الأمم المتحدة تجاهلت اغتصاب جنود أجانب لنساء أفريقيا الوسطى

18 ديسمبر 2015
الأمم المتحدة (الأناضول)
+ الخط -

وجّهت لجنة الاستعراض المستقلة، انتقادات حادة للأمم المتحدة بسبب طريقة تعاملها مع المعلومات والتقارير الداخلية حول تعرّض العديد من الأطفال والنساء لتحرش جنسي في أفريقيا الوسطى من قبل جنود في قوات حفظ السلام، والتي لم تخضع لقيادة الأمم المتحدة المباشرة.

وجاءت تصريحات أعضاء اللجنة خلال مؤتمر صحافي عقد مساء أمس، الخميس، في نيويورك بمقر الأمم المتحدة، بمناسبة تسليم اللجنة تقريرها للأمين العام بان كي مون، حيث أكد التقرير، الذي تفوق صفحاته المائة، أن هناك ثلاثة مسؤولين كبار في الأمم المتحدة، أساءوا استخدام سلطتهم بعد إطلاعهم على مزاعم الضحايا.

وخلصت اللجنة إلى أن الأمم المتحدة لم تتصرف بالحساسية والسرعة المطلوبة عند كشف المعلومات حول جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي التي ارتكبها جنود في قوات حفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وكان كي مون قد عيّن اللجنة المستقلة في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وترأستها الكندية ماري ديشامب، وهي قاضية سابقة في المحكمة العليا في كندا. إضافة إلى المديرة التنفيذية لمؤسسة حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا، ياسمين سوكا، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، حسن جالو.

وكانت "منظمة العفو الدولية" أصدرت تقريرا اتهمت فيه جنودا في قوات حفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى "بارتكاب جرائم اغتصاب وتحرش جنسي ضد فتيات في مناطق وحوادث مختلفة، بما في ذلك قتل أب وابنه بصورة عشوائية واغتصاب فتاة صغيرة".

وقدم مبعوث الأمين العام الخاص لجمهورية أفريقيا الوسطى، بابا غاي، استقالته إثر الفضيحة وبطلب من الأمين العام، في سابقة من نوعها، في شهر أغسطس/ آب الماضي.

وأكدت اللجنة أن "البيروقراطية داخل الأمم المتحدة وعدم التنسيق بين الجهات المختلفة ترك الضحايا، حتى بعد كشف المعلومات، في مهب الريح دون أن تقدم لهم أي مساعدات جدية ومجدية آنذاك".
وقالت رئيسة اللجنة، ماري ديشامب: "لقد أهمل المسؤولون على الأرض مزاعم التحرش ولم يخبروا فرنسا إلا بعد أشهر من معرفتهم بالأمر"، وهي الدولة التي يتهم جنود منها بارتكاب تلك الجرائم لكنها ليست الوحيدة.

اقرأ أيضا:أفريقيا الوسطى: عودة الاقتتال الطائفي ترجّح تأجيل الاستحقاقات الدستورية

وأكدت ديشامب أن مسؤولين في الأمم المتحدة، ومنظمة الـ"يونيسف"، ومن مجلس حقوق الإنسان، قاموا بمقابلات وبالتحقيق في صحة الادعاءات دون أن يكلفوا أنفسهم متابعة الموضوع. بل إنهم لم يشعروا بالقلق أو يروا أنه من المهم أن تُرفع هذه الأمور لمستويات أعلى لتُعالج. بل إن رئيس مجلس حقوق الإنسان آنذاك، قرر أن هذه المعلومات من الخطورة والحساسية بحيث يجب "أن تبقى سريّة، وعندما قرر رفعها إلى مسؤولين، قام وبشكل مقصود بوضعها ضمن تقرير ضخم عن تجاوزات لحقوق الإنسان بحيث لم يولها قراؤها الاهتمام اللازم".

وبين أبرز الأمور الصاعقة في التقرير أن "اليونيسف" التي قام أحد موظفيها بالتحقيق، كلفت تنظيما محليا شريكاً لها بمسألة الاهتمام بالضحايا وتقديم المساعدة النفسية لهم. وتمثّل الأمر بقيام تلك المنظمة بجلسة استماع لضحايا التحرش والاغتصاب مرة واحدة ولمدة ساعتين، ولم تكلّف الـ"يونيسف" نفسها عناء متابعة الأمر وما حدث مع الضحايا.

وفي استفسار لـ"العربي الجديد" حول تلقّي هؤلاء الأطفال أي علاج أو تعويضات لاحقا وبعد خروج الأمر للإعلام، قالت ماري ديشامب "ما وصفته يعود لرد فعل يونيسف بعد الكشف والتأكد من وقوع الجرائم عام 2014. وفقط بعدما خرج الموضوع للإعلام وأصبح فضيحة كبرى عام 2015، قامت المنظمة بتقديم المساعدة لتسعة أطفال وتقديم الرعاية الصحية وإخراجهم من المخيمات وإدخالهم إلى مدارس مختلفة والاهتمام بهم كضحايا".

وخلص التقرير كذلك إلى أن موفد الأمين العام لأفريقيا الوسطى آنذاك، بابا غاي، أساء استخدام سلطته ولم يكترث للتقارير العديدة حول الموضوع ولم يكن على سلّم أولوياته بتاتا التعامل مع اتهامات الاغتصاب والتحرش الجنسي ومتابعتها أو توصيل المعلومات حولها لنيويورك وجنيف.
وفي سؤال حول ما إذا كانت الأمم المتحدة تشعر بالمسؤولية الكافية تجاه هؤلاء الضحايا، وخاصة أن من اقترفوا تلك الجرائم هم جنود في جيوش أجنبية، تقول الأمم المتحدة إنهم ليسوا تحت قيادتها المباشرة، قالت ماري ديشامب: "موقفنا كلجنة تقدم توصياتها واضح في هذا السياق، وعلينا أخذ الأمر من وجهة نظر الضحايا، فلا فرق بالنسبة للشخص المُغتصب إذا كان الجندي الذي اغتصبه تحت قيادة الأمم المتحدة أم قيادة جهة عسكرية أخرى".

ومن جهته، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، من نيويورك، إن "الأمين العام يعرب عن أسفه العميق لتعرّض هؤلاء الأطفال للخيانة من قبل الأشخاص ذاتهم الذين كان من المفترض أن يحموهم". وأكد نيته على العمل بتوصيات اللجنة ومعالجة المشاكل المؤسساتية من جذورها، وأكد في الوقت ذاته أن بعض الإصلاحات تتطلب موافقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.


اقرأ أيضا:مبعوثو الأمم المتحدة: إدارة الأزمات لا حلها؟