استهداف أبو همام الشامي: بداية تصفية "الجيل الجهادي الثالث"

07 مارس 2015
تتكاثر التسريبات بشأن بداية انشقاق "النصرة" عن "القاعدة"(فرانس برس)
+ الخط -
يعدّ المسؤول العسكري لجبهة النصرة، أبو همام الشامي، الذي تتضارب الروايات حول مصيره بعد غارة شنتها طائرة من دون طيار قبل أيام على أحد مقار الجبهة حيث كان يُعقد اجتماع لقياداتها، صاحب تاريخ طويل في العمل الجهادي منذ انضمامه إلى تنظيم القاعدة وتنقله بين أفغانستان وسورية ولبنان.

السوري سمير حجازي، يقول بعض مَن يعرفه إنه في منتصف الأربعينات من عمره. انضم أبو همام إلى تنظيم القاعدة في العام 1998، بعد إعلان أسامة بن لادن عن تأسيس "الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين"، وبعد التفجيرات التي طالت سفارتي الولايات المتحدة الأميركية في كل من دار السلام (تانزانيا) ونيروبي (كينيا) في 7 أغسطس/ آب 1998.
لم يكن أبو همام مسؤولاً كبيراً في تنظيم القاعدة في تلك المرحلة. انضم إلى معسكر الفاروق التابع لتنظيم القاعدة، بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول. ويُشتهر هذا المعسكر بتدريبه المقاتلين أيديولوجياً إلى جانب التدريب العسكري. تحوّل أبو همام إلى مدرّب في معسكر الفاروق. وقد التقى ببن لادن في أفغانستان، لكنه لم يكن على صلة بأسامة بن لادن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001. ويعتبر من "الجيل الجهادي" الثالث، وذلك في مقياس الخبرة. إذ يُعد جيل أسامة بن لادن الأوّل، وأبو مصعب الزرقاوي وزملاؤه في العمل الجيل الثاني.

اقرأ أيضاً: "أحرار الشام" الهدف المقبل لـ"النصرة"؟

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وما تلاها من احتلال أميركي لأفغانستان، غادر أبو همام معسكر الفاروق وعاد إلى بلاده. وهو أمر قام به عدد من مقاتلي القاعدة بعد الاحتلال الأميركي. وعمل مع تنظيم القاعدة في سورية وفي العراق (تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين الذي تزعمه أبو مصعب الزرقاوي). وتولّى أبو همام مسؤوليّة تدريب الشبان في سورية وإرسالهم إلى العراق، مستفيداً من "المضافات" التي أمّنتها السلطات السورية حينها لهم.
لكن النظام السوري بدأ بتشديد قبضته الأمنية في العام 2008، بعد أن اتهمت واشنطن دمشق بأنها مصدر نحو 90 في المئة من المقاتلين الأجانب الذين يدخلون العراق. ونتيجة لهذا الأمر، هرب أبو همام من سورية مع أبو طلحة الدوسري، وهو كويتي الجنسية. وهما الدفعة الثانية التي تغادر سورية إلى لبنان بعد مجموعة اللبناني حسن نبعة.
أوقف الجيش اللبناني أبو همام وأبو طلحة، وحكمت المحكمة العسكرية عليهما بالسجن لأربع سنوات بتهمة تشكيل عصابة مرتبطة بالقاعدة والقيام بأعمال إرهابية في لبنان وسورية، "على الرغم من أنه لم يكن في ملفهما ما يدينهما لجهة العمل في لبنان".
لم يُشارك أبو همام في عملية "الهروب الكبير" من سجن رومية والتي فر خلالها أبو طلحة وثلاثة من موقوفي تنظيم "فتح الإسلام"، وتوجه بعدها إلى سورية حيث قتل. وعدم مشاركته تُؤكّد ما يقوله عدد من الذين عرفوا أبو همام في مبنى الموقوفين الإسلاميين (السابق) في سجن رومية. إذ يقول هؤلاء إنه أعلن مراراً عدم موافقته على ما قامت به "فتح الإسلام".

ويؤكّد مَن عرفه، أن أبو همام كان يرفض تأسيس أي عمل عسكري أو أمني لتنظيم القاعدة في لبنان، إذ يرى أن فيه ضرراً كبيراً للساحة الإسلاميّة. وهو ما حصل برأيه نتيجة سيطرة تنظيم فتح الإسلام على مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، شمال لبنان.
ويُشير هؤلاء إلى أن أبو همام كان محبوباً في السجن، إذ كان "صاحب أخلاق ودمث، بعكس العديد من الإسلاميين، لكنه لم يكن مميّزاً بصفة قياديّة"، كما يقول أحد عارفيه. ويؤكّد أنه لم يُشارك في أي من المشاكل التي نشبت بين الإسلاميين، وهي كثيرة، "فأي اختلاف في وجهات النظر كان يؤدي إلى التضارب". كما أنه لم يكن من المتشددين فكرياً، وقد ترجم هذا الأمر "بخروجه بتسجيل مصوّر وبوجه مكشوف ويُعلن فيه رفضه لـ"داعش" وطريقة عملها، فهو كان ضد استسهال "داعش" لسفك الدماء.
خرج أبو همام من سجن رومية عام 2012، ومن المفترض أنه انتقل إلى سورية بشكل سريع، إذ لا وجود لمعلومات عن بقائه في منطقة لبنانيّة لفترة معينة. وتولّى مسؤوليّة القيادة العسكريّة لجبهة النصرة. ويُعدّ أبو همام من القيادات التي لا تُمانع بفكّ الارتباط العلني بتنظيم القاعدة، إذا ما كان ذلك "لمصلحة المجاهدين في سورية". والمثير أنه انتشرت معلومات من أسابيع عن عزله من موقعه كمسؤول عسكري، وذلك بالتزامن مع بداية الكلام عن انشقاق "النصرة" عن "القاعدة".

اقرأ أيضاً: "الجيش الحرّ" ينمو في الساحل السوري