الآثار الإسلامية: أشكال متعدّدة للطمس

30 يونيو 2017
(القصر الفريد في منطقة مدائن صالح، غرب السعودية)
+ الخط -

غطّت عملياتُ تدمير الآثار ونهبها، على يد تنظيمات متطرّفة في أكثر من بلد عربي، على حقيقة تتمثّل بقيام السلطة عبر العصور، بعملية طمس متعمّد للأوابد التاريخية، ليس نتيجة تقصير وإهمال فحسب، إنما رغبة منها في احتكار روايتها الرسمية حول التاريخ، والذي قد توضّح الكشوفات الأركيولوجية بعض تناقضاتها، وتعيد قراءة الماضي على نحو علمي وموثّق.

خسارات على جبهات متعدّدة؛ الأولى تتمثّل في تشويه معالم أثرية لا تنتمي فقط إلى حقب بعيدة، بل يعود بعضها إلى العصور الإسلامية، القريبة زمنياً، ما أفقدها هويتها المعمارية والجمالية من جهة، وأصبحت تتجاور مع مبانٍ طارئة شُيّدت بسبب طفرات عشوائية شهدتها مدننا العربية، ما أدى إلى اضطراب أشدّ في هوية الفرد والمجتمع.

حدث ذلك كله في وقت غُيّبت خلاله أية مشاريع جادة، تهدف إلى كتابة التاريخ العربي والإسلامي وتحريره من الأساطير والرؤى "الدينية"، وكذلك في فهم الانقطاعات الحضارية في مناطق عدّة، سواء في الجزيرة العربية أو أجزاء من بلاد الشام وأفريقيا وغيرها، وهو ما أفضى إلى خسارة ثانية جعلتنا نرتهن فيها إلى تفسيرات ثقافية استشراقية، حول تشكّل مجتمعاتنا وحضارتنا ووعينا بمفاهيم الأمة والدولة والتراث والحداثة.

خسارة ثالثة قادتنا إليها الإخفاقات المتتالية في القدرة على استثمار ما نملكه من إرث إنساني في السياحة خصوصاً، حيث لا تزال تفتقد معظم الدول العربية، أنظمة مراقبة وحماية أمنية تمنع الاعتداءات المتكرّرة على آثارها، وليس لديها استراتيجية واضحة لجذب السيّاح والزوّار الباحثين من الجامعات والأكاديميات حول العالم، كما أنها تفتقر لمتاحف يمكن أن تقدّم خريطة كاملة لحضارتنا عبر توثيق التراث المادي وغير المادي.

قبل أيام، وجّهت مجموعة من المثقفين والكتّاب السعوديين في بيان، انتقادات لإقدام الدولة خلال عقود على إزالة الكثير من المعالم والآثار الإسلامية في غالبية مناطق المملكة، عبر هدم أسواق وبيوت وأضرحة على مدار عشرات السنين، ما يُلقي بصعوبات كبيرة أمام المشاريع التي تنفّذها الحكومة اليوم من أجل إنقاذ العديد منها.

واقع الآثار السعودية الذي يتشابه مع مثيلاتها في بلدان عربية عدّة، يكتسب خصوصية بالنظر إلى أن الهدم طاول مباني تاريخية مهمّة في مكّة المكرمة، في سياق عمليات توسعة وتحديث الحرم فيها، والتي قامت بها السلطات على أكثر من مرحلة، ما تسبّب في هدم آثار يعود بعضها إلى الحقبة العباسية، إضافة إلى قناطر وأعمدة تعود للحقبة العثمانية، بحسب البيان.

المساهمون