اقتصاد برعاية أمنية

18 مارس 2015
من سوق الخضر في مدينة حلب (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
وحده الواقع، يعطي أي كلام عن استفادة النظام السوري من الحرب، بعداً تنظيرياً وشعاراتياً لا قيمة لهما، في واقع يؤثر خلاله على كرسي الوراثة ولو تحول جميع السورين للاجئين، كما تعطي "سورية بخير" التي يروّج لها الأسد، بعداً تضليلياً بدليل نسب الفقر والجوع والبطالة التي دخلت بهم البلاد "موسوعة غينيس" والخسائر التي فاقت تكاليف الحرب العالمية الثانية والتي نافت 202 مليار دولار وفق تقارير رسمية سورية.
بيد أن مواكبات إمساك الاقتصاد تحسب للعصابة الحاكمة بدمشق، وتتماشى مع تطورات الحرب التي دخلها شركاء العقيدة والدم بشكل علني سافر، وتدلل بما لا يقبل الشك، إلى عودة السطوة الأمنية، حتى خلال افتتاح مطعم لبيع الفلافل، وفق ما أسس حافظ الأسد دولته العميقة أيام "الصمود والتصدي".
ولعل المفلت أن لا إخفاء، أو إنكار للجريمة، وإن شاب بعض تصريحات الأسد الابن، بعض تنكر يظهره بموقع الكاذب الأبله، بحسب ما وصفه الإعلام الغربي بعد لقائه مع تلفزيون بي بي سي، فعبارة السلطات المختصة، بدأت تُردّد حتى على لسان أعضاء حكومة الأسد، في نوع من الوعيد ووفق طرائق تطفيشية لدفع من بقي من السوريين للهجرة، لتتاح الفرصة للوافدين الجدد، من طهران وبغداد، لسرقة ما تبقى من ممتلكات وعقارات السوريين.
والقديم المتجدد اليوم، تجلى بإحالة الحكومة شؤون النقد وأسعار الصرف ومراقبة المصارف وبيع العقارات وحتى مراقبة أسعار الأسواق، إلى إدارة الأمن الجنائي بدمشق.
وليس في ترك شؤون الاقتصاد للقوة الأمنية من سر في سورية، بعد تفشي الفوضى وغياب أي رقابة على الأسعار والأسواق، فالأمن من يجوب أسواق المرجة والحريقة وسط دمشق، بل ويعتقل أصحاب شركات الصرافة والسوريين المتعاملين بالدولار، والأمن الجنائي من أصدر -على صفحات الإعلام السوري- خطته لعام 2015 وحدد خلالها دوره الذي يختصر عمل وزارة الاقتصاد، وتدخل في عمل المصرف المركزي وهيئة مكافحة غسيل الأموال، فضلاً عن إحياء الدور الأمني الذي غاب زمن "التطوير والتحديث" في منح الموافقات للمشاريع وفتح المحال.
خلاصة القول: الأمن السوري نشر عبر إعلام الأسد، حالات تعديه على الأسواق وأعداد الموقوفين والأموال المصادرة ودونما اعتبار للمناخ الاستثماري والاقتصادي الذي يبحث عن استقلالية السلطات وفصلها، قبل أن يسأل عن الميزات والقوانين، لتعود سورية، ليس إلى عهد ثلاثية "المنع والقيد والحصر" بل إلى زمن الأسد الأب والموافقات الأمنية على صرف الدولار وتسعيرة الخضار وحتى خلال فتح محل للحلاقة.

اقرأ أيضا:
الأسد يغرق سورية في الديون بزعم إعادة الإعمار
المساهمون