الأسواق البديلة حلول التونسيين لمجابهة غلاء الأسعار

08 يونيو 2017
ارتفاع الأسعار يدفع أسراً تونسية لتغيير أنماط الاستهلاك (Getty)
+ الخط -

بعد مرور أكثر من عشرة أيام على بداية شهر رمضان، لا تعرف الأسعار في أسواق تونس الاستقرار، رغم الوعود الحكومية بخفضها خلال شهر الصيام، فيما اتجه تونسيون إلى تغيير أنماط استهلاكهم والبحث عن أسواق بديلة للسلع لترشيد الإنفاق.

ولا يشتكي التونسيون من نقص في العرض، فكل الأسواق تزخر بمختلف أصناف الخضر والفواكه وحتى المحاصيل التي لم يحن وقتها بعد، بينما يجمع مرتادو سوق سيدي البحري، وسط العاصمة (سوق شعبي)، على غلاء الأسعار، مؤكدين أنهم لم يلحظوا أي تغيير عن الفترة السابقة في هذا الشهر.

وكان التونسيون يعوّلون على أن تثمر الاتفاقات الحكومية المبرمة مع المهنيين من المصنعين والمزارعين، تراجعاً ملحوظاً في الأسعار بما يخفض الضغط على جيوب المستهلكين.

ووسط الزحام في سوق سيدي البحري، تنتقل نجاة مرايحي من منصة عرض إلى أخرى في محاولة للمقارنة بين مختلف الأسعار لعلها توفق في الاختيار بين أجود السلع وأقلها ثمناً، وفق حديثها لـ"العربي الجديد".

وتقول نجاة، التي تعيل أسرة مكونة من ستة أفراد، إنها وضعت استراتيجية للإنفاق في رمضان تقوم على اختيار السلع الأقل ثمناً، مشيرة إلى أنها حددت الإنفاق الأسبوعي بنحو 50 دولاراً، ما يجبرها على قطع مسافة طويلة في السوق للمقارنة بين الأثمان إلى أن تجد ضالتها.

وتضيف أن غلاء الأسعار دفعها لاعتماد سياسة تقشفية والتخلي عن تنويع الأطباق وغيرها من العادات التي يعرفها التونسيون، معتبرة أن لارتفاع الأسعار أيضا محاسن وهي التخلي القصري عن التبذير في الطعام.

وسجّلت المنتجات الغذائية والملابس في تونس أعلى معدلات تضخم منذ سنة 2010، وذلك وفق قائمة أعدها المرصد التونسي للاقتصاد، تضمّنت المنتجات الخمسة التي شهدت أكبر نسب تضخم بين يناير/ كانون الثاني 2010 وإبريل/ نيسان 2017.

وتشمل تِلْكَ القائمة ثلاثة منتوجات غذائية، وهي الخضروات والفواكه والزيوت الغذائية، إضافة إلى الملابس وإكسسوارات الملابس. وتظهر الأرقام الصادرة مطلع يونيو/ حزيران الجاري ارتفاع نسب التضخم في المنتجات الخمسة إلى أكثر من 60%.

وشهدت أسعار الخضروات ارتفاعاً مطرداً، لتتصدر قائمة المنتجات الأكثر ارتفاعاً في الفترة الممتدة بين يناير/ كانون الثاني 2010 وإبريل/ نيسان الماضي، مسجلة نسبة تضخم في حدود 79.3%، وكذلك ارتفعت نسبة التضخم في سلة الفواكه بنسبة 63.55%. وصعدت أسعار الزيوت بنسبة 65.2% منذ 2010، فيما ارتفعت أسعار الملابس بنسبة 60.6%.

ولتجنب لهيب الأسعار في الأسواق يجد بعض التونسيين ضالتهم في الأسواق البديلة، التي توفر سلعاً من المنتج إلى المستهلك سواء في نقاط البيع التي أحدثتها وزارة الزراعة أو بالتنقل إلى مناطق الإنتاج وشراء احتياجاتهم مباشرة من المزارعين.

ويقول المواطن ربيع الماجري إنه يذهب أسبوعياً مع عدد من أصدقائه إلى منطقة "عوسجة" المعروفة بإنتاج الخضروات والفواكه على بعد 50 كيلومترا من العاصمة، مؤكدا أنه يوفر من خلال رحلة التسوق هذه نصف ما يمكن أن ينفقه بالتبضع من أسواق العاصمة.

ويضيف ربيع في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مشكلة الأسعار في تونس مردها كثرة المتدخلين في مسالك التوزيع وعجز الهياكل الحكومية عن تأطير هذه المسالك، مشيرا إلى أن هامش الربح الأكبر يذهب إلى هؤلاء الوسطاء مقارنة بالنزر القليل الذي يجنيه المزارعون.

وفي مقابل تأكيد الكثير من المواطنين على استمرار غلاء الأسعار، يقول عبد القادر التيمومي، مدير عام المراقبة والأبحاث الاقتصادية في وزارة التجارة، إن الأسواق شهدت تراجعاً في الأسعار مقارنة بالأيام الأولى لشهر رمضان بنسبة تراوح بين 15% و20%.

ويضيف التيمومي لـ"العربي الجديد"، أن الوزارة تراقب عبر النشرة اليومية الواردة من الأسواق بورصة الأسعار للتدخل عند الحاجة، سواء عبر ضخ كميات إضافية من المنتجات في حال تسجيل تراجع المعروض، أو بتكثيف حملات المراقبة.

ويشير إلى أن المواد الغذائية التي جرى تخزينها استعداداً لهذا الشهر من بيض ودواجن ولحوم وحليب، أثرت في استقرار الأسواق، لافتا إلى أن أكثر الأسعار تحركاً هي أسعار الخضروات والفواكه، والتي تتسبب في ارتفاع الإنفاق العائلي، ما يضطر التونسيين إلى البحث عن بدائل بما في ذلك محلات البيع التي استحدثتها وزارة الزراعة.

المساهمون