كانت هذه بعض الملاحظات التي عبر عنها مسؤولون كبار في الأمم المتحدة، خلال جلسات ونقاشات شهدها مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بين 19 و21 أبريل/نيسان الحالي، في إطار الدورة الاستثنائية الثلاثين للجمعية العامة حول تحديات مشاكل المخدرات، والتي تعقد للمرة الأولى منذ عشرين عاما.
وشارك في الاجتماعات مئات المسؤولين من دول عدة، وممثلون عن منظمات المجتمع المدني في محاولة لمراجعة التقدم في التعامل مع مشاكل المخدرات، كما نوقشت التحديات المختلفة والمعاهدات الدولية الخاصة بالموضوع.
وأشار نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يان إلياسون، في حديثه عن الموضوع، إلى عدة نقاط بينها أن تجارة المخدرات تغذي الفساد وتشكل تحدياً لسيادة القانون وتضعف مؤسسات الدولة، وأكد استنادا إلى قرارات مجلس الأمن، أن أرباح تجارة المخدرات تمول الإرهاب وأنواعا عديدة من التطرف في العالم.
وانتقد إلياسون السياسات التي تتبعها بعض الدول في عقاب المدمنين مما يؤدي إلى امتناع البعض في تلك الدول عن طلب المساعدة خوفاً من أن يتعرض للعقاب أو ما يعرف بـ"العلاج القسري".
وأشار وزير العدل الجزائري، الطيب لوح، في مداخلة له خلال الاجتماعات، إلى أن مشاكل المخدرات تفاقمت وتجاوزت التهديدات الاجتماعية والإجرامية التقليدية وأصبحت علاقتها بتمويل الإرهاب وطيدة لتصبح واحدة من أهم مصادره إلى جانب الإتجار غير المشروع بالنفط.
وفي السياق نفسه، أشار عدة مسؤولين إلى ضرورة التنسيق الدولي وتشريع القوانين اللازمة لمكافحة تبييض الأموال. وتحدث السفير التونسي بالأمم المتحدة، محمد الخياري، عن ضرورة إيجاد العلاج لمشاكل المخدرات وتحدياتها وليس فقط سن القوانين وإنزال العقوبات السالبة للحرية.
ويقدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن أكثر من مئتي ألف شخص يموتون سنوياً بسبب تعاطي جرعات زائدة من المخدرات. ويقدر المكتب أن هناك نحو 27 مليون شخص في العالم يعانون من اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات. وأن 13 في المائة من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن مصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة "إيدز"، وأن نصف هؤلاء يعاني من التهاب الكبد الوبائي.
وأصدر برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز تقريرا قبل انعقاد لقاءات نيويورك، أكد فيه أنه "لم يتم إحراز تقدم في العمل على الحد من نسبة الإصابات الجديدة بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن". ويعزو التقرير ذلك إلى فشل كثير من الدول في تبني سياسات ونهج يدمج بين الصحة وحقوق الإنسان فيما يتعلق بالذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن، حيث يتم تجريم وتهميش المتعاطين، ناهيك عن نقص في عدد البرامج التي تتكفل بالعلاج والحد من أضرار الاستخدام.
كما يشير التقرير إلى إشكاليات في توظيف الأموال في الأماكن الصحيحة، حيت تصرف في بعض الدول أموال طائلة على "الحرب على المخدرات"، لكن صرفها ليس بالضرورة على الأماكن والسبل الملائمة.
وفي سياق منفصل، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، إيران في وقت سابق من الشهر، إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام المرتبطة بجرائم المخدرات، إلى أن ينهي برلمانها البت بمشروع قانون جديد يلغي عقوبة الإعدام الإلزامية لجرائم المخدرات.
وجاءت تلك الدعوة في سياق إعدام إيران لثلاثة أشخاص بتهم الاتجار بالمخدرات، في التاسع من الشهر الحالي. وأشارت المفوضية في هذا السياق إلى أن إيران أعدمت العام الماضي أكثر من 900 شخص أغلبهم كانوا متهمين بجرائم مخدرات.
يذكر أن جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، والذي عقدت اجتماعاته بالتزامن مع قمة تشهدها نيويورك لنقاش تمويل أهدافه السبعة عشر، يربط بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية والصحية وبين الإصلاحات السياسية وسيادة القانون ومكافحة الفساد.