ثم بدأت الأفكار الجهادية تنشط وتنتشر وسط الشباب السلفي السوداني.
ويقول عاطف بلول، القيادي في جماعة أنصار السنة (سلفية علمية تقليدية) لمعد المادة، إنه وجماعته والتيار السلفي يرفضون ظلم الحكام، لكنه رفض دون تشدد يفضي إلى سفك الدماء مثلما تفعل الجماعات الجهادية، بينما يرى، الدكتور محمد علي الجزولي، أن الخلاف بين السلفيين والجهاديين هو في مسألة التعامل مع ولاة الأمور، فالسلفيون يعتبرون الحكام الحاليين في العالم الإسلامي أولياء أمور شرعيين، وبالنسبة للسلفيين في السودان يرى الجزولي أن الأزمة الكبرى معهم هي في قضايا الحاكمية فعلى الرغم من اختلاف جماعة أنصار السنة المحمدية على مسألة المشاركة في الحكومة السودانية الحالية إلا أنهم مقتنعون أنها حكومة شرعية وهذا ما يرفضه الجهاديون الذين يناوئون النظام الحالي، حتى لو استمر في التغني بالشعارات الإسلامية.
ويمتد التعدد إلى داخل التيارات الإسلامية نفسها، التي بداخل كل منها صراعات جزئية بين مكوناتها كما تخوض صراعات خارجية مع بقية التيارات الإسلامية المنافسة، لكن الملاحظ أن أقوى الصراعات اليوم هي: صراع قوى الإسلام السياسي والصوفي التقليدي على السلطة والحكم، بينما يدور الصراع على منابر المساجد بين الإسلام السياسي والتيار السلفي والجهادي.
الصراع بين الإسلام السياسي والصوفية
يجسد انقلاب الإنقاذ في يونيو/حزيران من العام 1989 أحد تجليات الصراع التاريخي بين الإسلاميين إذ انقلب الجيش بدعم الجبهة الإسلامية القومية (أسسها الراحل الدكتور حسن الترابي وكان بها عدد كبير من الإخوان المسلمين) على حكومة الصادق المهدي المحسوبة على التيار الصوفي وأنتج هذا الانقلاب العسكري مرارات عديدة للأنصار (أتباع المهدي) والختمية (صوفيون يتبعون السيد محمد عثمان الميرغني)، وهو ما أدى إلى صراع بين الطرفين امتدت آثاره حتى مصر إذ حذر مبارك الفاضل المهدي بعد نجاح ثورة يناير من وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر في ندوة عقدت في مقر حزب العدل المصري في العام 2011، وهو ما جعل المرشد العام السابق للإخوان، محمد مهدي عاكف، يرد عليه بالقول، إن مبارك الفاضل ليس لهم خير في السودان ولا مصر.
وتتجسد هذه المرارات والصراعات بين الإسلاميين اليوم في دعوة القيادي في حزب الأمة، محمد حسن المهدي، إلى حظر كل حركات الإسلام السياسي حال حدوث أي تغيير في السودان.
ويصف المفكر الإسلامي السوداني، فتح العليم عبدالحي، الخلاف بين الإسلام السياسي والإسلام الصوفي التقليدي في السودان بأنه خلاف بين إسلام شعبي وآخر تقليدي، متابعاً في تصريحات خاصة لمعد المادة، أن الصوفية يتكلمون عن تدين فردي لا علاقة له بالشأن العام خلاف حركات الإسلام السياسي التي تتحدث عن أن للدين تداخلاً مع كل شؤون الحياة وعلى رأسها السياسة ومن هنا نتج التباين والخلاف.
صراع الإسلام السياسي مع السلفيين
في زمن المد الاشتراكي في السودان والعالم العربي تحالف الإخوان مع أنصار السنة مع الطريقة التيجانية في قائمة انتخابية واحدة، فقط من أجل إسقاط الشيوعيين في العام 1965 وتم تسمية التحالف جبهة الميثاق الإسلامي، وأعقب الفترة التي تلت حل الحزب الشيوعي في العام 1968، حالة من السكون في العلاقة بين الإسلام السياسي والسلفيين لكن سرعان ما اندلعت التراشقات الإعلامية مع إطلاق، الشيخ حسن الترابي، لفتاويه المثيرة للجدل في الثمانينات ثم بعد ذلك تطبيقات النظام السوداني للفكر الإسلامي والتي لم تكن تروق التيار السلفي مثل قضية تعيين النساء كقاضيات في المحاكم أو تحالف النظام السوداني مع إيران في وقت سابق.
يقول فتح العليم عبدالحي، المفكر الإسلامي إن أكبر مشكلة تواجه التيارات السلفية التقليدية أو الجهادية تتمثل في تقيدها بالنسخة التاريخية للإسلام، بينما يعتبر الإسلام السياسي نفسه غير مكلف بكلام السلف وأن عليه الاجتهاد والتأويل طبقاً لطبيعة العصر، كونه يقرأ التراث قراءة نقدية ويوافقه في ذلك القيادي السلفي، عاطف بلول، والذي قال لمعد المادة، إن السلفيين يسيرون بأقوال السلف من صحابة وتابعين، بينما تخضع هذه الأقوال عند جماعات الإسلام السياسي للأخذ والرد ويضاف إلى ذلك أن السلفيين يهتمون بقضايا التوحيد وغيرها من القضايا العقائدية.
أما الدكتور محمد علي الجزولي، منسق تيار الأمة الواحدة (سلفية جهادية)، فيحدد مشكلة (تيار الأمة الواحدة) خصوصاً والجهاديين عموماً مع الإسلام السياسي الممثل في فكر جماعة الإخوان المسلمين في أنه قام على فقه الموازنات والمقاصد مثل اجتهادات ابن نجيم الطوفي والشاطبي والطاهر بن عاشور والتي تمثل الشرع المؤول ويرى الجزولي في تصريحات لمعد المادة أن الأمة ستسعيد مجدها برجال عدول من أبنائها يحيون المدرسة النصية ويعيدون تعظيم الكتاب والسنة على حد رؤيته وتياره.
صراع التيار السلفي التقليدي والجهاديين
في السنوات الأخيرة برز صراع بين التيار السلفي والجهاديين، فقد كان السودان بسبب طبيعته الصوفية محصناً من التيارات الجهادية، ولكن بعد حرب العراق في العام 2003 وسفر السودانيين للاغتراب في الخارج بدأ بعض الشباب يعود محملاً بأفكار جهادية ومن ثم بدأت الأفكار الجهادية تنشط وتنتشر وسط الشباب السلفي السوداني.
ويقول عاطف بلول، القيادي في جماعة أنصار السنة (سلفية علمية تقليدية) لمعد المادة، إنه وجماعته والتيار السلفي يرفضون ظلم الحكام، لكنه رفض دون تشدد يفضي إلى سفك الدماء مثلما تفعل الجماعات الجهادية، بينما يرى، الدكتور محمد علي الجزولي، أن الخلاف بين السلفيين والجهاديين هو في مسألة التعامل مع ولاة الأمور، فالسلفيون يعتبرون الحكام الحاليين في العالم الإسلامي أولياء أمور شرعيين، وبالنسبة للسلفيين في السودان يرى الجزولي أن الأزمة الكبرى معهم هي في قضايا الحاكمية فعلى الرغم من اختلاف جماعة أنصار السنة المحمدية على مسألة المشاركة في الحكومة السودانية الحالية إلا أنهم مقتنعون أنها حكومة شرعية وهذا ما يرفضه الجهاديون الذين يناوئون النظام الحالي، حتى لو استمر في التغني بالشعارات الإسلامية.