شهد العالم صباح اليوم حفل توزيع جوائز الأوسكار السابع والثمانين، مع غيابات على مستوى الترشيحات لعل أبرزها إقصاء الممثل جاك جيلينهال وفيلمه من فئتَي أفضل ممثل وأفضل فيلم؛ وغياب فيلم "فتاة غائبة" عن فئة أفضل نص مقتبس، وتجاهل للمخرج كريستوفر نولان على صعيد جائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرج.
على مستوى التوقعات، كان الحفل مناسباً إلى حد ما، حيث كان أبرز الحاصلين على الجوائز هو فيلم "بيردمان" برصيد 4 جوائز من أبرز الفئات (الإخراج، التصوير، أفضل فيلم وأفضل سيناريو أصلي)، متساوياً مع فيلم "فندق بودابست الكبير"، تلاهما فيلم "ويبلاش" بثلاث جوائز مهمة (مونتاج، الممثل المساعد وأفضل مزج صوتي).
بالنسبة إلى جائزة أفضل فيلم التي تنافس عليها فيلم ريتشارد لينكلاتر "صبا" وفيلم أليخاندرو غونزاليز إيناريتو "بيردمان"، كانت التوقعات بتناصف جائزتي الإخراج وأفضل فيلم بينهما، إلا أن فيلم "بيردمان" منح شرف الثلاثية الكبيرة مضافاً إليها أفضل تصوير وأولى جوائز الأوسكار، فحصل هو وصاحبه على لقب أفضل مخرج وأفضل فيلم وأفضل سيناريو أصلي للعام 2014، وهو ما كان مقروءاً بالنظر إلى المزاج العام للأكاديمية، إذ كان قد فاز بجائزة أفضل مخرج لدى نقابة المخرجين، وهي الجائزة التي قلبت الموازين في الأيام الأخيرة.
إلا أن الكثيرين رأوا أن ما حدث هو فشل جديد يضاف إلى الأكاديمية بسبب عدم تعرّفها إلى فيلم "صبا". أما المفاجأة الثانية في الحفل فكانت حصول فيلم "لعبة المحاكاة" على جائزة أفضل سيناريو مقتبس، متفوقاً على فيلم "ويبلاش"، صاحب التوقع الأكبر لنيل الجائزة. وقد ألقى غراهام مور خطاباً عاطفياً للغاية.
وعلى لقب أفضل ممثل، كانت المنافسة قوية، إلا أن الإنجليزي إيدي ريدماين حسم المسألة لصالحه عن فيلم "نظرية كل شيء"، وذلك بعد نيله هذا العام الـ "غولدن غلوب" و"بافتا" و"جائزة النقابة"، متفوقاً على مايكل كيتون. أما جائزة أفضل ممثلة، التي شهدت بدورها منافسة قوية، فكانت من نصيب جوليان مور عن فيلم "ستيل آليس".
فئة أفضل ممثل وممثلة بدور مساعد كانت محسومة مبكراً بلا جدال لكل من الأميركيين ج. ك. سيمنز عن فيلم "ويبلاش"، وباتريشا آركيت عن فيلم "صبا". وقد مارس سيمنز هوايته المفضلة، أي إلقاء الخطابات المؤثرة، بعد حصده لكل جوائز هذه الفئة في جميع المسابقات المهمة هذا العام. وهذه المرة، كان خطابه سريعاً ودافئاً، اختتمه قائلاً: "إن كان لدى أحدكم أبوان على قيد الحياة، اتصلوا بهما الآن". بينما خاطبت باتريشا جمهورها من النساء حول العالم، مشعلة موجة من التشجيع النسوي لكلمتها.
من جهته، اختطف ايمانيول لوبسكي جائزة أفضل تصوير سينمائي عن فيلم "بيردمان"، وهي الجائزة الثانية له للعام الثاني على التوالي بعد أن حصل على التكريم نفسه عن فيلم "جاذبية" العام الماضي. كانت هذه الجائزة متوقعة رغم حجم المنافسة الكبير عليها، خصوصاً مع وجود فيلم "إيدا" البولندي، الذي شكّل بدوره أحد أكثر الأفلام جدلاً خلال العام الماضي، بطريقته الفريدة في استخدام المشاهد التعبيرية الثابتة، وكان الأكثر توقعاً لنيل جائزة أفضل فيلم أجنبي، حيث تفوّق على الفيلم الروسي "ليفياثان" الذي حاز على جائزة "غولدن غلوب" في وقت مبكر من هذا العام. وقد تحدث مخرجه باول باولوكوسكي بطريقة انفعالية بعد استلامه الجائزة، قائلاً: "الحياة مليئة بالمفاجأت"، وأخذ بتوجيه الشكر لعدد ضخم من الناس، متجاوزاً الحد الزمني المحدد له، مشعلاً القاعة بموجة من التصفيق والضحك.
أمّا في فئة الموسيقى التصويرية، فكانت المنافسة شائكة وغير متوقعة، إذ مال الجمهور إلى موسيقى هانز زيمر في فيلم "انترستلار"، مع ترشيحان لألكسندر ديسبلات كان من الممكن أن يعملا ضده، إلا أنه حصل على الجائزة عن دوره في صنع موسيقى فيلم "فندق بودابست الكبير". وهي جائزة مستحقة لمساهمته في رسم التكامل العام في الفيلم.
وكما كان متوقعاً، حصل فيلم "ويبلاش" على جائزة المزج الصوتي، بينما حصل "قناص أميركي" (الفيلم الدعائي لحروب أميركا) على جائزة المونتاج الصوتي مقتنصاً الجائزة من فيلم "بيردمان"، منافسه الأول في هذه الفئة. ثم استمر الاحتفاء بفيلم "ويبلاش" عبر منحه جائزة أفضل مونتاج، كنتيجة عادلة جداً ومستحقة لتوم كروس، الذي قام بتوليف الفيلم وأعطانا مشهداً ختامياً غاية في الروعة، متفوقاً على فيلم "صبا" منافسه الأقوى. وذهبت جائزة أفضل مؤثرات بصرية لفيلم "إنترستلار" كما كان متوقعاً، فيكون باول فرانكلن قد نال الأوسكار الثاني بعد أن حصد هذه الجائزة عام 2010 عن فيلم "إنسيبشن". أما فيلم "سيلما" فنال أوسكار أفضل أغنية أصلية.
في فئة الوثائقي الطويل، كانت الجائزة من نصيب "الموطن 4"، وهي نتيجة متوقعة لفيلم بعيد تماماً عن الافتعال الدرامي، يروي قصة الرجل الذي أبدى قدراً كبيراً من الشجاعة من أجل كشف حجم التجسس الذي ترتكبه أجهزة المخابرات في بلاده.
وذهبت جوائز تصميم الملابس والمكياج والإنتاج لفيلم "فندق بودابست العظيم"، علماً أن التوقعات كانت تميل إلى العالم الساحر والخيالي الذي ابتكره المخرج الأميركي ويس أندرسن. وعلى مستوى الأفلام القصيرة، نال الفيلم البريطاني القصير "اتصال هاتفي" جائزة أفضل فيلم قصير، من دون مفاجأة نظراً إلى رضا النقاد عنه، بينما حصد الفيلم الأميركي "خط الكوارث الساخن" جائزة أفضل وثائقي قصير. أما شركة "ديزني" فلم تكتف بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة قصير، بل حصدت أيضاً جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة طويل عن فيلم "بيج هيرو 6"، ما عكس عودة قوية لهذه الشركة بعد فترة طويلة من الانحدار.