فيما رأى آخرون، أن التعافي الاقتصادي غير ممكن دون دعم عربي وخليجي، ولكنهم راهنوا على عدم الرضوخ للدعم الخارجي والتوجه نحو الاعتماد على الذات والإنتاج المحلي.
وقدمت السعودية والإمارات حزمة مساعدات، يصل إجمالي مبالغها إلى ثلاثة مليارات منها 500 مليون دولار مقدمة من البلدين كوديعة في البنك المركزي السوداني.
في هذا الصدد، تساءل الخبير الاقتصادي عبدالله محمود، لماذا تقدمت السعودية بدعم اقتصادي في هذه اللحظة، مشيراً إلى دخول البلاد خلال الفترة السابقة ولمدة طويلة في ضائقة اقتصادية صعبة لم تقدم لها الدعم بالصورة المطلوبة وأرجع خطوة السعودية لتخوّف الخليج من ثورات الربيع العربي، خاصة في السودان والتي اقتلعت نظاماً دام ثلاثين عاماً كان ينفذ كل ما تطلبه منه ضد إرادة الشعب، مشيراً إلى أن الدعم جزء من الاحتواء في المرحلة المقبلة.
وأضاف محمود، أن دول الخليج لا تقدم دعماً دون مقابل، ولكنه قال إن حاجة البلاد في الوقت الراهن تتطلب قبول الدعم المقدم من السعودية، خاصة وأن النظام السابق ساهم في تدهور اقتصاد البلاد.
وحذر من "خطورة استمرار الدعم حتى لا يكون مجالا لاحتواء خليجي للبلاد وتكون ضريبة تملي علينا سياساتهم". وقال: "لا بد أن يكون نظام الحكم ديمقراطياً في الفترة المقبلة ومتيقظاً، مشيراً إلى محدودية دور المجلس العسكري والتي تتمثل في توفير الأمن واستقرار البلاد".
وشدد على ضرورة تكوين حكومة مدنية تضم كوادر مؤهلة لتخرج البلاد من أزماتها الاقتصادية ولا ترهن مصير شعبها للدعم والمعونات الخارجية، بجانب الاهتمام بتوحيد الرؤى، خاصة أن السودان يحتاج إلى إصلاح مؤسسي كبير للخروج من الاضمحلال الاقتصادي.
وطالب محمود المجلس العسكري بضرورة الإسراع في التحرك، حتى لا يتفاقم الوضع الاقتصادي الذي من شأنه أن يرمي البلاد في أحضان دول تسعى إلى ترويضها.
وقال إن استمرار تدفق الدعم الخليجي لا يصب في مصلحة البلاد، خاصة أن السودان يمتلك العديد من الموارد التي تؤهله اقتصادياً.
بدوره، يرى وزير المالية الأسبق عزالدين إبراهيم، أن المساعدات الاقتصادية المقدمة من الدول الخارجية لن يكون لها أثر فعال حالياً بل تحتاج إلى مدة زمنية.
وقال لـ "العربي الجديد"، إن الإصلاحات المطلوبة تشمل إصلاحات على المدى الطويل والقصير، خاصة أنهما يكملان بعضهما. وحذر من الدخول مجدداً في أزمات بسبب الاعتماد على معونات دون إجراء إصلاحات إدارية.
ونصح بأن تشمل الإصلاحات على المدى الطويل التنويع الاقتصادي، كالدخول في المجال الصناعي بكافة أنواعه والصناعات المساندة للزراعة، كصناعة الأسمدة والاهتمام بالخدمات وتصديرها مثل السياحة العلاجية لأنها تلعب دوراً مهماً في تدفق النقد الاجنبي. مضيفا أنه من المعروف أن نصف الاقتصاد السوداني يعتمد على الخدمات، كتحويلات المغتربين التي تساهم بصورة كبيرة في رفد الاقتصاد.
من جانبه، يرى الاقتصادي التوم إبراهيم، في الدعم السعودي-الإماراتي مخرجاً من الأزمة الراهنة، ولو لفترات قليلة يمكنها من تخفيف العبء على المواطن إلى حين ترتيب الأوضاع. وقال إنه يبدو أن السودان موعود بتحول جديد في علاقاته الخارجية، لكنه يشترط في ذلك تبادل المصالح.