استهداف "القاعدة" يستبق المحادثات اليمنية

16 ابريل 2016
وقف إطلاق النار لا يزال صامداً (فرانس برس)
+ الخط -
تشهد المحافظات الجنوبية في اليمن تحوّلات متسارعة مع اقتراب الموعد المقرر لانطلاق محادثات السلام في الكويت يوم الإثنين المقبل، إذ تمكّنت قوات حكومية من استعادة السيطرة على مدينة الحوطة مركز محافظة لحج من أيدي مسلحي تنظيم "القاعدة"، في وقت كشفت فيه مصادر أميركية لوكالة "رويترز" عن طلب إماراتي من واشنطن دعماً في عملية عسكرية ضد التنظيم.

وأكدت مصادر محلية في محافظة لحج جنوبي اليمن لـ"العربي الجديد"، أن القوات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة والسلطة المحلية في عدن، تمكّنت من الدخول إلى مدينة الحوطة مركز محافظة لحج، والتي كانت من المناطق الحساسة الواقعة تحت سيطرة مسلحي تنظيم "القاعدة "وتعتبر البوابة الشمالية إلى عدن.

وأوضحت المصادر أن هذا التطور جاء عبر عملية عسكرية تمت من محورين، إذ تقدّمت قوات تابعة للشرعية من قاعدة "العند "الواقعة شمال الحوطة، وتقدّمت قوة أخرى من جهة عدن إلى الجنوب منها، فيما انسحب مسلحو تنظيم "القاعدة" بعد غارات جوية يُعتقد أنها نفذت بواسطة مقاتلات إماراتية استهدفت مقرات يسيطر عليها التنظيم خلال الأيام الماضية، وسط أنباء عن اعتقال أكثر من 40 مسلحاً من قبل القوات الأمنية التي انتشرت في المدينة.

وتعدّ الحوطة البوابة الشمالية إلى عدن، وتبعد عنها نحو 20 كيلومتراً، وكان مسلحو التنظيم انتشروا فيها منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وبدأ التحالف منذ فبراير/شباط من العام الحالي غارات متفرقة على مقرات ومواقع يسيطر عليها مسلحو "القاعدة" تركزت في مدينة الحوطة ومحيطها ومدن محافظة أبين، فضلاً عن غارات أخرى في حضرموت.



وعلى الرغم من التقدّم السريع للقوات الأمنية، بدا واضحاً أن تنظيم "القاعدة" استخدم استراتيجية الانسحاب من المواجهة المباشرة بعد الخسائر التي تلقاها بالضربات الجوية، ومن غير المستبعد أن يرد على هذه العملية بهجمات مباغتة، أو يتوجّه لإسقاط مدن أخرى، كما حصل في سنوات سابقة شنّت خلالها القوات الحكومية حملات لتحرير مدن في محافظتي أبين وشبوة وانسحب التنظيم ليرد بهجمات في مدن أخرى أو يختفي ريثما تهدأ العاصفة.

وفي سياق الحرب ضد "القاعدة"، كشف مسؤولون أميركيون لوكالة "رويترز"، أمس الجمعة، أن الولايات المتحدة تدرس طلباً من دولة الإمارات بدعم عسكري يساعد في شن هجوم جديد ضد تنظيم "القاعدة" باليمن.

وقال المسؤولون إن "الإمارات طلبت مساعدة الولايات المتحدة في عمليات إجلاء طبية وبحث وإنقاذ خلال القتال ضمن طلب أكبر بدعم جوي ومخابراتي ولوجيستي أميركي"، وأشارت الوكالة إلى أنه لم يتضح بعد ما إذ كان الطلب الإماراتي يشمل قوات أميركية خاصة.

وكشف المسؤولون، بحسب "رويترز"، أن "الإمارات تجهز لشن حملة على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، لكنهم رفضوا الإدلاء بتفاصيل. ورفض البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية، وكذلك مسؤولون إماراتيون التعليق، كما تواصلت "العربي الجديد" مع مسؤولين في الحكومة اليمنية، إلا أنهم اعتذروا عن التعليق، مشيرين إلى عدم معرفتهم المسبقة بأمر كهذا.

وكان لافتاً أن الكشف عن هذا الطلب الإماراتي، لم يتحدث عن التحالف العربي المفترض أن تندرج العمليات الإماراتية تحت قيادته، كما هو حاصل في اليمن منذ أكثر من عام، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى التنسيق بين الإمارات وبقية دول التحالف التي تقودها السعودية في العملية المعلن عنها.

يشار إلى أن الولايات المتحدة تشارك عملياً بضربات جوية في اليمن منذ أواخر العام 2009، تستهدف مشتبهين بالانتماء لتنظيم "القاعدة"، ونجحت الضربات الأميركية خلال العام الماضي بقتل العديد من قادة التنظيم، من الصف الأول والثاني، وفي مقدمتهم مؤسس ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب"، ناصر الوحيشي. من جهتها، بدأت الإمارات في الشهور الأخيرة، عمليات متقطعة تستهدف مقرات وتجمعات مفترضة لتنظيم "القاعدة" ابتداءً من أحياء عدن، وصولاً إلى مدن محافظتي لحج وأبين المحاذيتين لعدن.

ويعتبر محللون أن دخول واشنطن إذا ما تعاظم في الفترة المقبلة في أية عملية موسّعة، قد يشكل دافعاً قوياً لتنظيم "القاعدة" للقيام بهجمات انتقامية، بعدما انسحب أمام العملية التي نُفذت في المنصورة بمدينة لحج، وأخيراً في الحوطة، فيما تبنّى أغلب الهجمات المسلحة جنوباً تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وآخرها سيارة مفخخة يوم الجمعة.

وتأتي هذه التطورات مع حراك سياسي تشهده المحافظات الجنوبية في اليمن، إذ يحضّر الحراك الجنوبي بشقه المتمسّك بمطلب "الانفصال" لتظاهرة حاشدة يوم الأحد، قبل الموعد المحدد لانطلاق محادثات الكويت بيوم واحد، ويسعى القادة الجنوبيون المتمسكون بمطلب الانفصال إلى إيصال رسائل للمحادثات تؤكد التمسك بما يطلقون عليه مطلب "الاستقلال".

ومن المتوقع أن تؤثر أي عملية تصعيدية ضد القاعدة جنوب اليمن، على مسار المحادثات وعملية وقف إطلاق النار الهش المقر شمالاً، والذي صمد نسبياً حتى اليوم، مع استمرار الخروقات بشكل يومي.