وقف الطفل سعيد أبو الخير إلى جانب شقيقه صهيب وشقيقته الصغرى ليان يراقبون الجزار، وهو يذبح ويسلخ الأضحية على مدخل بيتهم في حيّ تل الهوا وسط مدينة غزة، والتي اشترك فيها والدهم أيمن وأشقاؤه، بعدما ارتدى الأطفال ملابس العيد، وحملوا الألعاب.
هذا المشهد كان في اليوم الثاني من أيام عيد الأضحى في قطاع غزة، حيث اعتادت العائلة على تفريغه للذبح والتقطيع والتوزيع، وتخصيص اليوم الأول من أيام العيد لزيارة الأرحام والأقارب، واستقبال الضيوف، وباقي الأيام للخروج في نزهات عائلية جماعية.
فضول الأطفال كان سيد الموقف في معظم حالات الذبح، حيث يتجمهر الأطفال حول الأضحية لاستراق النظرات، ومتابعة تفاصيل عميلة الذبح "المثيرة" بالنسبة لهم. ويقول الطفل سعيد (11 عاماً) إنه يحب مشاهدة تلك العملية على الرغم من حزنه على الأضحية أحياناً، وخوفه من المشهد أحياناً أخرى.
بينما يقول والده أيمن لـ"العربي الجديد" إنه وعائلته يقومون بزيارة وإحياء الأرحام بعد أداء صلاة العيد في اليوم الأول، مضيفاً "في حال قدرتنا على الاشتراك بأضحية العيد، نقوم بتفريغ اليوم الثاني، كونها عملية تحتاج إلى وقت في الذبح والتقطيع والتوزيع".
ويختلف المشهد ثاني أيام العيد تماماً عن اليوم الأول، حيث تكتظ المتنزهات والاستراحات والأماكن العامة بالعائلات، كما تقوم النساء المتزوجات بزيارة أهلهن نتيجة عدم تمكنهن من الزيارة في اليوم الأول بسبب استقبال المعيدين والضيوف، ما يعكس حالة أكثر حيوية، عن اليوم الأول الذي يقتصر على مجموعات الرجال فقط.
وتكسو الأرجوحات وسيارات الأطفال المزينة بالإضاءة مداخل المتنزهات، إلى جانب باعة المسليات والذرة والعصائر، ويزيد إقبال العائلات على المنتجعات السياحية وحدائق الحيوانات ومحلات ألعاب الأطفال نهاراً، والاستمتاع بحفلات شواء اللحوم على البحر ليلاً.
الطفل فادي أبو سمرة، بدا منسجماً باللعب مع شقيقته فردوس في حديقة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، ويقول إنه يحب العيد "الكبير" لأن والداه يصطحبانه وإخوته إلى مجموعة أماكن، من بينها "السندباد" وهي مدينة للأطفال، تضم ألعاباً وأراجيح كبيرة.
أما شقيقته فردوس (10 أعوام)، والتي كانت ترتدي اللون الزهري، فتقول إنها تفضل اللعب في العيد على لعبة "الفناجين"، وشراء الحلويات والشيبس، مضيفة "أحصل على عيديتي في اليوم الأول من والدي وأعمامي وأخوالي، وأذهب لأرجوحة جارنا عمو أبو سالم، وفي اليوم الثاني أخرج مع عائلتي، بينما أذهب في اليوم الثالث مع والدتي إلى بيت جدتي".
بينما توضح والدتهم زينب الحلو، أنها تحاول كسر روتين أطفالها خلال أيام العيد، من خلال اصطحابهم إلى مدن الألعاب والأماكن الترفيهية، على الرغم من التكلفة التي تعود عليها وعلى زوجها، "لكن لا شيء يعادل فرحة الأطفال في عيدهم، خاصة في ظل الأوضاع السيئة التي يمر فيها قطاع غزة".
ويتوزع أهالي قطاع غزة خلال أيام العيد على الأماكن العامة والمتنزهات زهيدة الثمن، والمطاعم والفنادق ومدن الألعاب ذات التكلفة العالية، لكنهم يجتمعون على الفرحة والرغبة في خلق أجواء تمكنهم من نسيان واقعهم السيئ الذي فرضه الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عشرة أعوام.